واصلت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة, برئاسة المستشار شعبان الشامي, نظر الطعن بالاستئناف المقدم من النيابة العامة، على القرار الصادر أمس الأول "الثلاثاء" من غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة، بإخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك على ذمة التحقيقات في قضية اتهامه بالكسب غير المشروع، وذلك بعد تنحي المستشار محمد عامر جادو عن نظر الاستئناف لاستشعارها الحرج. وقررت المحكمة عقد الجلسة سرية، وتم إخلاء القاعة من جميع وسائل الإعلام, وبدأت المحكمة في الاستماع إلى المرافعة وكشف المستشار محمود الحفناوي، المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام، عن أن قيمة الثروة التي حققها الرئيس السابق حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت ونجليه علاء وجمال وزوجاتهما هيدي راسخ وخديجة الجمال، تبلغ 9 مليارات جنيه، وفقًا لما أكدته تقارير هيئة الرقابة الإدارية وجهاز الكسب غير المشروع والجهاز المركزي للمحاسبات. وقال المستشار الحفناوي، في مرافعته، إن ذلك المبلغ يشمل قيمة ثرواتهم السائلة والنقدية والأسهم في الشركات داخل مصر.. مشيرًا إلى أن التحقيقات أظهرت أن الأموال السائلة الخاصة بهم تبلغ 3 مليارات جنيه نقدًا، فيما تبلغ قيمة ممتلكاتهم من الأسهم في العديد من الشركات نحو 5 مليارات جنيه، وتقدر ثرواتهم العقارية بمليار جنيه. وقدم المستشار الحفناوي للمحكمة 10حوافظ مستندات رسمية تؤكد صحة تلك المعلومات. وقال ممثل النيابة العامة للمحكمة إن مبارك استغل نفوذه وتربح لنفسه ولذويه جراء استغلاله لنفوذه كرئيس للبلاد، مشيرًا إلى أن الرئيس السابق حصل على شقتين لهايدي راسخ زوجة نجله علاء، من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى تبلغ مساحتهما 1128 مترًا بمشروع النايل بلازا بالجيزة بمبلغ مليون ونصف المليون دولار، بينما بلغ سعر البيع الحقيقي لهما في ذلك الوقت 4 ملايين و 600 ألف دولار، وهو ذات السعر الذي قام هشام طلعت مصطفى بالبيع به لشقتين مماثلتين في ذات العقار. كما قدم المستشار محمود الحفناوي إلى المحكمة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات والذي يفيد أن الفيلات الخمس بشرم الشيخ التي تم تخصيصها لكل من حسني مبارك ونجليه علاء وجمال وزوجاتهما هيدي راسخ وخديجة الجمال – تم سداد قيمتها بالكامل من أموال الشركة المملوكة لرجل الأعمال حسين سالم، إلى جانب قيام شركة المقاولون العرب بتشطيب تلك الفيلات بمبلغ 50 مليون جنيه. وقال المستشار الحفناوي إن شركة المقاولون العرب قامت بتنفيذ أعمال تشطيب مقبرتين خاصتين بعلاء مبارك ورجل الأعمال مجدي راسخ بمصر الجديدة بما قيمته 14 مليون جنيه، موضحًا أن قيام المقاولون العرب بتلك الأعمال، سواء بتشطيب الفيلات أو المقابر، تم جراء استغلال النفوذ الرئاسي. وأوضح أن هايدي راسخ حصلت على قطعة أرض من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بشرم الشيخ عام 2005 وقيدت في الأوراق بأن مساحتها ألف متر وسددت قيمتها بمبلغ مليون جنيه، بينما تبين أن مساحة الأرض المخصصة لها فعليا 5 آلاف متر، وأن هناك فيلاتين مبنيتين داخلها، كان قد تم بناؤهما عام 1999 ، ومن ثم يبلغ السعر الحقيقي لتلك الأرض في ذلك الوقت 8 ملايين جنيه. واستمعت المحكمة إلى مرافعة فريد الديب، محامي الرئيس السابق، الذي أكد أنه لا يوجد دلائل على ما نسب إلى موكله من اتهامات، مؤكدًا عدم صحتها وأن القصد منها الإساءة لموكله، وأشار إلى أن شقتي منطقة نايل بلازا والتي قالت التحقيقات إنها تخص مبارك تبين أنهما ملك لهايدي راسخ ووالدها وقاما بالتنازل عنها للدولة وكشف الدفاع أن جهاز الكسب عبر النيابة أقام دعوى لبطلان التنازل عن هاتين الشقتين، وتم رفضها واستأنفت النيابة العامة ورفض استئنافها أيضًا بجلسة أول أمس أمام إحدى الدوائر المدنية بمحكمة شمال القاهرة وأبدى الدفاع اندهاشه من ذلك الإجراء وقدم للمحكمة خطابًا مرسلًا من هيئة قضايا الدولة للنيابة تتضمن أن الهيئة لم تطلب من النيابة الاستئناف وأن ذلك من اختصاصها.
كانت النيابة العامة طالبت في الاستئناف المقدم منها إلى محكمة الجنايات استمرار حبس مبارك احتياطيًا على ذمة التحقيقات في قضية اتهامه بتحقيق كسب غير مشروع. وكانت غرفة المشورة بمحكمة جنح مستأنف الأميرية قد استندت في قرارها بإخلاء سبيل مبارك على ذمة التحقيقات، أنه لا يمكن أن يستمر حبس متهم احتياطيًا على ذمة ورود تقرير فني، حيث إن ذلك الأمر يخل بالضمانات المقررة قانونًا في شأن حقوق المتهم المحبوس احتياطيًا، وهو الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم توافر مبررات الحبس الاحتياطي. وكان جهاز الكسب غير المشروع قد أمر في 12 مايو 2011 بحبس مبارك احتياطيًا لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، لاتهامه بجني ثروات طائلة بصورة لا تتفق مع مصادر دخله المشروعة، بما يشكل جناية الكسب غير المشروع، ثم أمر بتجديد حبسه بصفة متوالية على ذمة التحقيقات التي لا يزال يباشرها الجهاز.