هل قال أحد للسيد الرئيس إن أي دماء تسال في الاضطرابات المتوقع حدوثها نهاية هذا الشهر سواء أكانت من المواطنين المؤيدين له أو المعارضين ستكون في رقبته وحده يوم القيامة بصفته راعيا للأمة، وكل راع مسئول عن رعيته، ولن يستطيع وقتها أن يعتذر بأن بعض مستشاريه أو أتباعه قد شاركه في الأمر، كما لن ينفعه أن يعتذر بأن كثيرًا ممن يسمون أنفسهم بالمعارضة لهم دور كبير في التحريض على إسالة تلك الدماء أو ربما المشاركة في إسالتها؟.. ولذلك أنصحه إن بلغته النصيحة أن يسعى من الآن للحيلولة دون سقوط قطرة منها بكل السبل، ومهما كان الثمن غاليًا، فليس ثمة أغلى من النفس البشرية التي استرعاه الله إياها.. وإذا كان الرئيس قد ذكر في أكثر من حديث أنه يتأسى بالفاروق عمر رضي الله عنه وأحسبه صادقًا في ذلك فإني أذكره بأن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لما بلغه شغب أهل البصرة على صلحاء أمرائهم، وأنه كلما عين عليهم أميرًا ثاروا عليه، قال: لأن أبدل لهم كل يوم أمير خير من أن أفسد قلوبهم، يعني كان حريصًا على استبدال كل أمير يشكون من سيرته (وإن كانوا كذابين في ادعائهم)، وأدًا للفتنة وتسكينًا لقلوبهم.. ومن هذا المنطلق فإني أقول له إن بلغه قولي لا ضير أن يغير الوزارة ورئيسها مرة ومرات، إن كان في ذلك صلاح ورضا لهؤلاء المعترضين على حكومة الدكتور قنديل، ولا بأس أن يبدل النائب العام مرة ومرات إن كان في ذلك تأليفًا لقلوب المشككين، وقد يكون في حكومة قنديل الكفاءة المرجوة، وقد يكون في النائب العام الحالي مهارة وإخلاص ليس في غيره، ولكن المخلصين لهذا البلد (مصر) يرون أن حكومة ضعيفة يجمتع عليها الناس خير من حكومة قوية يفترق عليها الناس، هذا إن صح زعمنا أنه لا يمكن الإتيان بحكومة ائتلافية تفوق حكومة الدكتور قنديل في أدائها، وإن صح زعمنا أن المجلس الأعلى للقضاء يعجز عن ترشيح من هو أكفأ من النائب الحالي. وأما عن ترشيح الوزراء المقربين من الإخوان المسلمين، فلا أنا ولا غيري يمكن أن يشكك في قدراتهم ومهاراتهم وإخلاصهم وتفانيهم في الأداء، ولكن في ظل الجو المشحون يمكن استبدالهم بآخرين ممن هم على كفاءتهم، ومن قال: إنه لا وجود لهؤلاء الأكفاء فهو يفتري على شعب يمد أكثر دول العالم المتقدم وعلى رأسها أمريكا وأوروبا بالعباقرة والنبهاء في شتى التخصصات.. وأذكر السيد الرئيس إن وصلته التذكرة أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه التقي النقي صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جهز بماله الخالص جيش العسرة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، أقول رغم تلك المكانة فإنه لما ولى بعض أقاربه من بني أمية، وكانوا جميعًا مشهودًا لهم بالصلاح والكفاءة في إدارة البلاد، لم يشفع له ذلك، وثار عليه الرعاع والمنافقون وألبوا عليه الناس حتى انتهى الأمر بقتله رضي الله عنه ودخل العالم الإسلامي في فتنة انتهت بزوال حكم الخلفاء الراشدين وظهرت الفرق الإسلامية التي ما زال أثرها المشئوم قائمًا إلى الآن، وكل ذلك بسبب شبهة.. فيا سيادة الرئيس من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه..