كنت أتصور وما زلت، أن قادة الإسلاميين سيقدمون لمصر الأداء المعتبر والمثمر، لا لشيء مقارنة بغيرهم، إلا لأن الدنيوى عندهم لا ينفصل عن الدينى، حتى لو شاب الدنيوى عندهم فى «الأسباب» بعض القصور، فالدينى عندهم وبمفهومه الشامل، سيحضهم سريعاً على الانفتاح لاستكماله، انفتاح الواثقين وانفتاح المخلصين لرفعة وطنهم، فأين المشكلة بعد هذه المقدمة؟ المشكلة «نظرياً» ويقيناً للأسف، فى الشق الدينى، وتحديداً فى الوعى بشمولية الدين الخاتم. بالتأكيد أنا أتحدث عن الإخوان المسلمين تحديداً، بحكم الفرصة التى أتيحت لهم، ثم من واقع المخرجات، وما لنا عليها من ملاحظات بل ونقدٍ قاسٍ مستحقٍ لبعضها، ولكن تبقى المشكلة الهامة أيضاً وهى قلة هذه المخرجات، وغياب العظمى منها تحديداً. ومع ذلك فما تطلعنا إليه لمصر على أيدى الإسلاميين، ما زال ممكناً تحقيقه، بعد مراجعة، الآن. خطابٌ مناسب وتبقى الترجمات، أقصد خطاب الرئيس الأخير عن نهر النيل والتحديات، ولن أتوقف عند دعوته «السياسية» للمصالحة، وضعتُ سياسية بين قوسين، لأن هذه الدعوة ورغم رقيها وكذلك «توثيقها»، فإنها تنطلق عندى من شبه يقين بأن الخصم السياسى لن يستجيب لها، كما أنه «أغبى» من أن يستجيب لها، وسنتحدث عن هذا «الغباء» وغيره كذلك، ولكن بعد 30 يونيه بإذن الله، ولكنى فقط أقول الآن، إننى لم أتوقع أبداً من الخصم السياسى الكاره لنفسه والظالم لها ولمصر كذلك، أن يستجيب لأى دعوة «سابقة» على الإطلاق، كما أعترف أننى لم أتمنَّ منهم ذلك، ولهذا وذاك حديث آخر كما أسلفنا، فقط نطالب أجهزة الدولة المعنية، بأن تحمى الممتلكات العامة والخاصة، وأن ترصد وتسجل كل واقعة خروج على القانون، وعلى الإسلاميين أن يلزموا منازلهم فى هذا اليوم. كما لن أتحدث الآن عن نهر النيل والتحديات، على أهميته وأهميتها، لأن الأمر شديد التعقيد بالنسبة لى، ولأننى لست من صنف الناس الذين يستسهلون الخوض فى الشئون الجلل لمجرد تسجيل مواقف نظرية أو استعراضية، هذا من جانب، ثم من الجانب الآخر انتظاراً لبزوغ رؤية علمية «رسمية» ومعلومات دقيقة عن خريطة التداخلات الإقليمية والدولية فى الجنوب، ولأى مدى ستصل هذه التداخلات وستستمر صريحةً وعلنيةً أو مقروءة فى الخفاء، أقول ربما نستطيع حال توافر ما تقدم أن نتواصل مع هذا الشأن الجلل إذا توافرت لدينا القدرات، ولكن ما ننصح به الآن، هو إدراج استقطاب «الاستثمار العربى» فى إفريقيا ودول حوض النيل تحديداً، كعنصر من عناصر الحل، وفى هذا الشأن يمكن أن نتحدث كذلك عن سدود فى دول الحوض، ولكنها مناسبة لنا من حيث تجنب الأضرار، ونتحدث عن ربط كهربائى وبنية أساسية من طرق ومواصلات وغيرها، ومن ثم إقامة مجتمعات زراعية جديدة وحديثة فى دول المنبع كلها إضافة للسودان، كل ذلك استثمارٌ فضلاً عن عوائده الاقتصادية على مستثمريه، فعوائده الأخرى عديدة، فقط علينا تخير أدوات تسويقه لدى أشقائنا العرب. وبمناسبة الحديث عن إفريقيا، فلقد قلت فى مقالى السابق إن من الأسئلة التى كانت تراودنى، بحثاً لها عن إجابات لا ينشغل بها الكثيرون، سؤالان. واليوم سأجيب على سؤالٍ منهما، ونصه: ما أفضل سبل الحصول على العملة الصعبة؟ غير تلك التى تخص: عوائد الصادرات، وتحويلات العاملين فى الخارج، وإيرادات قناة السويس، وكل الرسوم التى تفرض بالعملة الحرة على الأجانب؟ وقبل أن أجيب عليه الآن، سأطرح سؤالاً آخر كمقدمة للإجابة، ما أسوأ استثمار أجنبى لدينا فى مصر؟ هو ذلك الاستثمار الذى يحول أرباحه وفوائضه التى حققها بالجنيه المصرى، إلى عملة حرة ويحولها خارج البلد، فضلاً عن كونه زاحم ونافس استثماراً مصرياً فى هذا المجال، علماً بأن الاستثمار المصرى، لا يحول فوائضه أو لا يحولها كلها، إلى عملة حرة. إلى هنا فنجيب على السؤال الأساسى، فنقول إن من أفضل ما يمكن أن نتحصل عليه من العملة الحرة، هو ذلك الذى يتأتى من استثماراتنا فى الخارج، وها هى إفريقيا متاحة أمامنا، ولكن هذا يحتاج إلى «شغل». أما ما بقى لى من خطاب الرئيس، فهو دعوته المصريين لكى يقدموا مشوراتهم ورؤاهم، ونتمنى ألا يكون هذا الحديث «سياسياً» بين قوسين، ونتمناه أن يكون مقدمة لانفتاحٍ علمىٍّ يحصد عوائد عديدة، فإن تحقق ذلك فيمكن البناء عليه لمرحلة جديدة، تتدارك الأخطاء وتتطلع إلى العظيم من الإنجاز. سننتظر لنرى، كل ترجمات الخطاب. · العجزة المفلسون «الواهمون» حين يجتمعون، وفى وقت قلت فيه الابتسامة، يقدمون لنا الآن ما يستحضرها، متمثلاً فى أعظم أعمالهم الكوميدية، تحت عنوان «ماذا بعد الرحيل؟». ونحن ندعو فى المقابل إلى ما لن نمل من تكراره، وهو الدعوة إلى عملٍ جادٍ مسئول، تحت عنوان: ألم يئن لنا أن نجتمع على تدشين دولةٍ مؤسسيةٍ مديرةٍ علميةٍ مبدعةٍ «منفتحةٍ»؟ وخاصة أننا دعوناكم أيها الإخوان ومنذ عامين، عندما انتهجتم سياسة «الطبطبة» والوقوع فى فخ الاستدراج، والاستغراق فى الأمانى الزائفة من جانب والهواجس المرضية من جانب آخر، إلى تجاوز هؤلاء العجزة عبر الأعمال العظمى، فهل من يقظة الآن؟ ربنا يهدينا ويهديكم. محسن صلاح عبدالرحمن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.