تواصل جماعة "الإخوان المسلمين" مبادرتها الرامية إلى طي صفحة الخلافات مع خصومها السياسيين، بزيارة يقوم بها عدد من قيادات الجماعة صباح اليوم إلى المقر المركزي للحزب الناصري بوسط القاهرة، لعقد لقاء مع قادة الحزب، على غرار الاجتماع مع قادة من حزب "التجمع" في الأسبوع الماضي. ويعد لقاء "الإخوان" و"الناصري" هو الأول من نوعه بين الطرفين ويهدف إلى نبذ الخلاف التاريخي بينهما، والذي ترجع جذوره إلى الحقبة الناصرية، بسبب الصراع السياسي بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والجماعة، والذي بلغ ذروته إبان تلك الفترة بشن حملات اعتقالات طالت الآلاف من أعضاء الجماعة وإعداما عدد من كوادرها آنذاك، وعلى رأسهم منظرها سيد قطب. وسيمثل الجماعة إلى اللقاء وفد يرأسه الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي للجماعة، ويضم كلاً من الدكتور أحمد دياب الأمين العام الكتلة البرلمانية للإخوان، والمهندس علي عبد الفتاح، في حين يمثل "الناصري" أحمد حسن الأمين العام، وأحمد الجمال نائب رئيس الحزب، وتوحيد البنهاوي عضو المكتب السياسي. وينتظر أن يتوج اللقاء باتفاق الطرفين على طي صفحة الخلاف في سبيل الإصلاح السياسي الذي تطالب به قوى المعارضة، وإلغاء حالة الطوارئ السارية في مصر منذ نحو 30 عامًا، والدفع لإجراء تعديل على قانون مباشرة الحقوق السياسية، وتوحيد قوى المعارضة وراء المطلب بتعديل الدستور خاصة المادة 76 لرفع القيود عن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، والتصدي لمحاولة تزوير الانتخابات. وقال الدكتور محمد البلتاجي الأمين المساعد للكتلة البرلمانية للإخوان في تصريح ل "المصريون" إن اللقاءات ستستمر في المرحلة الحالية على مستوى القيادات العليا في الجماعة والأحزاب والقوى السياسية، وألمح إلى الفترة القادمة يمكن أن تشهد رفع مستوى الاجتماعات لتعقد على مستوى القمة، بمشاركة المرشد العام للإخوان ورؤساء الأحزاب والقوى السياسية الأخرى. وأكد أن مشاركة المرشد الدكتور محمد بديع في اللقاءات التي تعقدها الجماعة مع الأحزاب وتحظى بدعمه يتوقف على نضج عملية الحوار والتوصل إلى شراكة قوية وحقيقية، موضحا في هذا الإطار أن اللقاءات تحرز تقدما وتسفر عن اتفاقات محددة يتوافق عليها كل الأحزاب وجماعة الإخوان. وردا على سؤال حول إمكانية أن تشمل جولات الحوار في المستقبل الحزب "الوطني" في ضوء ما تردد من أنباء عن دخول الإخوان والحزب في جولات حوار، نفى البلتاجي الأمر بشكل قاطع، وتساءل: كيف يكون هنالك حوار مع النظام وهو يعتقل خمسة أعضاء بمكتب الإرشاد، على رأسهم نائب المرشد الدكتور محمود عزت للمرة الأولى في تاريخ الحرب الشرسة التي يشنها النظام منذ عقود ضد الجماعة بالإضافة إلى أكثر من 400 معتقل موجودين الآن في معتقلات النظام". ونفى أيضا أن يكون أعضاء مكتب الإرشاد الخمسة المعتقلون، على رأسهم الدكتور محمود عزت قد دخلوا في أية جولات تفاوضية مع أي جهة أو جهاز من أجهزة السلطة داخل المعتقلات. مع ذلك ترك الباب مواربا على إمكانية عقد لقاءات مستقبلية بين الإخوان والحزب الحاكم، وقال البلتاجي إن "الكرة في ملعب الحزب الحاكم حيث تطالب جميع الأحزاب والقوى السياسية بتهيئة الأجواء قبل الدخول في حوار مع قوى المعارضة". ومن ذلك ضرورة إنهاء حالة الطوارئ، وإنهاء حالة الانسداد السياسي التي سببتها "السياسات الفاشلة" للحزب وحكومته، عبر الاستجابة للمطالب الخاصة بتعديل الدستور، وإنهاء الاعتقالات الظالمة وغير القانونية، والتوقف عن إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، واتخاذ الإجراءات التي تضمن إجراء انتخابات نزيهة وإنهاء احتكار السلطة.