لم تكد إثيوبيا تعلن عن تحويل مجرى مياه النيل الأزرق تمهيدا لإقامة سد النهضة الذى تزمع إثيوبيا إنشاءه على النيل حتى تفجرت حالة من الغضب والجدل فى مصر وبان واضحا أن الدولة المصرية على موعد مع اختبار لعله الأعسر فى تاريخها المعاصر إذ يتعلق الأمر بالمياه سر الحياة وسبب استمرارها ، فإما أن تنجح مصر فى اجتيازه بنجاح وإما أن تستعد لأيام هى الأقسى والأشد وفى التقرير التالى ترصد المصريون الاتفاقيات الموقعة بين مصر ودول حوض النيل، وآثار سد النهضة وأبرز الأيادى الخفية التى تعبث بملف النيل اتفاقيات المياه الموقعة بين مصر ودول حوض النيل: لقد سعت مصر منذ القدم إلى تنظيم علاقتها بدول حوض النيل والاتصال الدائم بها بالاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض مع الحفاظ على حق مصر التاريخي فى مياه نهر النيل. وبالفعل نجحت مصر فى ذلك من خلال عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية، وقع بعضها أبان فترات الاستعمار، وكان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر ودول الحوض. وما يهمنا منها ما يتعلق بالهضبة الإثيوبية فهناك خمس اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر وإثيوبيا والتي يرد من هضبتها نحو 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل:
مشروع إكس، أو سد النهضة الأثيوبي الكبير وسد النهضة أو سد الألفية الكبير هو سد إثيوبي قيد البناء (تم الانتهاء من 21% منه، منذ أن وضع حجر أساس هذا المشروع في الثاني من أبريل 2011م) وهو يقع على النيل الأزرق بولاية بني شنقول-قماز، بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية ويبعد عنها حوالي من 20-40 كيلو مترا. وأعلنت الحكومة الإثيوبية تدشين المشروع، وإسناده إلى شركة "ساليني" الإيطالية بالأمر المباشر، وأطلقت عليه مشروع إكس، وقررت تغيير الاسم إلى سد الألفية الكبير، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة ليصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير. هذا وقد تم تشكيل المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة في تشييد سد النهضة، وهو المجلس الذي يعبر عن الطابع القومي للمشروع لدى الأثيوبيين، وتم تشكيله بغرض إتاحة الفرصة لكل إثيوبي داخل البلاد وخارجها للإسهام في هذا المشروع، الذي تم وصفه بالحدث التاريخي، كما يضم في تشكيله جميع أطياف الشعب الأثيوبي (75 عضوًا من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والمشاهير والمثقفين والزعماء الدينيين والجمعيات المدنية). . وعند اكتمال إنشاء السد يصبح المشروع أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء. وتتجاوز تكلفته أربع مليارات دولار. وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيد لغرض توليد الطاقة الكهرمائية في إثيوبيا. ويبلغ ارتفاع السد 145 مترا، في حين يبلغ طوله الذي يعترض مجرى النيل الأزرق نحو 1800متر، ويمكنه توليد 6 آلاف ميجا واط، أي نحو ثلاثة أمثال الطاقة الكهربائية المولدة من المحطة الكهرومائية للسد العالي في مصر، ومن المتوقع أن يكون أكبر منشأة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا. إسرائيل والعبث بحصص مصر والسودان من مياه النيل: الناظر المدقق لما يحدث في قضية المياه لا يستطيع أن يغض الطرف عما تدبره إسرائيل في هذا الصدد، فبعد أن لمح الرئيس أنور السادات بأنه سيمد إسرائيل بالمياه، (إبان معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية)، ولم يحدث ذلك، ناهيك عن مصادرة إسرائيل للمياه العربية وسرقتها للموارد المائية في: الجولان السوري المحتل، والجنوب اللبناني، والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحويل مسارها بالقوة، وبناء المشاريع عليها بصورة تمثل انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي وللشرعية الدولية التي تكفل مبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي على مواردها الطبيعية بما فيها الأراضي والمياه، مما يشكل تهديداً للأمن المائي العربي وبالتالي للأمن القومي العربي، كل ذلك في ظل تحرك صهيوني ماكر ودائب في دول حوض النيل خصوصا إثيوبيا للتأثير على حصة مصر من مياه النيل، وإثارة القلاقل بشأن المياه.. وهذه سياسة إسرائيلية قديمة –أشرنا إليها من قبل- كما أننا لا يمكن أيضا أن نغض الطرف عن تخطيط إسرائيل لنقل المياه من إثيوبيا إليها عبر خراطيم ضخمة تمر في قاع البحر الأحمر..!!. آثار إنشاء سد النهضة على مصر والسودان: لعل الضرر الرئيس الذي يتحسب له المصريون والسودانيون يكمن في العجز المائي الخطير الذي سيحدث خلال فترة ملء الخزان، فإذا كانت هذه الفترة قصيرة، فإن التأثير في العجز المائي بمصر والسودان سيكون هائلًا، وربما كان أيضًا مدمرًا، أما إذا كانت هذه الفترة متوسطة، فربما كان الأثر أقل قسوة وأكثر احتمالًا، أما إذا تم ملء هذه الخزانات خلال فترة تزيد على40 عامًا، فإن التأثير سيكون محتملًا. فالتقارير والدراسات العلمية تقرر أن تخزين74 مليار متر مكعب من المياه –المتجهة لمصر والسودان عبر النيل الأزرق- سيهدد ببوار الأراضي المصرية، خاصة أن مصر تعاني فقرا مائيًّا، والسد من شأنه أن يقلل حصتنا من المياه بشكل كبير، بل يتوقع بعض الخبراء حدوث مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية بالغة الخطورة. حيث يؤكد الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه الدولي، "أن بناء إثيوبيا لسد النهضة وحده سيؤدي إلى نقص حصة مصر من المياه بنسبة 9 إلى 12 مليار متر مكعب في العام، أما إذا قررت إثيوبيا بناء حزمة السدود كاملة فإن ذلك سيؤدي لنقص ما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا". ومن ثم –وفقا للخبراء- سيتسبب في بوار من4 إلى5 مليون فدانا، وتشريد من 5 إلى 6 مليون فلاح، وقد ينجم عن ذلك مجاعات ومشكلات واجتماعية يستحيل السيطرة عليها..كل ذلك في ظل ما يتوقعه الخبراء من أنه بحلول عام 2050م ستحتاج مصر إلى 21 مليار متر مكعب فوق حصتها الحالية لسد احتياجات سكانها الذي يتوقع أن يصل إلى 150 مليون نسمة من المياه. فكيف ستتحرك الدولة المصرية لمواجهة هذه الأزمة التى قد تعصف باستقرارها السياسى والاجتماعى والاقتصادى !!