وفاة رئيس لجنة امتحانات الثانوية بسوهاج في حادث.. وتحرك عاجل من نقابة المعلمين    تكليف مهم من نقيب المحاميين للنقابات الفرعية بشأن رسوم التقاضي    لأول مرة.. بدء أعمال اللجنة العليا لاختيار عمداء المعاهد العليا |150 معهدًا يقدم ترشيحات العمداء وفقًا للضوابط الجديدة    قرار مهم من " التعليم" بشأن إعفاء الطلاب من المصروفات للمتفوقين بمدارس 30 يونيو    شاهد.. قناة السويس تنجح فى التعامل مع عطل سفينة 1 RED ZED.. فيديو وصور    بعد زيادته رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 يونيو 2025    البيئة: قدم «صون الطبيعة» دعمًا لدول جنوب غرب آسيا ب60 مليون دولار    محافظ الغربية: جهود مكثفة للتعامل مع كسر ماسورة مياه بالمحلة الكبرى    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم.. وعيار 21 يسجل 4780 جنيها    طفرة في الصادرات الزراعية ومضاعفة الإنتاجية بالتوسع الرأسي والأفقي    عباس عراقجي: ترامب لا يفي بوعده    إدانة عدوان إسرائيل على إيران وضرورة إدخال المساعدات لغزة.. ماذا جاء في قرارات مجلس الجامعة العربية؟    ترامب عن إمكانية الحاجة لنشر قوات برية لضرب إيران: هذا آخر ما ترغبون به    إيران تدعو "عملاء إسرائيل" لتسليم أنفسهم والاستفادة من العفو    الجيش الإسرائيلي: اعتراض طائرة مسيرة في شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    الجامعة العربية تدين العدوان الإسرائيلى على إيران وتدعو لخفض التوتر    كأس العالم للأندية.. بنفيكا يكتسح أوكلاند سيتي بسداسية    القنوات الناقلة مباشر لمباراة بايرن ضد بوكا جونيورز في كأس العالم للأندية.. والمعلق    عمرو أديب: نتائج الأهلي المخيبة للآمال تكشف ضعف اللاعب المصري    بقيادة مؤمن سليمان.. الشرطة يتوج بلقب الدوري العراقي    رسميًا.. ليفربول يضم أغلى لاعب بالدوري الإنجليزي (فيديو وصور)    "قبل مباراة المونديال".. تاريخ مواجهات الأهلي وبورتو البرتغالي    العثور على جثة مُسن متوفي منذ يومين بمنزله في البحيرة    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة سوهاج 2025.. رابط الاستعلام المعتمد فور ظهورها    انهيار عقارات حدائق القبة| بلوجر عبر صفحتها: "ضياء تحت الأنقاض"    جهود مكثفة لكشف لغز العثور على جثة طبيب داخل شقته بطنطا    «لو كان معاهم فلوس كانوا خرجوا».. شهادة صادمة عن انهيار عقارات حدائق القبة (قصة كاملة)    6 مصابين في تصادم 3 سيارات قبل مطار سفنكس    الجمهور يهتف "الحرية لفلسطين" فى ثانى أيام مهرجان كناوة بالمغرب    «انت مين.. عيب اللي عملته».. عمرو أديب يفتح النار على نجم الأهلي    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    هند القاضي تحصل على الامتياز في رسالة دكتوراة ب"إعلام الأزهر"    حدث في الفن| القبض على فنانة بتهمة حيازة المخدرات ورقص منى إش إش    إنجاز طبي بمستشفى القصاصين.. استئصال ورم بالغدة النكافية بلا مضاعفات    خبراء صينيون فى ندوة ب«المصرى اليوم»: حرب إسرائيل ضد غزة وإيران تؤثر على اقتصاد العالم    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. إيران تعتقل 54 عنصرا معاديا في الأهواز.. 5 مدمرات أمريكية فى المنطقة لحماية إسرائيل و"نيميتز" تصل خلال ساعات.. إسرائيل تعلن تصفية المدير المالى للجناح العسكرى لحماس    هل تنقل mbc مباراة الترجي ولوس أنجلوس في كأس العالم للأندية؟    بيراميدز يقترب من حسم صفقة نجم الزمالك السابق    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 21 يونيو 2025    محافظ القاهرة من قلب عقارات حدائق القبة المنهارة: لن نغادر حتى التأكد من خلو الموقع من أي ضحايا    "أعملك إيه حيرتنى".. جمهور استوديو "معكم" يتفاعل مع نجل حسن الأسمر "فيديو"    أرملة إحسان الترك: «تامر حسني أكتر واحد وقف جنب جوزي»    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة التعاطي يشعل نقاشًا واسعًا في الكويت    منها المساعدة في فقدان الوزن.. لماذا يجب اعتماد جوزة الطيب في نظامك الغذائي؟    يسري جبر: الابتلاء لا يتنافى مع العبادة بل هو رفعة الدرجات    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    إزالة 93 حالة تعد بمراكز ومدن أسوان ضمن الموجة ال 26    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيطان كان هنا بالأمس
نشر في المصريون يوم 23 - 03 - 2010

هو الوحيد الذي أمر بأن توزع خرائط الأراضي الفلسطينية على المدارس في بلده، لتبين ضيق المساحة التي يعيش فيها مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر، وهو الوحيد الذي أعلن بأنه ينبغي جر الرئيس الإسرائيلي إلى محكمة دولية ومعه الرئيس الأميركي، وهو أيضًا الوحيد الذي استدعى سفير بلاده في "تل أبيب" احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006، ثم قام بقطع علاقاته الدبلوماسية معها بسبب الهجوم على غزة الذي وصفه بأنه "محرقة" فلسطينية، وأخيرًا فهو الوحيد الذي تهكم على رئيس أكبر دول العالم، عندما خطب في مبنى الأمم المتحدة أمام كل رؤساء دول العالم وقال عن جورج بوش: "الشيطان جاء إلى هنا بالأمس".
قد يكون من المثير للاهتمام أنه في ظل تصاعد الأحداث الأخيرة في فلسطين، فإن الأنظار لم تعد تتجه إلى الأنظمة العربية، لم يعد يطلب منها أي رد فعل، بقدر ما أصبح الجميع يبحث عن الأبطال المنتظرين، والذين عهدت منهم الشعوب المواقف المشرفة تضامنًا مع قضاياها، وكان في مقدمة هؤلاء الأبطال رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان"، والرئيس الفنزويلي "هوغو شافيز"، وهو الرجل الذي سنحاول أن نقترب أكثر من شخصيته لنفهم الدوافع التي جعلت منه المدافع الأول عن قضايانا، ليعلنها صراحة: "نحن الفنزويليين؛ يجب أن نكرس كل ما في قلوبنا وأرواحنا من قوة لإقامة دولة فلسطينية."
عاش "شافيز" حياة الحرمان منذ ولادته عام 1955، وعلاوة على الفقر المدقع الذي عانى منه في طفولته، فإن بشرته الداكنة -التي كانت السمة الغالبة لجميع أفراد أسرته- جعلته يشعر بالمزيد من المعاناة والتمييز في مجتمع تهيمن عليه نخبة من البيض، انتقل "شافيز" في سن مبكرة ليعيش مع جدته، حيث بدأ في العمل لإعانة أسرته عن طريق بيع الحلوى التي تصنعها الجدة، بدأت قصة هذا الرجل مع حلم الرئاسة وهو في التاسعة عشرة من عمره، عندما حضر حفل تنصيب رئيس للبلاد ينتمي لطبقة الأغنياء( كارلوس أندريه بيريز)، وتساءل في نفسه: لماذا لا أكون أنا في مكانه؟، كان "شافيز" وقتها قد التحق بالجيش بهدف تحقيق إنجاز لنفسه وللفقراء من أمثاله، ولاحظ أثناء سنوات خدمته الأولى أن المؤسسة العسكرية في بلاده لا تختلف عن الهيئات المدنية التي ينخر فيها الفساد، صعد "شافيز" في سلم الترقيات إلى أن حصل على رتبة عقيد، ثم تولى قيادة وحدة مظلات، وبسبب ما كان يتمتع به من شخصية كاريزمية، وبشعبيته الواسعة بين الجنود، فقد استطاع أن يستقطب عددًا كبيرًا من العسكريين إلى الأفكار التي يؤمن بها، ثم بدأ يشكل خلايا صغيرة لبناء شبكة من المؤيدين لأفكاره في الجيش الفنزويلي، تمهيدًا لتشكيل حركة عرفت فيما بعد ب«الحركة الثورية البوليفارية» حيث أعد خطته لانقلاب عسكري يطيح بالرئيس "بيريز"، لكن الانقلاب الذي بدأ في العام 1992 سرعان ما فشل، وألقي القبض على الرجل، وبسبب شعبية "شافيز" الكبيرة تعمدت السلطة ألا تكون قاسية معه، وخدمه الحظ بعد سنتين من بقائه في السجن بسقوط الرئيس "بيريز" بسبب تفاقم الفساد، حيث تولى الرئاسة من بعده الرئيس "رافاييل كالديرا" الذي أصدر عفوا رئاسيًا عنه، ومنحه تسريحًا شرفيًا من الجيش الفنزويلي.
تعلم "شافيز" الدرس هذه المرة، وبدلاً من تشكيل خلايا عسكرية مسلحة، فقد شكل مع مجموعة من السياسيين ذوي التوجه اليساري حزبًا جديدًا أسموه «حركة الجمهورية الخامسة»، وقدمته الحركة مرشحًا للانتخابات الرئاسية، حيث تمكن في العام 1998 من تحقيق حلمه، بحصوله على أصوات 56% من الناخبين ليصبح بذلك رئيسًا للبلاد، وهو أول منصب سياسي رسمي يتولاه في حياته، حيث باشر على الفور بتطبيق أجندته السياسية، وبادر بتغيير الدستور الذي حدد فترة الرئاسة للدورة الواحدة بست سنوات، ثم استعد لخوض الانتخابات بموجب الدستور الجديد، كي يبدأ فترة رئاسية مدتها ست سنوات، ورشح نفسه على أساس برنامج لمحاربة عدوه منذ الصغر المسمى بالفساد، وكان شعاره أثناء الحملة الانتخابية هو «أنا بطل الفقراء» وهو الشعار الذي وجد صدى واسعًا بين الفقراء، وكان للرجل برنامجه السياسي، ويعرف فعلاً ماذا يريد، وبعد نجاحه في الانتخابات بدأ يطبق برنامجه على أرض الواقع، وعلى مدى سنوات قاد شافيز حملات إصلاح اقتصادية واجتماعية عديدة، وبفضل ارتفاع أسعار النفط؛ فقد توفرت لبلاده ثروة كافية، حاول بقدر الإمكان أن تصل ثمارها إلى أفراد شعبه، من خلال إحداث نهضة تنموية شاملة في جميع المجالات.
لقد استطاع "شافيز" أن يقدم لنا النموذج في الحرية، والشجاعة في مناصرة الحق، وبالرغم من أن بلاده ترتبط بعلاقات إستراتيجية بالولايات المتحدة، وتقع بشكل مباشر في منطقة نفوذها، إلا أنه وفى نفس الوقت لم يمنحها الحق في إنشاء أي قواعد عسكرية، ولم يدخل معها في استثمارات مشبوهة أو صفقات أسلحة غير مجدية، وكذلك فهو لم ينقذ اقتصادها بشراء سنداتها، هو يعتبر أن فنزويلا بلد حر، وأنها تستطيع انتزاع حقوقها انتزاعًا، ليس بالقوة بل باليقين، كما يعتبر أن الإرادة الشعبية هي الضوء الأحمر الذي يزعج ويقلق ويردع الولايات المتحدة، ويحمى حقوق وسيادة أي بلد، ولذلك فلا يوجد ما يدعو للعجب عندما يقرر هو شخصيًا أن يقود حملة (شريان حياة) جديدة، لرفع الحصار عن غزة، غير عابئ بأي انتقادات أو مصاعب قد يواجهها.
ولكن كيف استطاع "شافيز" أن يحدث هذا التغيير في الشعب، الذي التف حول قيادته في حب حقيقي؟ وكيف تمكن من نقل اقتصاد بلاده من مرحلة الضياع، إلى مرحلة النمو والازدهار؟ هذا ما سوف نجيب عليه في الأسبوع القادم إن شاء الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.