* " الشعب يريد إسقاط النظام " شعار رفعته الشعوب العربية فى ثورة الربيع العربي بعد أعوام عديدة من الاستبداد وعقود مديدة من الفساد . ومن الله على تلك الشعوب المستضعفة المستذلة فتهاوت تلك الأنظمة وسقطت كما تسقط أوراق الخريف الجافة عند هبوب أول عاصفة....! سقطت وداستها الأقدام وقذف بها فى مزبلة التاريخ بين أكوام القمامة لتكون ذكرى للذاكرين وعبرة للمعتبرين. * ولأن الثورات مثل الزلازل ينتج عنها مزيد من الركام ومزيد من الضحايا وكثير من المصابين وآلاف من المشردين ويصاب المجتمع بحالة من الهرج والمرج السياسي , فلابد من ميزان صحيح معتدل توزن به الأمور ويخرج به المجتمع من الظلمات إلى النور . أول درجات هذا الميزان أن تراجع فئات المجتمع نفسها وتعيد تقييم ثورتها وتزن الأمور بميزانها الصحيح المستقيم المعتدل. * ولكي تؤتى ثورات الشعوب أكلها كل حين بإذن ربها فلابد أن يقوم كل منا بثورة ضد نفسه ونزواتها وانحرافاتها وزيغها . ليقف كل منا فى وسط ميدان نفسه هاتفا بأعلى صوته " النفس تريد إسقاط الذنوب ....! " لقد ارتكبنا فى حق أنفسنا موبقات سياسية وكبائر اجتماعية وتجاوزات أخلاقية فتأخر نصر الله وذلك بما كسبت أيدينا وماربك بظلام للعبيد. والنفس أولى بالمراجعة لأنها اوجب وألزم فى تلك المرحلة الحالكة الحرجة التي التبس فيها الحق بالباطل بل لبس فيها الباطل ثوب الحق...! * لابد أن نحرر عقولنا من الأوهام والأحلام وأساطير الأولين وننقذها من تحت أنقاض الماضي التي أحاطت بعقولنا من كل جانب فكبلتها وقيدتها وأسرتها فأصبحنا نعيش فى الحاضر ونفكر بعقيلة الماضي...! ليس لدينا نظرة مستقبلية إستراتيجية لمستقبل أجيالنا القادمة. * كل مايشغلنا فقط وغاية المراد من رب العباد هو أن مخزون المواد التموينية آمن لمدة 3 شهور...! ودول أخرى اقل منا حضارة وثقافة لديها صواريخ عابرة للقارات وحاملات طائرات. و دول فقيرة امتلكت غواصات نووية ونحن مازلنا نعانى من أزمة غذائية.........! ؟ مازالت عقولنا أسيرة مقيدة بسلاسل الجهل والتخلف.. وهذا ذنب فى حق أنفسنا ارتكبناه , وفى حق مجتمعنا فعلناه . لذا لابد أن نثور ضد أنفسنا , محتجين ومعترضين عليها قائلين بأعلى أصواتنا " النفس تريد إسقاط الذنوب...! * لابد أن نحرر قلوبنا من مستنقع الضغائن والكراهية والحقد وننتشلها من أعماق تلك المستنقعات الآسنة العفنة التي أفسدت القلوب وملأتها بالجراثيم والميكروبات الناقلة للعدوى , وان يقبل بعضنا بعضا ولا يخون بعضنا بعضا ولا يسب بعضنا بعضا ولا يهين بعضا بعضا . لقد مرضت تلك القلوب وسقمت وأعيت من يداويها...! لأن الأمراض فيها تحكمت والعلل فيها تغلغلت وجراثيم الكراهية منها تمكنت. فأصبحت تغلى من الغل والحقد والحسد كغلى الحميم حتى وصلت إلى نقطة الغليان فانصهرت كل القيم وتلاشت كل المبادئ وانزوت كل المثل. وماكل هذا إلا لكثرة ذنوبنا وتضخم عيوبنا , لذا لابد لكل منا أن يقف وسط ميدان نفسه قائلا بأعلى صوته " النفس تريد إسقاط الذنوب......! * لابد أن نحرر ألستنا من الكذب والبهتان والغش والتدليس وقول الزور وان تكون الستنا وراء عقولنا ولا نكون كالحمقى الجهلاء الأغبياء الذين يضعون ألسنتهم أمام عقولهم فيسبق النطق التفكير......! إن ألسنة بعض الإعلاميين والسياسيين والمحللين كالآلة الحادة تقطع ولا توصل تفسد ولا تصلح تهدم ولاتبنى تكذب ولا تصدق , لقد مردوا على الكذب والنفاق بل ويجعلون رزقهم أنهم يكذبون وينافقون ويتآمرون فتلك بضاعتهم الرخيصة التى يروجونها فى سوق النخاسة المسمى ظلما بالسياسية....!
* لابد أن نحرر أنفسنا من التشوهات التي أصابتها , ومن الأشواك التي لازمتها ومن الخرافات التي اعتنقتها , ومن النظرات الضيقة التي صاحبتها , ومن الشبورة التي أعمتها حتى تستقيم وتعتدل وتسير فى الطريق المستقيم المرسوم لها لكى نصل بأوطاننا إلى بر الأمان وشاطئ السلامة والسلام. وكل ذلك يتطلب منا جميعا أن نعترف بأخطائنا فى حق أوطاننا و أن نثور ضد أنفسنا قائلين بأعلى أصواتنا " النفس تريد إسقاط الذنوب " . * لابد من غربلة أفكارنا ومراجعتها وتنقيتها وتطهيرها وتوجيهها شطر قبلة الوطن, ومصلحة الأمة ومستقبل الأجيال القادمة. إن البعض يحمل فى أم رأسه أفكارا مسعورة متوحشة إن أفلتت إلى أرض الواقع أتلفت وأفسدت وعطلت عجلة الحياة. * إن الفاسد من الأفكار كالنار إن لم تحرق بلهيبها أعمت بدخانها وضبابها...! وما أكثر الذين انتفخت رؤوسهم بأفكار رجعية متخلفة لاعلاقة لها بدين ولا بحضارة ولا بثقافة ...! شعارهم " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ..! " هم فقط يقلدون كالقردة وينطقون كالببغاوات , ليس فى جعبتهم ابتكار ولافى رؤوسهم جديد من الأفكار, فى حقائبهم فقط شهادات ورقية حصلوا عليها من جامعات السفارات الأجنبية...! إن الأفكار كالدواء إن لم تصلح أضرت وأعيت صاحبها. * قال ميمون بن مهران : قال لى عمر بن عبد العزيز قل لي فى وجهي ماأكره فإن الرجل لاينصح أخاه حتى يقول له فى وجهه مايكره . وجاء فى منثور الحكم ودك من نصحك وقلاك من مشى فى هواك . يجب أن نقبل النصيحة حتى ينصلح أمرنا وتطهر قلوبنا ويستقيم سلوكنا . إن قبول النصيحة لامناص منه ولا فكاك فهى بمثابة الدواء المر لابد منه حتى يحل الشفاء بأبداننا . فهل أنت تقبل أن يواجهك احد بعيوبك ...؟ إن استشعرت امتعاضا فى جنبات نفسك وضيقا فى صدرك فاعلم أن طريق الإصلاح مازال طويلا وشاقا ولابد من ثورة ضد نفوسنا . وحقا وجب علينا أن نردد بأعلى أصواتنا " النفس تريد إسقاط الذنوب...! " * لقد أسقطت الشعوب حكاما ظالمين مستبدين وأسقطت شعوب كثيرة ديونا كانت عليها ولكننا حتى هذه اللحظة لم نستطع أن نسقط ذنوبا ملكتنا وعيوبا شوهتنا وخطايا لوثتنا ومشاكل حاصرتنا وملمات ألمت بنا لأننا نسينا أنفسنا حتى تضخمت عيوبها وتكاثرت آفاتها وتعددت سيئاتها . ويوم أن نولى أنفسنا اهتماما يليق بها ونتجرد من خصوماتنا السياسية ونصر على ذلك بل ونثور ضد نفوسنا الأمارة بالسوء قائلين بأعلى أصواتنا بلا حرج أو حياء أو خجل " النفس تريد إسقاط الذنوب ...! " ساعتها وساعتها فقط فقد وضعنا أقدامنا على بداية الطريق القويم , طريق الاعتراف بالخطأ ومن اعترف بخطاياه عرف بدايته ومنتهاه..........! * يقول أحد الخبراء العالميين : " إن الأوطان تحتل من قبل أعدائها عندما يعتقد بل ويصر كل فصيل سياسي انه وحده على الحق المبين وان ماعداه هو الباطل ...! " وهذا هو مجمل وملخص المشهد السياسي فى مصر الآن . لاأحد يريد أن يتحاور مع احد أو يستمع إليه أو يجلس معه تحت مظلة أننا جميعا فى سفينة واحدة وأبناء وطن واحد . وفى وقت لودعي فيه البعض للجلوس مع السفيرة الأمريكية لأسرعوا بل وهرولوا وكأنهم إلى نصب يوفضون...! تلك هى ذنوبنا السياسية التى نرتكبها صباحا ومساء فى حق الوطن. " * النفس تريد إسقاط الذنوب وعلاج العيوب بالعمل المتواصل الدءوب " شعار لايقل أهمية عن شعارات أسقطنا بها أنظمة مستبدة فاسدة حكمتنا حينا من الدهر لم تكن امتنا فيه بين الأمم شيئا مذكورا.........! .