أحمد فايز شاب مصري من إحدي قري محافظة المنوفية ظل لمدة 18 عاماً فاقداً لبصره، ولكن مع قوة إرادته وطموحه وصبره ومثابرته وعدم يأسه، حول هذه المحنة إلي منحة، فكان طموحه محركاً باعثاً للأمل، أطفئ شموع اليأس لينير قناديل الأمل، فأصبح بحق نموذجاً مشرقاً لكل مصري. "المصريون" التقت بهذا الشاب المعجزة ليحكي لنا قصته المثيرة والعجيبة، يقول أحمد: ولدت في إحدي قري مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وعندما كان عمري 3 سنوات شعرت بألم في إحدي عينيي، فأخذتني والدتي للمستشفي، فكشف عليَّ الطبيب، وقرر إجراء عملية سريعة، فأدت للأسف لفقد عيني الأخري، فأصبحت لا أري شيئاً، وبعدها بعامين رحل أبي عن دنيانا فأصبحت كفيفاً ويتيماً. ويضيف: تحملت أمي - جزاها الله خيراً- همي وألحقتني بمدرسة النور للمكفوفين بالمنوفية، وكانت بالنظام الداخلي من السبت للخميس، وتأتي أمي لتأخذني يوم الخميس وتعود بي للمدرسة السبت، فمضيت طفولتي علي هذا الشكل. ويتابع أحمد قائلاً: بالرغم من ذلك كنت اجتهد وأذاكر وأضع أمامي هدفاً واحداً، لابد أن أكون انساناً ناجحا فكان طموحي لا حدود له، وحصلت علي المركز الأول في الثانوية العامة للمكفوفين، وعندما نظمت الجمعية المصرية للصداقة المصرية الأمريكية مسابقة للحصول علي دبلومة في أمريكا، كنت واحداً ضمن 3000 كفيف تقدموا للمسابقة، ولكن أكرمني الله وكنت من ضمن 35 نجحوا في الاختبارات. ويشير إلي أنه رغم اعاقته البصرية سافر بمفرده وعاش مع أسرة أمريكية، قائلاً: تأثروا بي وتفاعلوا معي، والحمد لله نجحت وحصلت علي الدبلومة وعدت إلي مصر. ويستطرد أحمد قائلاً: كانت السعادة تغمرني عندما وصلت أرض الوطن، وأنا حاصل علي الدبلومة الأمريكية، ولكني تفاجئت بالمفاجأة غير السارة، واصطدمت بالروتين المصري، فقالت لي وزارة التعليم المصرية: دبلومتك الأمريكية غير معتمدة في مصر، كان هذا الأمر كفيلاً بإحباطي، و لكني أصررت أن أكمل حلمي، فقالوا لي: الحل أن تعيد هذه السنة من جديد، فامتثلت لهذه الأوامر، ونجحت وحصلت أيضاً علي المركز الأول في الثانوية العامة للمكفوفين.
ويضيف أحمد: طموحي القوي دفعني لأن ألتحق بالجامعة، وكالعادة رفضتني الجامعات المصرية لأني كفيف!!، فزاد طموحي واصراري وتقدمت بطلب التحاق للجامعة الأمريكية، فقبلتني الجامعة الأمريكية بشرط أن يتم إجراء الكشف الطبي لي. فيكشف عليَّ طبيب عيون، ليفاجئني بأجمل مفاجأة وقال لي: (تحب تشوف يا أحمد)!! فضحكت وقلت له: يادكتور أنا 18 سنة لا أري فكيف أذن؟ فقال لي: أنت من الممكن أن تري بعد عملية بسيطة، وبالفعل أجريت العملية، ورد الله لي نور عيني من جديد . أما فيما يتعلق بدراسته وطموحه فيقول أحمد: دخلت الجامعة الأمريكية قسم الصحافة والإعلام، وأمس ظهرت نتيجة البكالوريوس في السنة النهائية وحصلت علي تقدير امتياز مع مرتبة الشرف لحصولي علي تقدير امتياز طوال سنوات الدراسة، وهذا يؤهلني إن شاء الله لاستكمال الدراسة كعضو في أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأمريكية، واليوم تلقيت الموافقة علي استكمالي الماجستير والدكتوراه في (دراسات الشرق الأوسط) لأن هذا المجال يفتقر للخبراء في مصر، وأتمني أيضاً أن أعمل صحفياً بالإضافة إلي الدراسة الأكاديمية. وعن الدروس المستفادة من هذه القصة المعجزة، يقول أحمد فايز: الحمد لله علي نعمه وكرمه عليَّ فلن أوفي ربي حقه من الشكر، فرغم عجزي استعنت وتوكلت عليه، فأخذ بيدي ولم يتركني لأني صبرت ولم أقنط من رحمته، وألخص قصة حياتي وكفاحي بالكلمات الآتية: كل تفاصيل حياتي أوصلتني لشئ واحد " لا يغني حذر من قدر، فنصيبك هيصيبك، أدركت أن تدابير الله لأمري أفضل بكتير مما قد رسمته لنفسي.