نجد الإدارات الحكومية في الشركات القابضة والتابعة في مصر تسير على روتين معين لسنوات طويلة تقريبًا، ولا تتقدم خطوة واحدة للأمام رغم كل الفرقعات والهياجانات والدعاية التي تحاط بها، بينما نرى كمًا من الدول العربية أو غير العربية تقدمت فعليًا وليس بالهمبكة والشهيصة والفهلوة مثل دول كتركيا والإمارات وقطر وماليزيا وجنوب إفريقيا, .. وغيرها وبعد أن كنا فى مقدمة الركب صرنا في ذيل القائمة بالرغم من كثرة مواردنا المالية والطبيعية والشباب المليء بالحيوية، أصبحنا نمثل الإدارة المتخلفة الأولى في العالم كله، بعد أن كنا من أوائل العالم في الإدارة ، دعونا نرى الرعيل الأول في الإدارة كمثال وهي إدارة سيدنا عمر بن الخطاب، ففي كتاب الفاروق في الإدارة والسياسة، أو الفاروق في الإدارة والقضاء وانظر كيف كان يفعل وكيف كان يتعامل في المواقف الإدارية وهو الذي رضي الله عنه وأرضاه لم يتخرج من جامعة أكسفورد أو أكاديمية أي إس أر بإنجلترا أو أي جامعة عالمية في وقتنا الحاضر، في الواقع إننا لم نعمل على تعريف مفاهيم الإدارة المتعددة في البيئة المصرية حتى الآن !! والحقيقة أنها أزمة حقيقية قابعة وقاطبة في مصر إلا ما رحم ربي، هل نكون نحن كإعلاميين أو عاملين في الشركات سواء القابضة منها أو التابعة المسئولين عن تبني مشروع ضخم في الإدارة ؟! أم أن الجامعات وأقسام الإدارة هي المسؤولة عن هذا ؟! ونجد في مصر عدة نماذج للإدارة المتخلفة في شركاتنا القابضة والتابعة فنجد النموذج الإداري التقليدي السائد وهو النموذج الذي يقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، هو النموذج التقليدي الذي لا يقبل الحوار ولا النقاش، ويتكتم على جميع أعماله ويعتبرها أسرارًا مقدسة ولو أن بعضها يختص بشأن عام يحق للعاملين حسب المعايير العالمية السائدة أن يطلعوا عليه استنادًا إلى مبدأ الشفافية وحقوق العاملين في الحصول على المعلومات، كما أن ثقافة المجتمع فضلاً عن ثقافة القيادات الإدارية في تلك المؤسسة مبنية على المحافظة وممنوع الكلام وإبداء الرأي لأن الآخر لا يعرف الرد ويعتبره إهانة شخصية !!. حيث نجد كثيرًا من الإداريين في المجتمع يلبسون الأقنعة أمام العاملين من جهة وأمام وسائل الإعلام من جهة أخرى، ويخافون الانفتاح الفكري على المجتمع، لأنهم يعتقدون أن الانفتاح كالزلزال تمامًا!!! كما نجد أيضًا نموذجًا آخر وهو النموذج الإداري المنغلق والذي يعزز الفئوية والمناطقية وتحول المجتمع إلى طبقة غنية عليا وطبقة فقيرة كبيرة دنيا!! لأن الإداريين التقليديين في جميع المجالات يحبون ويعشقون التكبر وإظهار مدى ضخامتهم!! ويعتقدون بوجوب أن يتميزوا عن الآخرين في كل شيء خصوصًا في عدد خانات أرقام حساباتهم البنكية.. !! وبالتالي نجد أنفسنا أمام النداهة التي تنادي لإنشاء أكبر موسوعة للفساد المالي!!! في الواقع أن الطامة الكبرى تكمن دائمًا في رأس الهرم في هذه الشركة أو تلك أو في رأس هذه المنظومة أو تلك وفي اعتقادي أن من أهم الأسباب المؤدية لذلك غياب الشفافية ووضع الحواجز الخرسانية بين الإدارة العليا والمتوسطة والدنيا في هذه المنشأة أو تلك، كذلك غياب الاحترافية في المهنة ثم الفساد الإداري الذي يغلب المصلحة الخاصة على العامة ونأتي إلى العامل الأهم والأقوى، وهو عدم الفصل بين العلاقات والمجاملات الشخصية والاجتماعية من ناحية ومصلحة المنشأة وتنفيذ روح القانون من ناحية أخرى، كذلك يكمن الخطر في الفوضى وليس في الفساد فقط, في الجوع وليس في الفقر فقط، ولعل أخطر أنواع الفساد السلبية وعدم الحراك.