تحية للفلاح المصري الذي عمل وتحدى الصعاب، بالرغم من المناخ الفاسد الذي تحياه مصر في ظل حجم الشائعات والأكاذيب الرهيبة التي تحاصر المواطنين من كل اتجاه وتؤثر فيهم، والسبب في هذا الإعلام الموجه الذي يسلط الضوء طوال الوقت على السلبيات، ويضخم من شأنها، ولا يرى أي منجز على أرض الواقع، نراه يرسل كاميراته إلى أي تجمع ولو لم يبلغ العشر من الأفراد، ويصوره على أنه الشعب، في حين كان ينبغي على هذا الإعلام أن ينزل إلى الحقول ويعايش مناخ العمل الصعب الذي يقاسيه الفلاح، الذي ينحت في الصخر كي يعمل، لقد استسهل الطريق فهو يذهب إلى أصحاب (الحظاظات) والبنطلونات الساقطة وأصحاب دكاكين حقوق الإنسان، فقط هم الذين يسلط عليهم الضوء، ربما يعدلون عن الذهاب إلى الحقول خشية الإصابة بضربات الشمس، لأنهم تعودوا المكوث في الاستوديوهات المكيفة في قنوات غسيل الأموال التي يمتلكها أصحاب مبارك من رجال الأعمال، ويعمل بها أفراد تربوا في ردهات جهاز أمن الدولة، يسودون الأجواء ويكرهون الناس في هذا الوطن، بما يطرحونه من آراء فاسدة يخيم عليها مذهب "كيد النساء"، هذا المنهج الذي يطبق في السياسة المصرية فقط ولا تجد له نظيرًا في العالم، كل الشعوب يحبون أواطنهم، المعارضة والأغلبية على السواء، والكل يعمل ويجتهد حتى تكون يد بلده هي العليا، أما نحن في مصر فنجد أناسًا ينهمر عليهم المال الحرام من كل اتجاه، الذي اقتنوا به القصور والسيارات الفارهة ويذهبون إلى الدول الغربية كذهابي أنا من قريتي إلى المدينة التي تبعد عنها بضع فراسخ. تحية إلى هذا الفلاح الذي قهر اليأس وتسلح بالأمل وخيب ظنون المغرضين أصحاب إبليس، الذين سخروا من احتفال الرئيس محمد مرسي بموسم الحصاد وذهابه إلى الفلاحين في حقولهم وهذا تقليد جديد أعاد الثقة إلى هذا الفلاح الذي عمل ووقانا شر المجاعات، ووفر لنا السلع الخضراء لنا بأسعار الأمس، هذا الفلاح الذي أهمل شأنه منذ قرون وكان سبة أن تصف إنسان بأنه "فلاح"، حتى وجدنا الجميع ينفر أن يكون فلاحًا، فهرع إلى الوظائف الحكومية (البطالة المقننة)، يهرب من العمل والجد إلى تبديد الجهد والوقت في المكاتب التي يعج الواحد منها بعشرات الموظفين الذين لا هم لهم إلا الثرثرة في موضوعات بعيدة عن العمل، ويعطلون هؤلاء شئون الناس بما يصابون من أمراض نفسية تحضهم على الخراب وإهمال شئون المواطنين، كنا في الماضي نتعلل بزهد المرتبات وقلتها، أما وأنها قد زادت بعد الثورة وفي طريقها إلى الزيادة إذا عمل الناس، وزاد لديهم الوعي وحب الوطن والبعد عن الأنانية والامتناع عن الإصغاء إلى المخربين الذين يجوبون المصالح الحكومية يحرضون الناس على الإضراب وتعطيل العمل بها. لم نجد الفلاح المصري يضرب عن العمل ويبتز حكومة دولته المتعثرة، والنظام الذي ورث عقودًا من الفساد المالي والإداري، ويبذل قصارى جهده في الإصلاح ولن يتم هذا الإصلاح إلا بمضاعفة الجهد والعمل، والاستفادة من التجارب الأخرى لدى الأمم، ومنها اليابانيون الذين يتظاهرون ويحتجون على منح الدولة لهم أيام أجازات، أما نحن فبرعنا في ثقافة الهروب من العمل والتزويغ منه، نجتهد فى هذا كثيرًا، ونتحايل على اللوائح والقوانين، ونقوم بمأموريات مضروبة نبالغ في عدد أيامها ونرهق الدولة المتعثرة التي تحتاج للمال للإفاقة من هذه العثرة واجتيازها.. لم نر الفلاح يأتي بهذه الأفعال القبيحة التي تعطل الإنتاج، فنراه يعمل في الشتاء يذهب إلى الحقول قبل شروق الشمس ويتحمل البرد القارص، وفي الصيف حيث الحر اللافح، لا يتأفف من هذا وذاك، ولم نره يعطل الإنتاج ليضرب ويعتصم.. نراه يقاطع صحف الضرار وقنوات المال الحرام.. قنوات أصحاب مبارك التي عاثت في الأرض فسادًا، وأشاعت أجواءً من الإحباط والقنوط من المستقبل، ينام مبكرًا ولا يستسلم لهؤلاء المأجورين الذين يرتزقون من الكذب والتدليس على المواطن الشريف، وينقدون الثمن مبالغ خيالية تكفي لمئونة عشرات الآلاف من الأسر. نعيش وسط أهالينا الفلاحين ونلتحم بينهم عن قرب ونعجب لعاداتهم وتقاليدهم وتدبير أمورهم الاقتصادية أثارت دهشة خبراء الاقتصاد أنفسهم، يصبرون على الصعاب ويتجاوزنها بلا ضجيج، رأيناهم بأقل تشجيع يضاعفون الإنتاج ويردون على أصحاب الأجندات التي تريد لمصر الفشل لمجرد وجود رئيس إسلامي على سدة الحكم، ونستغل هذه المناسبة وهذا الإنجاز ونطلب من السلطة التنفيذية أن تنظر كثيرًا إلى مطالبه وتوفر له وسائل الإنتاج من التقاوي والمبيدات والأسمدة والسولار بسعر التكلفة وتقيه شر تجار السوق السوداء الذين ينكدون عليه عيشته، وأن تضغط على المرشدين الزراعيين أن يمروا عليه في الحقول، لإرشاده إلى الوسائل الحديثة في الزراعة بدلًا من المكوث طوال الوقت في الجمعيات الزراعية، نقضي الأوقات السعيدة بلا عمل، ويجب على الحكومة أن تفعل للفلاح نظام التأمين الصحي له ولأسرته، لأنه لا يقل أهمية عن أصحاب "البطالة المقننة" المتخمة بهم إدارات الدولة ولا يفكرون فى عائد لها، المهم نأخذ بغض النظر عن المقابل من العطاء والعمل. [email protected]