كتب مولانا جلال الدين الرومي 1207-1273 يقول :" العظمة تأتي من أفغانستان، لتؤثر على العالم كله."وتواضع بعده الشاعر الإسلامي محمد إقبال يقول:" أفغانستان بالنسبة لآسيا كالقلب فإن صلح صلحت آسيا وإن مرض وفسد مرضت وفسدت آسيا " ما يجري الآن على الصعيد الغربي واجتماعات ومؤتمرات لندن واسطنمبول وميونيخ يعكس حقيقة واحدة أن الخط البياني للقوى الاحتلالية وصل إلى أدنى مستوى له، وأن هذه القوى بدأت تمهد الطريق لهزيمتها التي قال عنها آخر رئيس سوفياتي ميخائيل غورباتشوف في مقال له نشره في الهيرالد تريبيون يوم الخامس من الشهر الجاري، بأنه في حال حصول فشل أمام " الإرهاب" فهذا يعني أن فشلا استراتيجيا عظيما وقع في العالم .. ينبغي أن نتذكر تماما أنه أواسط الثمانينيات ومع وصول غورباتشوف إلى السلطة اتخذ نفس الخطوات التي يتخذها باراك أوباما الآن ولنتذكر جميعا الخطوة الأولى تمثلت في إعلان المصالحة الوطنية والدعوة إلى مؤتمر لويا جركا وهو مجلس أفغاني موسع بزعامة نجيب الله الشيوعي وهو ما استنسخه الآن حامد كارزاي، مع التأكيد على فصل الطالبان عن القاعدة، وهو ما كرره حينها النظام الشيوعي الذي كان يؤكد على أن المشكلة في شرذمة من الوهابيين العرب الرافضين التصالح والتفاوض وهو ما يتم الآن تماما مع تغييرالأسماء من وهابيين عرب بزعامة عبد الله عزام عليه رحمة الله إلى قاعدة بزعامة أسامة بن لادن ... والأمر الثاني الذي فعله غورباتشوف واستنسخه أوباما أيضا رفع عدد القوات السوفياتية في أفغانستان والتحضير لهجوم جاجي وبكتيا ومشاركة قوات السبيتناز السوفييت الخاصة في المعارك التي رمى السوفييت من ورائها تطبيق نصيحة الجنرال الأميركي في فيتنام " أعلن انتصارك ثم انسحب" لكن يبدو أن الجغرافيا مختلفة تماما، والآن في الوقت الذي يتحدث أوباما عن المصالحة وإدماج طالبان أو معتدليها حسب تعبيراتهم،يؤكد الأميركيون على إرسال ثلاثين ألف جندي والتحضير لمعارك لكن ليس في جاجي وبكتيا كما فعل السوفييت وإنما في هلمند التي غدت شوكة مؤلمة في الخاصرة الأميركية حيث جردت حتى واشنطن أكثر من أربع عشرة حملة عسكرية عليها دون أن تقضي على المقاومة فيها.. بقي أن نقول أن الطرف الآخر من المجاهدين الأفغان رفضوا تلك العروض وظلوا يقاتلون حتى سقط النظام الشيوعي بغض النظر عما حصل آنئذ لظروفه الخاصة به ولعل لها مكان آخر للحديث عنها ولكن باختصار لم تكن هناك قيادة موحدة للمجاهدين كما هو الحال اليوم ..