أعقب زيارة الرئيس محمد مرسي إلى البرازيل حملة ترويج لآلة الإعلام الإخوانية مفادها أن مصر في طريقها لنقل تجربة البرازيل لكي تنهض "أرض الكنانة" بعد الكبوة الاقتصادية الكبرى التي تعيشها تحت حكم الإخوان.. وهنا لا بد من المقارنة وإن كانت ظالمة للبرازيل بين نهضتها الاقتصادية الحقيقية والنهضة الإخوانية المزعومة. "نهضة الإخوان" قامت على الكذب وخداع على المصريين من أجل الوصول لكرسي الحكم وفي أول مواجهة مع نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر قال إن الشعب المصري فهم خطأ فلا يوجد شيء اسمه مشروع النهضة وهو ما جعل كثيرًا من الساخرين وما أكثرهم حاليًا يصفون مشروع الإخوان بأنه "الفنكوش" نسبة للضاحك الكبير عادل إمام. ابتلع المصريون الصدمة على مضض وقالوا ربما تسرع الإخوان في مشروع "الفنكوش" لننتظر ماذا ستأتي بها رياح النهضة الإخوانية.. ولكن أوجاع ومشاكل وأزمات أحفاد "الفراعنة" تعملقت في ظل حكومات فاشلة تحت قيادة رئيس وزراء أكثر ما يميزه هو تهذيب ذقنه بمهارة.. إذ إن هشام قنديل بحسب كل الخبراء لا يملك الحد الأدنى من أية رؤية اقتصادية، لذا لم يكن غريبًا أن يأتي بفاشلين أمثاله لمناصب وزارية تستحق أفضل منهم بكثير لأن معايير الاختيار لا تختلف كثيرًا عن مشروع "فنكوش النهضة الإخوانية".. زد على ذلك رغبة الإخوان في هدم كل المؤسسات المهمة مثل الشرطة، والقضاء، والإعلام، والجيش وغيرها، لأن هدفهم هو"التمكين" من مفاصل الدولة لتأسيس دولة على مقاسهم وحسب مواصفاتهم.. وهو ما بات يعرف ب"أخونة الدولة" التي لا تراعي أية معايير مهنية أو علمية في الاختيار حيث يكون الانتماء للجماعة فقط أهم الشروط.. كما استطاع "الإخوان" أن يهدموا قطاع السياحة وينسفون منظومة الأمن.. ويدمرون الاستثمار ب"تطفيش" عدد من أهم رجال الأعمال العرب والأجانب.. فتوقفت المصانع وعم الخراب والدمار.. ورغم كل هذا يؤكدون وبكل بجاحة أن الوضع مطمئن وأن مصر تتقدم بينما الغلاء يحرق يوميًا جيوب المصريين .. والمشاكل الاقتصادية للأسوأ .. لذا فالفرق رهيب بين من يدمر ومن يبني.. وهنا نتوقف عند تجربة البرازيل.. ففي نهاية العام الماضي 2011 أعلنت البرازيل رسميًا أنها أصبحت سادس أكبر اقتصاد على مستوى العالم متقدمة بذلك على بريطانيا، ووفقًا لتصريحات وزير المالية البرازيلي فإن بلاده حققت نموًا بنسبة 2.7% في الوقت الذي حقق الاقتصاد البريطاني نموًا بنسبة 0.8%، وواقع الأمر فإن هذا الإنجاز الذي تحقق بعد مرور عام من ولاية الرئيسة الحالية "ديلما روسيف" لم يكن إلا ثمرة نجاح برنامج اقتصادي إصلاحي طموح شهدته البرازيل طوال ثماني سنوات هي فترة حكم الرئيس السابق "لويس ايناسيو لولا دا سيلفا" الشهير ب "لولا". ويحظى الرئيس "لولا" بشعبية كبيرة في البرازيل وخاصة بين الطبقة الفقيرة وأطلقوا عليه لقب "بطل الفقراء"، حيث استطاع إقناع العديد من رجال الأعمال والطبقة المتوسطة بالالتفاف حول الفقراء, كما قام بوضع العديد من البرامج الاجتماعية التي أسهمت إلى حد كبير في تقدم بلاد السامبا, كما يعتبر "لولا" خبير اقتصادي وفقًا للعديد من التقارير برغم من افتقاره للخلفية الأكاديمية، إذ اقترح تمويل برنامج لمكافحة الفقر من خلال فرض ضريبة على صفقات الأسلحة في العالم. وتسبب فوز دا سيلفا برئاسة البرازيل في خوف الرأسماليين وغضب اليمينيين، بسبب فكره الاشتراكي اليساري, ولكنهم وبعد فترة قصيرة تنفسوا الصعداء حيث كانت البرازيل على شفا الهاوية, وهي الآن تتمتع بفائض يزيد عن 200 مليار دولار وأصبحت صاحبة أقل نسبة غلاء من دول العالم الثالث, وذلك بفضل مجهودات دي سيلفا. وحدثت تحولات كبيرة باقتصاد البرازيل بفضل المنهج الذي وضعه" لولا" لبناء الدولة, ويتمثل في الديمقراطية والسياسة المتوازنة بين البرامج الاجتماعية للأسر الفقيرة إلى جانب التصنيع والتصدير اعتمادًا على عدد كبير من الشركات العملاقة, واستطاع إخراج أكثر من 20 مليون شخص من تحت خط الفقر وتحسين حالتهم المادية, وبالرغم من انهيار البورصة البرازيلية عندما فاز دا سيلفا بالرئاسة, وانخفاض سعر العملة المحلية مقارنة بالدولار إلا أن "لولا" نجح في احتواء رجال الأعمال بالتوازي مع برامج مكافحة الفقر, واستعان بمجموعة من المستشارين الأكفاء في المجال الاقتصادي, واعتمد على مجموعة من الشركات الكبيرة التي تنتج السيارات والطائرات, بالإضافة إلى مصانع المنتجات الغذائية مثل اللحوم والدواجن ونجح في تطبيق برنامج لتحسين الأوضاع الاجتماعية ل 8 ملايين أسرة فقيرة.