لم يتوقف الطلب بإسقاط الرئيس محمد مرسي حتى يتجدد الآن.. فمنذ بدأ الرئيس ولايته في 1-7-2012، وحتى الآن وبعد مرور أكثر من عشرة شهور على انتخابه في انتخابات حرة نزيهة شهد بها العالم أجمع وكل يوم تظاهرة لإسقاطه. كانت أول تلك المظاهرات في أول يوم عمل له كرئيس للجمهورية وبعد حلفه لليمين بقيام عدد من النشطاء بالتظاهر أمام قصر الاتحادية، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين تم القبض عليهم طوال المرحلة الانتقالية من حكم المجلس العسكري سواء من قبضت عليهم الشرطة العسكرية بقيادة اللواء حمدي بدين أو الشرطة المدنية وطالبوا أيضًا بالإفراج عن ضباط 8 إبريل. وتوالت المظاهرات والاحتجاجات اليومية بمناسبات مختلفة فهناك مظاهرات للمائة يوم من حكم محمد مرسي، ولا ننسى مرسي ميتر الذي تم إنشاؤه خصيصى لمراقبة أداء الرئيس ثم مظاهرات محمد أبو حامد في 24 أغسطس عقب الإطاحة بالمجلس العسكري ثم تظاهرات الإعلان الدستوري الثاني الصادر في 21 نوفمبر 2012 وكان ذلك اليوم بداية تظاهرات كبرى بدأت من حصار قصر الاتحادية والاعتصام أمامه والاعتصام بميدان التحرير الذي ظل لأشهر بجانب تظاهرات في أغلب محافظات مصر، وكذلك في الدول التي زارها الرئيس ابتداءً من الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث تظاهر أقباط المهجر فور وصول الرئيس لإلقاء كلمة مصر في الأممالمتحدة، وكذلك تظاهرات ألمانيا، حيث تظاهرت منظمة العفو الدولية بتمثال نفرتيتي ومظاهرات أخرى في بولندا وغيرها من الدول ثم تتابعت المتظاهرات في كل أرجاء مصر وسط مساندة إعلامية منقطعة النظير مطالبة بإسقاط الرئيس وكسر كل المحرمات في انتقاد الرئيس وإهانته والتهجم عليه بجانب محاولات عديدة لاقتحام القصر الجمهوري. وبدأت موجة جديدة من الاحتجاجات في يناير 2013 في الذكري الثانية لثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي استمرت حتى آخر مارس 2013 وشملت معظم المحافظات وتم التعدي على كثير من المنشآت الحكومية ودور العبادة والمحاكم ومقرات الأحزاب وكان أخطرها في محافظة بورسعيد بعد أحكام الإعدام التي صدرت بحق مذبحة الاستاد وإعلان حظر التجول على مدن القنال بجانب تظاهرات ميدان الشون بالمحلة الكبرى. ولم تخل الموجات الثلاثة الماضية في 24 أغسطس 2012 و21 نوفمبر 2012 و25 يناير 2013 من كثرة الاحتجاجات فقد صدر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا عن الاحتجاجات الاجتماعية في عام 2012 التي وصلت لمستوى غير مسبوق، كما يقول التقرير الصادر في يناير 2013 وهو 3817 احتجاجًا منها 1381 احتجاجًا في القطاع الحكومي و1205 احتجاجًا من الأهالي والقطاع الخاص و410 في قطاع الأعمال و222 احتجاجًا لأصحاب الأعمال الحرة. وذكر التقرير أن المحتجين استخدموا كافة الطرق الممكنة لتوصيل مطالبهم حتى لجأ البعض لتصعيد احتجاجهم كما بدا متطرفًا في بعض الأحيان، حيث رصد المركز 851 وقفة احتجاجية و561 حالة قطع طريق و558 حالة تظاهر و514 إضرابًا عن العمل و500 حالة اعتصام و163 حالة تجمهر و135 حالة إضراب عن الطعام و64 حالة اقتحام مكتب مسئول و140 مسيرة و30 حالة احتجاز مسئول داخل مكتبه و26 حالة اعتداء على مقار حكومية . وبعد هذا السرد لأهم أرقام التقرير يأتي التساؤل الأهم كيف يستطيع رئيس أيًا كان انتماؤه وكفاءاته أن يدير دولة في ظل تحول ديمقراطي بهذا الشكل..؟ أقول هذا وقد بدأ التجهيز لموجة رابعة من الاحتجاجات أعلنت عنها قوى ثورية ومجموعات البلاك بلوك التي ظهرت بأعمالها العنيفة منذ فبراير 2013، وذلك بالحشد لمظاهرات 17 مايو المعروفة بما سمي "مليونية إهانة الرئيس"، وكذلك حملات "تمرد" لسحب الثقة من رئيس الجمهورية بجانب الحديث الدائر عن محاكمة شعبية لرئيس الجمهورية من خلال بعض القضاة السابقين أمثال تهاني الجبالي وإبراهيم درويش، رئيس حزب الحركة الوطنية التابعة للمرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق، وذلك في يوم 1-7-2013 في الذكرى الأولى لوصول الدكتور محمد مرسي لسدة الحكم. وأقول هذا أيضًا وقد مر عام كامل علي تولي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئاسة فرنسا وبينه وبين الدكتور محمد مرسي كثير من التشابهات فالأول تم انتخابه في العام الماضي في يوم 7-5-2012 بعد أن خاض السباق الرئاسي بديلًا عن رئيس الحزب الاشتراكي، وكذلك الرئيس محمد مرسي فاز برئاسة مصر بديلًا عن المهندس خيرت الشاطر، ورصدت شركة إيفوب في استطلاع رأي نشرته صحيفة لودي ماتش يوم 15 -2-2013 تدني شعبية الرئيس الفرنسي إلى 37% وفي 21-4-2013 في استطلاع جديد للمعهد الفرنسي للرأي العام وصلت شعبية الرئيس الفرنسي الاشتراكي إلى أدنى درجاته حيث وصلت إلى 25% والتي وصفها الخبراء بأنها رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة لفرنسا بينما في مصر أجرى مركز بصيرة لاستطلاع الرأي استطلاعًا بعد مرور تسعة أشهر اثبت تدني شعبية الرئيس مرسي إلى 37 % . وتراجع الشعبية إنه كانت ثمة اتفاق بين الرئيسيين إلا أنه لابد أن نعي جيدًا أن رئيس فرنسا الاشتراكي جاء منتخبًا مع دولة اقتصادية قوية ومستقرة وأخفق داخليًا وتهور في حروب خارجية في مالي بينما الرئيس المصري جاء في ظل تخبط أمني وضعف اقتصادي واحتياطي نقدي هزيل وتظاهرات لا تنتهي وإن كان لن نعفيه من عدد من الأخطاء في واقع تحول ديمقراطي بات صعبًا للغاية. وإذا كان التشابه بين مرسي وهولاند في أشياء كثيرة لكن اختلفت المعارضة الفرنسية والمصرية، فالمعارضة الفرنسية ساءها زيادة معدلات البطالة وانخفاض مستوى المعيشة، وكذلك عجز الموازنة الذي وصل إلى أربعة ونصف بالمائة، وعدم وفاء الرئيس الفرنسي الاشتراكي في كل ما تعهد به مكتفيًا بإصدار قانون المثليين بينما يرى المتحالفون معه ومنهم حزب الخضر أنه تغاضى عن قوانين أكثر أهمية للمواطن الفرنسي مثل قوانين الهجرة والعمل والإعفاءات الضريبية، ولكننا لم نر دعوات لإسقاط هولاند أو محاكمته أو أهانته أو سحب الثقة منه واكتفى الفرنسيون بمظاهرات سلمية في الباستيل للتنيديد بسياسة التقشف بينما نرى المعارضة المصرية عكس ذلك وإن كان الأوجب عليها أن تلعب على أخطاء الرئيس وفشله حكومته كما ترى وذلك بالتحضير للانتخابات القادمة والنزول للشارع المصري ومحاولة كسب ثقته بدلًا من محاولة إسقاط رئيس منتخب تارة بالمظاهرات وتارة باستخدام العنف كغطاء سياسي وثالثة بجمع التوقيعات لعزله.