التشكيل أو بالأحرى التعديل الوزاري الجديد كنت أنوى عدم التعليق عليه لأنني أعلم أن التعديل الوزاري لن يعدو أن يكون عملية تجميل لوجه مليء بالتجاعيد أو ترقيع لثوب خلق، وحيث إننا أعلنّا كحزب النور أننا لن نشارك في تغيير صوري فالغرض ليس مجرد المشاركة ولكن الغرض إحداث تغيير حقيقي من سياسة الإقصاء والاستحواذ والإنفراد بالسلطة في مرحلة حرجة من تاريخ الوطن إلى سياسة تقتضي التعاون والمشاركة لكل القوى الوطنية وتغيير آلية عمل الحكومة من خلال تغيير سياسة استخدام أهل الثقة إلى سياسة مشاركة الخبرات الوطنية ومن سياسة توظيف الهواة وغير المتخصصين إلى سياسة استعمال الأكفاء المحترفين، ومن توجيه السياسات الحكومية لخدمة هيمنة فصيل معين إلى رسم سياسات حكومية تعمل على إخراج الوطن من مأزقه والعبور به من عنق الزجاجة. وبالرغم من الملاحظات العديدة من زيادة جرعة الأخونة وكنت أتوقع أن يشمل التغيير بعض الوزراء الإخوان الذين أثاروا جدلًا واسعًا كوزير الإعلام ووزير السياحة أو أولئك الذين لم ينجزوا شيئًا يذكر كوزير الشباب والتنمية المحلية والقوى العاملة وغيرهم ولكن يبدو أن الرئيس وحزبه يلعبون معنا لعبة أو قل يستخدمون معنا حيلة مثل تلك التي استخدمها الحكيم مع الرجل الذي أتاه يشكو له ضيق مسكنه فأمره بإدخال النعجة والبقرة والحمار إليه على التدرج ليزداد الأمر تفاقمًا حتى يشعر الرجل في النهاية عندما يزال عنه جزء من العبء المضاف بمدى سعة المسكن ورحابته. إلا أنه ما لفت نظري وأثار انتباهي هو ثلاثة أخبار قرأتها في عدة ساعات متتابعة ليلة أمس وهي عن يحي حامد مستشار الرئيس لشئون المتابعة والذي أحترمه وأقدره، الخبر الأول يقول إنه مرشح لوزارة الاتصالات والثاني يقول إنه مرشح لوزارة الكهرباء والحقيقة أن أحد هذه الأخبار قد جمع بينهما أنه مرشح لوزارة الكهرباء أو الاتصالات، والخبر الثالث وأخشى ألا يكون الأخير أنه تم ترشيحه لوزارة الاستثمار، وكأن عندنا جوكر يمكن أن نضعه في أي مكان ورجل ذو مواهب متعددة وخبرات متنوعة وقدرات فائقة والمشكلة عندنا ليست أبدًا ما هي الخبرة المميزة التي يمكننا أن نرشحها لوزارة معينة؟ بل ما هي الوزارة التي يمكننا ترشيحها لهذه الشخصية الفائقة؟ لابد أن نتمسك بوزارة جديدة تبنى على أساس المشاركة الحقيقية لا الشكلية وعلى أساس الخبرات الوطنية لا المحاصصة الحزبية وأن يكون لها رؤية واضحة ومكلفة بمهام محددة تتناسب مع الفترة الانتقالية التي تسبق الانتخابات البرلمانية الهامة والمفترض أن تجرى خلال شهور قليلة قادمة "إن قدر لها ذلك". وينبغي أن تكون رؤيتنا للحل تنطلق من وجوب إحداث التوافق الوطني المبنى على قدر مناسب من المواءمة السياسية مما سيقلل من حدة الاستقطاب في الساحة السياسية والذي سيحدث قدرًا جيدًا من الاستقرار، مما سيخفف العبء عن الأجهزة الأمنية لتتفرغ لسد الفراغ الأمني والذي سيعطي فرصة للحكومة المكلفة بإنجاز المهام المطلوبة منها والتي ينبغي أن تتركز في: 1- وقف النزيف الاقتصادي الحاد والنهم غير الطبيعي للاقتراض 2- حل المشاكل الجماهيرية العاجلة والمتراكمة التي لم تزدها الحكومة السابقة إلا تفاقمًا 3- أن تشعر الجميع بحيادية الأجهزة الحكومية وعدم محاولة توظيفها سياسيًا لصالح فصيل معين. .4- إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في جو من النزاهة والشفافية. على أن تكون الحكومة البرلمانية الأولى بعد الدستور الجديد والتي سيتغير على إثرها نظام الحكم من نظام رئاسي كرسنا فيه كون رئيس وزراء مصر ليس إلا سكرتيرًا إداريًا على الحقيقة لرئيس الجمهورية إلى نظام مختلط يستقل فيه رئيس الجمهورية بمهامه ومن نظام تتمركز فيه السلطة بيد الرئيس إلى نظام تتوزع فيه السلطة ويتحمل فيه رئيس الوزراء ومع وزرائه الشأن الداخلي بمجمله، والمفترض أن تتكون هذه الحكومة من أغلبية برلمانية تحوز على إثرها على ثقة البرلمان، وإن لم تستطع قوة سياسية أن تحوز على الأغلبية فستجبر بلا شك لعمل ائتلاف سياسي وفق رؤية مشتركة حتى تحوز على هذه الثقة، وأما الحالة التي تعترينا هذه الأيام فلا ندري على الحقيقة هل الحكومة التي يشكلها د.هشام قنديل أو تشكل له هل هي على أساس رئاسي؟ فينبغي أن يسعى الرئيس إلى الخروج من إطار الحزبية الضيق وخاصة أنه لم ينجح بأصوات حزبه فقط، وأنه بعد انتخابه ينبغي أن يكون رئيسًا لكل المصرين وأن يكون على مسافة واحدة منهم كما يقول. أم على أساس الأغلبية البرلمانية؟ فلماذا تستأثر به أكثرية من جزء من تحالف لم يحز على الأغلبية؟ أم أن الأمر سياسة فرض أمر واقع ولتخمن أنت ما تشاء بعد ذلك.