جاءت تصريحات الشيخ أحمد فريد الأخيرة عبر فضائية الخليجية، صادمة للإسلاميين عموما، وفي القلب منهم جمع لا بأس به من أعضاء الدعوة السلفية نفسها – حسب ما أعلم -، حيث قال: (لو كنت أعرف ما سيفعله الدكتور مرسي من فتح الباب للشيعة كنت انتخبت شفيق !!وأوضح السبب، فقال: لأن شفيق كان سيدخلنا السجون , أما دخول الشيعة فسيفسد العقيدة، ..وقال أيضا : ما يحدث اليوم هو أشد جرما مما حدث في عهد حسني مبارك (انتهى كلامه ومثل ذلك القول من شخصية علمية لها احترامها بل ويلقبه كثير من محبيه باسم (البحر الرائق)، لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام. فبعيدا عما قاله المرشح الخاسر أحمد شفيق أثناء حملته الانتخابية من أن( القرآن لابد أن يكون متساويا مع الإنجيل! فإما أن تضاف " آيات " من الإنجيل إلى المناهج التعليمية، أو يتم إزالة آيات القرآن الكريم من المناهج!)، بعيدا عن ذلك فلابد من تحقيق في الأمر لنرى هل نظام المخلوع مبارك الذي يُتندم على عدم رجوعه في ثوب أحمد شفيق، هل كان هذا النظام بالفعل أفضل من النظام الحالي بالنسبة لمسألة التشيع أم لا ؟ ولكي يتضح ما أريده فسأبدأ من مقدمتين أراهما لازمتين: أولا: رأيت بنفسي أثناء إقامتي بالمملكة العربية السعودية مدى خبث الشيعة ومدى كذبهم بل ومدى التمادي والتطوير في الانحرافات والشنائع التي تزدحم بها عقيدتهم . ثانيا: أحب قبل أن أتحدث عن المسألة محل التعليق أن أمهد لها قائلا: إن أسوأ شيء للعالم أن يكون تصوره لمسألة ما تصورا خطأ، وبالتالي يكون الحكم خطأ، ولقد استمعتُ إلى الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز، وهو يذكر أن والده رحمه الله وهو مَنْ هُوَ، كان يفتي بحرمة لبس البنطال الجينز للرجال!؛ فقد كان الشيخ ابن باز ضريرا يعتمد على وصف الآخرين للأشياء حتى يتعرفها، وقد وصف له أحدهم نوعا من الجينز وهو البنطال الضيق الذي يُجسم العورة، فظل الشيخ سنوات كلما سُئل عن الجينز يفتي بالحرمة، تبعا لتصوره لحقيقة البنطال الجينز ! ولذلك فأهل علم أصول الفقه يقولون: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره). وبناء على ذلك يمكنني أن أذكّر الأحباب بتلك الحقائق التالية : دخل مصر في عهد مبارك -بحسب منظمة العمل العربية- ما يقرب من 150 ألف عراقي (سُنّة وشيعة) ويتمركز أغلبهم في محافظة السادس من أكتوبر، وقد تعامل معهم القانون المصري آنذاك كوافدين عرب، وغض الطرف عن أية أبعاد دينية أو طائفية أثناء منحهم الإقامة. يقول محمد علي إبراهيم رئيس تحرير صحيفة (الجمهورية) في عددها الصادر الأحد (21/9) " لقد كتبت محذرا أكثر من مرة من انتشار العراقيين بهذه الكثرة في مدينة 6 أكتوبر؛ وقالوا لي وقتها إنهم من السنة وهربوا من فظائع الاحتلال الأمريكي، وللأسف اكتشفنا بعد فوات الأوان مذهبهم الحقيقي وهدفهم السياسي". وحسب تقديرات بعض المتابعين، فإن أكثر من( 65 ألف) عراقى شيعى يتكلمون بالعربية(وليسوا مثل الإيرانيين يتكلمون بالفارسية ولا يُجيدون العربية) دخلوا كعراقيين ولم يُعلم مذهبهم في بداية الأمر!، دخلوا وأقاموا وتعاملوا واشتروا وباعوا وخالطوا المصريين فى السنوات العشر الأخيرة، وأنشؤوا أكثر من (25 حسينية) بطريقة غير رسمية على هيئة أماكن خاصة، وذلك في عدد من المحافظات ، هذا غير السائحين الشيعة من السعودية والكويت، وهؤلاء يتحركون في مصر بحرية شديدة ولا يعلم أحد من المصريين مذهبهم! وبعيدا عن صحة أو دقة هذه الأرقام والأعداد الخاصة بالشيعة العراقيين في مصر؛ بعيدا عن ذلك فإننا لم نعلم سابقا أي اعتراض جهري على نشاط الشيعة في مصر مِن بعض مَنْ ينتفض الآن ضد اتفاقية التعاون السياسي مع إيران! ولنعد قليلا للوارء لنرى عهد مبارك المبكي عليه من بعض من تصوروا عهده تصورا خطأ في مسألة الشيعة؛ فقد ظهر لنا أثناء عهده في مصر التشيع، رغم ادعاء إغلاق الباب في وجه الشيعة تماما، فظهر لنا في عهد مبارك التشيع في محافظة الشرقية! على يد المدعو محمد يوسف إبراهيم، وهذا المدعو أحمد راسم النفيس الذي نراه منذ سنوات عدة عبر شاشات الفضائيات يمرح ويتحرك بمنتهى الحرية، متى ظهر ومتى تشيع؟ قطعا في عهد مبارك . بل لقد عانينا في مصر أيام المخلوع من تساهل رسمي مع الإيرانيين لنشر التشيع!!!!، وتلك بعض أمثلة له: 1- استضافة مصر لمؤتمر التجديد في الفكر الإسلامي من 31/5/ إلى 3/6/2001, وكان من بين المشاركين عبد الأمير قبلان ومحمد علي تسخيري وعبد المجيد الخوئي. 2- وزيارة رئيس جامعة الأزهر –آنذاك- أحمد عمر هاشم إلى مؤسسة الخوئي في لندن في شهر يوليو (تموز) من العام نفسه على هامش زيارته إلى لندن لتوقيع اتفاقية تعليمية مع الكلية الإسلامية. 3- عقد مؤتمر (حقيقة الإسلام في عالم متغير) برعاية مبارك في مايو (أيار) 2002م، وقد شارك فيه أيضاً: الخوئي وقَبَلان. 4- زيارة السفير المصري في بريطانيا عادل الجزار لمؤسسة الخوئي الشيعية في لندن لحضور حفل تكريم أقامته المؤسسة في شهر أغسطس (آب) 2003 لرئيس بعثة الأزهر في بريطانيا والمستشار في السفارة المصرية بمناسبة انتهاء عملهما في بريطانيا. [انظر: مجلة النور التي تصدرها مؤسسة الخوئي, الأعداد 122, 123, 133, 148] 5- وقد تجسّد هذا التساهل أيضاً في التعاون الوثيق بين مؤسسة الأهرام ومركزها للدراسات السياسية والإستراتيجية وبين معهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية, إذ أثمر هذا التعاون: أ- إصدار مركز الأهرام مجلة مختارات إيرانية, وهي مجلة شهرية تصدر باللغة العربية بدءاً من شهر آب (أغسطس) 2000م, وتركز على المواد العلمية والصحفية المنشورة أساساً باللغة الفارسية. ب- فتح حوار بين مركز الأهرام ومركز الدراسات السياسية التابع للخارجية الإيرانية, وقد نتج عن هذا الحوار عقد ندوة سنوية بين المركزين تعقد دورياً بين طهرانوالقاهرة للنهوض بالعلاقات المصرية الإيرانية كخطوة أولى, ثم توسيع الحوار في اتجاهين: الأول: اتجاه توسيع الحوار إلى حوار (عربي إيراني). والآخر: خلق محور خاص للحوار( مصري, إيراني, تركي). وقد عقدت الندوة الأولى في طهران يومي 10 و 11 يوليو (تموز) سنة 2000م, وعقدت الندوة المصرية الإيرانية الثانية في القاهرة (21-22 يوليو سنة 2001م) [ انظر: تطوير العلاقات المصرية الإيرانية, ص7-9, تحرير د. محمد السعيد إدريس – والكتاب عبارة عن أعمال الندوة الثانية التي عقدت في القاهرة] وشهدت العاصمة الإيرانية أعمال الندوة الثالثة في الفترة 10-11 ديسمبر (كانون الأول) 2002, وبالرغم من الدور الذي تلعبه هذه الندوات بالترويج للوجود الإيراني في المجتمع المصري, إلا أن إحدى المشاركات الإيرانيات وهي (جميلة كاديفار) شنّت هجوماً على مصر واتهمتها بالتقاعس عن إقامة العلاقات مع إيران. [افتتاحية مختارات إيرانية, العدد 30 يناير (كانون الثاني) سنة 2003 ص4-5] تلك هي المعلومات والحقائق أيها الأخوة . أما الآن ففي عهد الرئيس مرسي جاءنا فوج واحد فقط من السياح الإيرانيين غير الناطقين بالعربية وتم تحديد مسار محدد لهم لا يمكنهم تخطيه (يمكن التعرف على هذا المسار من شركات السياحة)، وتم تكليف الأمن الوطني بمتابعتهم –حسبما قيل -، وذلك كله – وهو الأهم في المسألة - وسط يقظة شعبية كبيرة، وهجوم شديد على السماح للسياح الإيرانيين بدخول مصر . فهل هذا الفوج أفسد عقيدة المصريين ولم يفسدها العراقيون ولا السائحون من الكويت أو السعودية أو البحرين في عهد المخلوع حسنى مبارك؟ إن الدعوة للتشيع هي دعوة فكرية في المقام الأول، ولا يكفي في مقاومة الأفكار(أي أفكار) حصارها ومنع تداولها أو حظرها عن طريق وضع حوائل بين دعاتها وبين الناس، بل لابد من مقاومة الأفكار بالأفكار أولا وقبل أي حظر، ولابد من توجيه الجهود بدلا من مجرد الاعتراض إلى إعادة النشاط الدعوي – الذي كان ممنوعا في عهد المخلوع – لنشر عقيدة أهل السنة والجماعة وتبيان اختلافها مع الشيعة . وقد ناقشت تلك المسألة في مقالي (سياسة الخطوط المتوازية ومحاولة نشر التشييع) ، وهو منشور على موقع جريدة(المصريون) الألكتروني بتاريخ 9 مارس 2003م، فيمكن للقارئ الكريم الاطلاع عليه . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]