بتتبع ظاهرة تمجيد لحظات الهبوط تاريخيًا وجدنا أن بواكيرها قد غزت المجتمع بطهورها علانية في فيلم (القاهرة 30) يمكن مراجعة أقوال البطل الديوث لزوجته (.........) وأترك للقارئ الكريم أن يكمل ما بين القوسين وقطاع عريض من المجتمع يعرف ما بين القوسين نظرًا لتكرار عرض الفيلم وبشكل يلفت الأنظار والفيلم مأخوذ عن رواية للأستاذ نجيب محفوظ اسمها (القاهرةالجديدة) ظهرت في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي تم تبعتها أفلام مأخوذة من روايات الأستاذ نجيب محفوظ مثل فيلم (الطريق) المأخوذ عن رواية (الطريق) والذي أثار مشكلة كبرى بين النقاد وقت عرضه نظرًا لما احتواه من مشاهد يقال عنها إنها الواقعية الجديدة ورفضه البعض ومنهم الناقد الفني الكبير عبد الفتاح البارودي رحمه الله وقال إنه دعوة لتحطيم القيم. ثم تلى ذلك فيلم (شباب امرأة) المأخوذ عن رواية للأستاذ أمين يوسف غراب وكلنا يعرف الكثير من مشاهد الفيلم وغيره كثير ووصلنا إلى ما هو أحط مما ذكرت والقارئ الكريم يستطيع أن يذكر مالا أستطيع أن أذكره بحكم السن وحال الذاكرة التي أصبحت غربالية تسقط كل الأشياء أي واقعية في تمجيد لحظات الهبوط!؟ إنها ليست واقعية!! إنها الواقعية المنحرفة. الواقعية المزورة. نحن لا ننكر لحظات الهبوط ولكننا لا نمجدها فيصبح العمل الفني أقرب إلى أفلام (البورنو) منه إلى التعبير عن هموم الوطن وأصبحت لحظات الهبوط هي اللحظات المطلوب تمجيدها وقد (استطاعت بعض القوى (المؤمنة) بنظرية تمجيد لحظات الهبوط أن تثبت ما يؤيدها وتبشر بها بدعوى الواقعية نعم إنها الواقعية ولكنها الواقعية المنحرفة المزورة.... هي لحظات هبوط ولكن تمجيدها هو الخطر الأكبر الذي يهدد منظومة القيم العليا ويفسدها وهذا ظاهر للعيان كما أن تمجيد نقطة التسامي مقلقة أيضًا لأنها تخالف الطبيعة الإنسانية فلا يمكن أن يغرق الإنسان في التسامي ولا يمكن أيضًا أن يغرق الهبوط والتدني وظاهرة شحن المجتمع بكل ألوان التدني يدعونا إلى طرح هذا السؤال. - لصالح من تهدم منظومة القيم العليا؟ إن تمجيد لحظات الهبوط ظاهرة عمت كل المجتمع تقريبًا. وما عليك إلا أن تجلس إلى (الفيس بوك) وتكتب (فيس بوك) ثم أنظر إلى ما ترى.. ستقول وقتها على الدنيا السلام! شاهدت بنفسي أغنية تقول كلماتها (زوجي شبشب حمام يعمل (......) لا أستطيع كتابة ما تبقى من الأغنية وشاهدت أيضًا غنية (مهرجان مديحة (.....) أدخلت (اللاب توب) فى الشنطة المخصصة له وأغلقتها وهي الآن فى سبيلها إلى الفني المختص لمحاولة إغلاق هذا الملف البذيء. لا يمكن لعاقل أن يقبل ما يحدث الآن فى مصر من تمجيد لحظات الهبوط في الشارع، في المدارس، في الفضائيات، في السينما! الأم تسب علنًا بأفظع الألفاظ وتسأله لماذا يكون الجواب (ده هزار!). انحطاط عظيم وتدهور أخلاقي أعظم. حسب التعبير الدكتور جلال أمين: ماذا حدث للمصريين!؟ لم تكن أخلاقنا بعد هزيمة 67 على هذا النحو. ماذا حدث للمجتمع؟ لقد فقدنا صفة (التراحم) واستبدلناها بصفة (التعاقد)! كما يقول أستاذنا عبد الوهاب المسيري رحمه الله. انتقل المجتمع من (مجتمع تراحمي) إلى (مجتمع تعاقدي). أصبحت كلمة (بكام)، أو (تدفع كام) هي الحاكمة بشكل ملفت للنظر. وحسبنا الله ونعم الوكيل. المجتمع التعاقدي الذي هزم (عبد الوهاب المسيرى) فاتجه بعد الانبهار به إلى صيغة المجتمع التراحمي حتى رحل عن الدنيا ونفسه مرتبطة بالمنهج الإلهي وكذا الدكتور عبد الرحمن بدوي الذي عاش طويلًا في المجتمع التعاقدي حتى عاد إلى مصر ونعمة المجتمع التراحمي فكتب (الآن يؤذن لصلاة العصر). كتب بدوي: (الدفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم) وكذا (الدفاع عن القرآن ضد منتقديه) ورحل عبد الرحمن بدوى بعد أن استقر المنهج فى رأسه وقلبه. رحل بعد رحلة عذاب مع مؤلفات (سارتر)!! حتى ألقي بها في (صندوق الزبالة) وعاد إلى منهج خالقه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. المجتمع التراحمي أنقذ المسيري وروجيه جارودي المجتمع التراحمي أنقذ عبد الرحمن بدوي ومراد هوفمان لقد أفقدتنا صيغة (المجتمع التعاقدي) كل خصائص المجتمع التراحمي إلا فيما ندر وظهرت بوادر تلكم الآفة التي اسمها المجتمع التعاقدي منذ أوائل ثلاثينيات القرن الماضي واستفحل خطرها بما أفرزت من أفكار منحطة من كل تعاملات الناس نراها من الفرد، ونراها في الأسرة ونراها في المجتمع ككل!! من يخلصنا من هذا البلاء!؟ من يخلصنا من ظاهرة تمجيد لحظات الهبوط والتدني التي تكاد تأتى على ما تبقى من (مجتمع)؟ ويمكن التخلص من هذه الظاهرة على المستوى القريب بالوسائل الآتية: - ضبط ومصادرة ما يعرض في الأسواق من منتجات مخالفة للأخلاق والنظام العام. - وضع نظام لتطبيق لائحة مخالفات على كل من ينتج أو يسوق لما يخالف الأخلاق والنظام العام. أما على المستوى البعيد: - ضرورة تفعيل النصوص الدستورية بوضع القوانين التى تحمي المجتمع من الانهيار. المواد الدستورية من (18 إلى 13) ص (7) من الدستور المصرى 2012 وخاصة المادة (11) التى يقول نصها: " ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخي والحضاري للشعب وذلك وفقًا لما ينظمه (القانون)". اتركوا مجلس الشورى يعمل وهو يقوم بدور تشريعي مؤقت نظرًا لعدم وجود مجلس النواب حاليًا. مجلس الشورى الذي يحاول البعض هدمة هو مجلس منتخب من الشعب ومحصن بقوة الدستور ولا داعي للدعوة إلى قيام دولة فوق الدولة. اتقوا الله في هذا البلد أيها الناس جميعًا وهذه الدعوة إلى كل مسئول بداية من رأس النظام الحاكم الذي يحاول أن يقيم هذا البلد على أساس القوة والأمانة. أعينوا هذا الحاكم أيها الناس. والحمد لله رب العالمين.