يحتل الأزهر الشريف مكانة كبيرة فى قلوب جميع المسلمين بصفة عامة، والمصريين بصفة خاصة، وذلك إيمانًا بدوره الكبير فى حماية الهوية الثقافية العربية الإسلامية، والدفاع عن قيم الوسطية والاعتدال فى الفكر الإسلامي، ونشر العلوم الشرعية واللغة العربية والتصدّى لتيارات التطرف والغلوّ التى تشذ عن صحيح الدين وتنحرف عن جادة الحق والصواب، فالأزهر مؤسسة تعليمية ثقافية علمية ومجمع للعلوم الإسلامية وللبحوث والدراسات التى تخدم الثقافة والفكر الإسلاميين، والتى تقدم زاداً معرفياً روحياً للمسلمين فى كل مكان، وهو إلى ذلك كله منتدى لأعلام الدعوة وشيوخ العلم وأقطاب الفكر والثقافة الإسلامية، فمن هيئاته الرئيسَة، مجمعُ البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، والمجلس الأعلى للأزهر، إلى جانب جامعة الأزهر، التى تضم أكثر من خمسين كلية تستوعب الآلاف من الطلاب، وشبكة واسعة من المعاهد الأزهرية، وهى المدارس الدينية التى منها ينتقل الطلاب إلى جامعة الأزهر، ويبلغ عددها المئات من المعاهد تغطى مختلف أنحاء مصر، وللأزهر حضورٌ واسعٌ فى عدد كبير من دول العالم، فى آسيا وإفريقيا وأوروبا والأمريكتين وأستراليا، من خلال المئات من المبعوثين من الوعاظ والأئمة والمدرّسين الذين ينقلون ثقافة الاعتدال والوسطية إلى العالم، وينشرون التعليم العربى الإسلامى على نطاق واسع. ولكن للأسف الشديد، أسهمت الحوادث المتكررة لتسمم الطلاب داخل المدينة الجامعية لجامعة الأزهر فى غضب شعبى كبير ضد ما يخطط للنيل من المؤسسة الدينية الأولى فى مصر، التى ظلت لفترة طويلة تقود العالم الإسلامى على مدار تاريخه لمقاومة الاحتلال الأجنبى بشتى أنواعه، فقد نادى الشارع المصرى بضرورة إعادة هيكلة المنظومة الإدارية للمدينة الجامعية بجامعة الأزهر وعدم إلقاء المسئولية على شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب فى حوادث التسمم المتكررة لطلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر، لأن المساس بشيخ الأزهر هو مساس بكل المسلمين، وأن تكرار تلك الحوادث يدعو للشك والريبة، وأنه هناك مؤامرة وراء ما يحدث بهدف التخطيط للإطاحة بالدكتور أحمد الطيب، خاصة بعد إصرار الطيب على رفض تمرير مشروع الصكوك الإسلامية. حزب الحرية والعدالة من جانبه، أكد أننا لا نستطيع أن نقيل شيخ الأزهر، ولم يتطرق مننا أحد إلى هذا الموضوع، ولا ندين شيخ الأزهر بشىء ونطالبه، بأن يكون حاسمًا فى وجه ما تشهده جامعة الأزهر من مظاهر فوضى، وعلى شيخ الأزهر أن يبادر بإجراء انتخابات رئيس الجامعة الجديد بنفس القواعد المتبعة بكل جامعات مصر، وعلى ضرورة أن يلتزم الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، بنتائج انتخابات رئيس الجامعة. وفى إطار ذلك رصدت (المصريون) آراء المحللين وعلماء الدين فى أسباب تكرار حوادث التسمم داخل جامعة الأزهر، وهل هدفها هو الإطاحة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وفى هذا الصدد، يقول الدكتور محمد فؤاد شاكر، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس، إنه لا يمكن أن تكون حوادث التسمم المتكررة فى المدينة الجامعية للأزهر مجرد صدفة، ولكن هناك من له مصلحة فى تشويه صورة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وذلك تمهيدا لعزله من منصبه، لأن هذا هو المكان الوحيد الذى لم يتم أخونته إلى الآن حتى بالدستور، فعندما حاول البعض التغيير فى مواد تعيين شيخ الأزهر لا ننسى مجهودات السلفيين لعدم تغيير هذه المواد، ومنذ ذلك الحين أصبح شيخ الأزهر حوله علامات الاستفهام. فالإخوان يحاولون أن يتناسوا تاريخ الأزهر وعمره أكثر من ألف عام ونفوذه يمتد لكل بقاع الأرض، ولا يمكن أن يكون لشيخ الأزهر أى صلة لما يحدث، فهذا كله مؤامرة ضد شيخ الأزهر، وذلك لنجاح جولاته الخارجية فى كل من المملكة السعودية والإمارات، وخاصة بعد فشل نظام الحكم فى هذه الجولات من قبل، فقد استقبل استقبالا ملكيا لم يحظ به أى رئيس، فقد عاد من الإمارات بعد ما ساهم فى الإفراج عن المسجونين المصريين، وأن ما يحدث من محاولة توريط شيخ الأزهر فى مسلسل التسمم هو نوع من الغباء السياسى يفهمه الكثير، ويجب محاسبة المسئولين، فهى ليست حوادث فريدة من نوعها. ومن جانبه، يقول الدكتور مراد على، المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة، إننا لا نستطيع أن نقيل شيخ الأزهر ولم يتطرق مننا أحد إلى هذا الموضوع ولا ندين شيخ الأزهر بشىء، ونطالبه بأن يكون حاسمًا فى وجه ما تشهده جامعة الأزهر من مظاهر فوضى، وعلى شيخ الأزهر أن يبادر بإجراء انتخابات رئيس الجامعة الجديد بنفس القواعد المتبعة بكل جامعات مصر، وعلى ضرورة أن يلتزم الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، بنتائج انتخابات رئيس الجامعة، مستنكراً إهماله لقرارات المجلس الأعلى للأزهر، الذى أقاله من منصبه عقب تسمم طلاب المدينة الجامعية خلال شهر مارس الماضي. وأشار إلى أن الإخوان لا يحتاجون أن يفعلوا ذلك، لأنه ببساطة شديدة مشيخة الأزهر مؤسسة تابعة للدولة، وأى خلل فيها ينسب إلى الدولة، وتكون فى وجه النظام الحاكم، وأن الإخوان لا يريدون الإطاحة بشيخ الأزهر، فمقامه محفوظ، ولكن يجب أخذ الإجراءات الفورية للكشف عن سبب تسمم طلاب الأزهر. ومن منطلق آخر، يقول الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن الغرض من تكرار حوادث التسمم فى المدينة الجامعية بالأزهر، هو حشد الرأى العام ضد الإمام الأكبر، لإجباره على ترك منصبه، بهدف الدفع بأحد رموز بعض القوى السياسية لتولى المنصب الرفيع وخلافة الإمام الأكبر، إذا نجح المخطط، وذلك ظهر فى الهتافات ضد شيخ الأزهر، وتحميله مسئولية ما حدث لزملائهم، بالرغم أنه غير مسئول عما حدث. وأكد أن هناك مسئولين يجب معاقبتهم ومحاسبتهم، ولكن من الواضح أن المقصود كان شيخ الأزهر، فقد وصلت حالات التسمم إلى 107 طلاب من جراء تسمم من وجبة تونة و570 طالبا فى بداية الشهر الجارى، فهناك شىء غريب، لماذا هؤلاء فقط هم الذين أصيبوا بالتسمم، بالرغم من أن هناك أكثر من 14 ألف طالب وطالبة أكلوا من نفس الوجبة؟ فنحن نعتبر أن ما حدث هو جريمة مع سبق الإصرار والترصد ضد الأزهر. وليست هذه هى المظاهرة الأولى ضد شيخ الأزهر، فمنذ فترة تم التظاهر أمام الأزهر، عندما رفض الأزهر مشروع الصكوك الإسلامية، واستغلوا حادثة التسمم لتصفية حسابات سياسية مع شيخ الأزهر، فهناك مؤامرات خبيثة للتشويش والإساءة لشيخ الأزهر. وأكد زهران أن هناك بعض القوى السياسية تشعر باستياء شديد من سمعة شيخ الأزهر الطيبة ومكانته العظيمة داخل وخارج مصر وحصوله منذ أيام على جائزة الشيخ زايد كشخصية العام الثقافية وتبرعه بها وتزايد شعبية الأزهر لدى المسلمين والأقباط، ولذلك لا نستبعد وجود مكائد ودسائس للإطاحة بشيخ الأزهر، وهذا واضح من خلال المطالبات بإقالة شيخ الأزهر، وهو لا نسمح به على الإطلاق، فشيخ الأزهر قامة كبيرة لدى العالم الإسلامى كله، ولا يمكن التعامل معه بهذا الشكل المهين، وكل هذه الحوادث يسأل عنها المسئول الذى تسبب فى واقعتى تسمم فى أقل من شهر.