وصف المستشار زغلول البلشى -مساعد وزير العدل للتفتيش القضائى- وجود مذبحة جديدة للقضاء بأنه كلام فارغ، موضحًا أنه لا أحد يملك أن يذبح القضاة، معتبرًا أن مشروع قانون السلطة القضائية المقدم من أحد الأحزاب غير منطقي وغير مقبول شكلًا و موضوعًا وما يحدث حاليًا يعد جورًا على منظومة القضاء. وأكد في حواره مع "المصريون" أن تطهير القضاء -حسب زعمهم- لا يتم بالمسطرة وليس منطقيًا أن يتم التخلص من نصف مستشاري محكمة النقض ونصف مستشاري محكمة الاستئناف. وقال إن المستشار مكي أفضل وزير عدل عرفته مصر وأنه صمد وحارب في العديد من الجبهات وتصدى لمواقف صعبة ومصر لن تنسى دوره في الحفاظ على القضاء. واستنكر مطالب فتح باب الترشح أمام المحامين لسلك النيابة والقضاء موضحًا أنه ليس هناك محام ناجح يقبل العمل في القضاء، ومن سيتقدم للترشح هم "الفشلة من المحامين"، فإلى نص الحوار.. *هل نحن أمام مذبحة جديدة للقضاء؟ هذا كلام فارغ، ولا يملك أحد أن يذبح القضاة أو القضاء.. ومشروع قانون السلطة القضائية المقدم من أحد الأحزاب بزعم ارتباطه بهتافات البعض بتطهير القضاء أمر غير منطقي على الإطلاق وغير مقبول شكلًا وموضوعًا، وليس كل من جاوز الستين فاسدًا ولذلك فأنا أري أن مشروع القانون انتقائي وانتقامي. *انتقائي لمن وانتقامي مِن مَن؟ بمعنى أن تطهير القضاء -حسب زعمهم- لا يتم بالمسطرة وأي شخص يتقدم بمشروع قانون جديد لابد أن يطلّع أولًا على القوانين المقارنة ويدرسها جيدًا، ويعرف أن إحالة القاضي للمعاش في الدول العربية مثلًا عن عمر يناهز كام، ولابد أن يعي جيدًا أن العمل القضائي يقوم على اكتساب الخبرات التراكمية.. فهل يجوز التخلص من نصف مستشاري محكمة النقض ونصف مستشاري محكمة الاستئناف؟!.. هذا غير معقول.. ويعتبر هدمًا للقضاء وليس إصلاحًا له. *في حال تمرير هذا القانون كيف سيكون الوضع؟ سيكون مفزعًا ومخيفًا أن تضرب محكمة النقض ومحكمة الاستئناف وتدمر كليهما لأن كل أعضاء محكمة النقض وأعضاء اليمين فوق ال65، ثم من أين سنأتي ببديل لهؤلاء الكوادر والخبرات الثمينة ونحن نسعى طوال الوقت لإعدادهم وتنمية خبراتهم وتجهيزهم بدءًا ممن تجاوز ال20 عامًا، وبمجرد أن يصبح مبدعًا ومقتدرًا في مركزه ومتمكنًا من منصبه أقول له "مع السلامة"، ولا يجوز هنا المقارنة بين الفئات الأخرى والقضاة، لماذا إذًا المشرّعون موجودون في البرلمان ويمارسون مهمة التشريع وأغلبهم تجاوز ال65 عامًا؟! *هل تري أن استقالة وزير العدل جاءت متأخرة أم محاولة للقفز من السفينة قبل الغرق؟ ليست متأخرة، المستشار مكي ظل يصمد ويحارب في العديد من الجبهات وتصدى لمواقف صعبة وتحمل الكثير من أجل ألّا ينسحب ويترك الأمور هكذا، ومصر لن تنسى دور الوزير القوي في الحفاظ على القضاء، وهو أفضل وزير عدل عرفته مصر وهذا ليس مجرد رأي ولكنه واقع من خلال الدور الذي قام به وما تحمله في الفترة المنصرمة فقد ظل يصمد ويحمي القضاء كثيرًا، وطول عمره شايل القضاء على دماغه، ووجود مكي في وزارة العدل ضمانة للقضاء وللشعب كله. *لكنه عاصر عزل النائب العام وحصار المحكمة الدستورية وغيرها، لماذا الاستقالة الآن؟ لأن ما يحدث الآن هدم للقضاء كله، والتطهير يكون بالمشرط وليس بالمسطرة ولن ننكر أنه من الممكن أن يكون هناك فساد، ولكن هل نهدم المنظومة بأكملها أم نقوم ببتر الجزء الفاسد؟ والقضاء يطهّر نفسه دائمًا، أمّا ما يحدث أمام أعيننا فهو تعدٍ جائر على منظومة القضاء، وهدم القضاء معناه هدم مصر بالكامل، والإساءة إليه إساءة لسمعة مصر بالكامل. *كيف ترى موقف النائب العام وعدوله عن الاستقالة؟ حصار مكتب النائب العام المستشار طلعت عبد الله كان السبب في تقديمه استقالته للمجلس الأعلى للقضاء، فالرجل أجبر على تقديم الاستقالة وتراجع عنها عندما هدأت الأمور، كما أن عدد الذين حاصروا مكتب النائب العام وطالبوه بالاستقالة يوجد أضعافهم لم يطالبوه بالاستقالة ولم يشتركوا في الحصار، كما أن إقالته هي تصحيح خطأ بخطأ أكبر والدعوات التي تطالب بإقالته من شأنها الاعتداء على استقلال القضاء، أما بالنسبة للإعلان الدستوري، فإنني كنت من أشد الرافضين له كما أن المستشار أحمد مكي وزير العدل لوّح باستقالته ولكن الرئيس مرسي طلب منه فرصة لتصحيح الأخطاء، وبعد ذلك قام بإلغائه بسبب الضغط السياسي والشعبي عليه، فاستقالة المسئولين ليست حلًا للأزمات، وأنا كقاض في المقام الأول أدافع عن استقلال مهنتي منذ نظام مبارك. *كيف تنظر لدعاوى فتح باب الترشح أمام المحامين للترشح لسلك النيابة والقضاء لسد العجز المتوقع من خروج 3 آلاف قاضٍ؟ أعتقد بل أُجزم أنه ليس هناك محامٍ ناجح يقبل العمل في القضاء، ومن سيتقدم للترشح هم "الفشلة من المحامين" لأن الناجح منهم يتقاضى مبالغ لا يمكن أن يحصل عليها بعمله في القضاء، وأغلب المشهورين منهم ناجحون ويتمتعون بمستوى معيشي مرتفع، وأنا مساعد وزير العدل أخرج إلي القطار أحمل حقيبتي، وهذا شرف لي لحبي الشديد لمهنتي، وفي العموم بات العمل في القضاء في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القضاة وما يُتداول على الألسنة من الفساد والتطهير يدفع القاضي للعيش في معاناة في ظل ما يمر به من ظروف صعبة. *تعتقد من المستفيد من إقصاء 3 آلاف قاض ومستشار يشكلون عناصر الخبرة والثروة الحقيقية القانونية التي نتباهى بها على مستوي العالم ؟ أنا لا أتبنى تفسير وجهات نظر أحد، وما أعرفه جيدًا أن مصر بها كوادر قانونية جبارة وعندما كنت في البحرين وجدت اثنين من مستشارينا الأجلاء يقال عنهم هناك إنهم من حكمائنا، أحدهم في محكمة التمييز البحرانية وعنده 88 سنة ويجلس في منتهى الشموخ ومتقد الذهن والذكاء ويبت في أمور الناس بمنتهى الحكمة والعدل والاقتدار، والآخر في الدستورية لديه 85 عامًا، وإن دلّ هذا إنما يدل على أن القاضي يستطيع أن يعطي طوال عمره مادام لديه القدرة على ذلك، وليعلم الجميع أن من يخرج من القضاة والمستشارين ستتخطفهم الدول العربية لأن هذه الدول تريد أن تبني قضاءً شامخًا ونحن الآن نهد هذا القضاء. *هناك من يرى أن نقل سلطة التشريع لمجلس الشورى رغم أنها من حق مجلس النواب هدفها تمرير بعض القوانين لخدمة فئة بعينها..ما رأيك؟ لابد من وجود سلطة تشريعية تمارس عملها لمواجهة الحالات المستعجلة الطارئة، وليس معنى ذلك أن يختص بقانون مثل قانون السلطة القضائية ويتعدى على القضاء، ونحن في مرحلة لا نحتاج فيها إلى مزيد من الانقسامات والانشقاق وزيادة الاضطراب والبلبلة. *ما تعليقك على مطالبة حزبي "البناء والتنمية" و"الحرية والعدالة" بمعاقبة المستشار الزند على ما وصفاه بتحريضه لأمريكا على التدخل في شئون مصر؟ أنا ضد اللجوء إلى اي دولة خارجية وضد التدخل الأجنبي بصوره كافة في مصر، ولابد أن نعالج مشاكلنا بأنفسنا وكل مجتمع له ظروف خاصة ولذلك مهما يحدث يجب أن نتدارك الأمر بأنفسنا ولا نسمح لأي أطراف خارجية أن تتدخل ونعمل على وحدتنا وتمسكنا بمبدأ (لا للتدخل الأجنبي في شئونا مهما حدث). *إذًا لست مع الدعوة لعقد الجمعية العمومية الطارئة للقضاة؟ لست مع الدعوة لمؤتمر، ولست مع المستشار الزند، أنا مع القضاء المصري الشامخ قلبًا وقالبًا، ومع أن يظل شامخًا وقويًا وعصيًّا في مواجهة أي رياح تهب عليه، وأنا متأكد أن القضاء المصري قادر على اجتياز أي محنة وسيخرج منها أشد وأقوى من السابق. *هناك قضاة محسوبون على "قضاة من أجل مصر" يرددون أن بعض القضاة طالهم فساد، وأن النظام السابق سعى لمّد السن. ما تعليقك؟ هذا كلام ليس له أساس من الصحة ولا سند من الحقيقة، كنا في الماضي ضد مّد السن لأن هذا كان له توظيف سياسي في ذلك الوقت، ونحن ضده الآن لتوظيفه سياسيًا، وهذا ما أود أن يفهمه ويدركه الجميع، نحن أحرص ما يكون على نزاهة وشموخ قضاء مصر وألا تشوبه شائبة. *بما تفسر إذًا وجود خلاف بين القضاة؟ هذا الخلاف الذي يبدو لكم انقسامًا على مستوى الساحة القضائية سببه العديد من الأخطاء التي حدثت في الفترة الماضية، ومنها إقالة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، وتقليل عدد قضاة المحكمة الدستورية العليا. وكان من المفترض أن تكون فترة انتقالية، بأن يستكمل مستشارو المحكمة الدستورية مدتهم كاملة حتى سن المعاش ثم لا يعيّن آخرون ليصبح العدد الجديد المذكور في الدستور والقضاء المصري يحتاج إلى تطوير وليس إلى تطهير، والقضاء المصري عبر تاريخه لا يتبع أي نظام. *كيف ترى جمعة تطهير القضاء ومحاصرة رجال القضاء في منازلهم التي نظمتها جماعة الإخوان وقوى إسلامية موالية للنظام؟ مظاهرات جمعة تطهير القضاء الأخيرة أمام دار القضاء العالي "باطل يراد به باطل" وهذا مرفوض ولا يوجد شعب يحاصر قضاته ويحاصر منازلهم، هذا شغل بلطجة ونحن نعرف طبيعة الشعب المصري المسالم، كل ما يحدث الآن دخيل على المجتمع المصري وأعتقد أنه قريبًا ستنجلي هذه الأزمة وتعود الأمور إلى نصابها. *وصفت إنذار نادي القضاة لمجلس الشورى بشأن قانون السلطة القضائية بالخطوة الخطأ، لماذا؟ أنا ضد هذا، كما أن هذا الإنذار ترتب عليه استفزاز مقدم المشروع للقضاة وكذلك أن إنذار نادي القضاة إلى مجلس الشوري خطأ لا يجوز أو يصح من قضاة لأنه يتضمن اعتداءً على سلطة أخرى، ومن الخطأ أن تعتدي السلطة التشريعية على السلطة القضائية، فالتشريعات الخاصة بالقضاء لها أصول يجب أن تراعى، وهذا الكلام معروف ويطبّق في العالم كله ولا يجوز الخروج عليها، وهناك اتفاقيات دولية وقعّت عليها مصر تضمن استقلال القضاء ويجب أن تُحترم حتى لا نتعرض للمساءلة من أي نوع. *هل تعتقد أن المحاكمات التي تمت من بعد الثورة كانت سببًا فيما يتعرض له القضاء اليوم من انتهاكات؟ قلت هذا الكلام مرارًا وتكرارًا، القاضي له أوراق ومستندات وأدلة يحكم من خلالها وليس من خلال أهوائه أو رغباته ولذلك فرجل القانون محكوم بأوراق وأدلة إنما رجل الشارع يحكم من خلال عواطفه وانفعالاته وما يتمناه، والعواطف لا تصلح لإصدار أحكام، وأنا عقب الثورة مباشرةً قلت وكتبت وأعلنت أن الثورات حالات استثنائية في حياة الشعوب تحتاج إلى إجراءات استثنائية لمواجهة الثورة المضادة، وطالبت بتشكيل محاكم ثورية لمحاكمة رموز النظام السابق وإبعاد القضاء العادي عن هذا الخضم الهائل، وأن ننأ بالقضاء من المهاترات التي يمكن أن يتعرض لها، ولكن لم يسمع أو يستجيب أحد، وها نحن الآن نعاني من ما حذرنا منه ولذلك يجب أن يعلم الجميع أن رجل القضاء المصري شريف ويدرك جيدًا حجم المسئولية الملقاة على عاتقه، ولكن هذه المحاكمات خضعت لظروف كثيرة منها إعدام وإتلاف أدلة، ورجل القضاء يحكم من خلال أدلة وبراهين وأوراق لذلك لابد أن ندرك جميعًا طبيعة الظروف التي نمر بها. *كيف سيكون تعاطفك مع موقف القضاة؟ لي وسائلي الخاصة التي لا تتعارض مع طبيعة عملي واحترامي لقدسية ومكانة عملي وكلامي من إبريل 2011 خير دليل على ذلك لقد أكدت مرارًا وقلت وقتها اتركوا المحاكم تعمل في صمت وهدوء لإنجاز عملها ولا تتدخلوا أو تعترضوا لأن القضاء المصري نزيه ومشهود له بالثقة والنزاهة. *تعلو نبرة الحديث عن أنه لم تكن هناك عدالة في اختيار أعضاء الهيئات القضائية منذ البداية وإقصاء أوائل كليات الحقوق والشريعة والقانون.. ما ردك؟ من المهم أن يعي الجميع أن التقدير ليس المعيار المهم لاختيار القاضي لأن هناك عشرات الكليات التي تخرج المئات من طلاب حاصلين على درجة امتياز وجيد جدًا، وهنا لابد أن نأخذ في الاعتبار التفاوت الصارخ في التقديرات بين الجامعات ال17 بين متساهل ومتشدد في أسلوب التعليم والتقييم، ولابد أن يكون هناك معيار آخر لاختيار القاضي، وأنا طالبت أن يكون اختيار وكيل النيابة عن طريق امتحان على مستوى الجمهورية مثل الثانوية العامة يتقدم لها من يشاء أيًّا كان تقديره الجامعي، ومن يجتاز هذا الامتحان بدرجة 80% فما فوق يلتحق بمركز الدراسات القضائية لتأهيله بغض النظر عن تقديره الجامعي. *ما الإجراء الذي اُتخذ مع وكيل نيابة مركز مطاي بالمنيا الذي أصدر قرارًا بجلد مواطن لشربه الخمر 80 جلدة؟ لقد ارتكب خطأً جسيمًا لأنه لم يستند إلى أحكام القانون في التعامل مع الواقعة، فأحكام قانون العقوبات واجبة التطبيق وليس أي شيء آخر، وأي قاضٍ يمتنع عن تطبيق القانون عليه أن يجلس في منزله وعلي أي وكيل نيابة أو قاضٍ يصدر مثل تلك الأحكام غير المفهومة أن يبتعد عن السلطة القضائية لأن القضاء ليس مستباحًا أمام أي شخص كي يطبق ما يريده وفقًا لمعتقداته وأفكاره، وليس وفقًا للقانون والدستور، وجميع الدول التي تطبق الشريعة يجب أن تكون هناك نصوص واضحة لذلك وتطبيق الشريعة لا يجب تركه للاجتهادات الشخصية، وإدارة تفتيش النيابات ستتخذ مع وكيل النيابة ما تراه مناسبًا وفقًا للقانون. *إلي أين وصلت التحقيقات مع المستشار وليد شرابي، المتحدث الرسمي باسم حركة "قضاة من أجل مصر"؟ قرار التفتيش القضائي ضد شرابي سيكون سريًا للغاية ولن يعلن عنه، وإدارة الشكاوى انتهت من التحقيقات معه في البلاغات المقدمة ضده بسبب انضمامه إلى جبهة الضمير الوطني واتهامه بإصدار تصريحات سياسية والتخلي عن التقاليد والأعراف القضائية المتعارف عليها وتأسيس حركة قضائية بالمخالفة للقانون وزياراته المتكررة للأحزاب السياسية فقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، وتعديلاته، يحظر على القضاة الاشتراك أو العمل في السياسة.