العلاقة بين الجدة والحفيدة علاقة من نوع خاص.. قد تكون الجدة قاسية في تربية أولادها ولكنها على العكس تمامًا مع أحفادها الذين هم أغلى من أولادها ولا يخطر على بال الجدة أي جدة أن تكون نهايتها على يد حفيدتها. وما شهدته قرية "إدمو" التابعة لمركز المنيا من قيام طالبة جامعية بقتل جدتها (82 سنة) من أجل سرقة قرطها الذهبي لحل أزمتها المالية بعد أن فقدت مبلغ 2000 جنيه حصيلة "جمعية" مع مجموعة من زميلاتها جريمة مخالفة للأعراف وصلة الأرحام وتعاليم الأديان. والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا قتلت الحفيدة جدتها؟ وكيف تجردت فتاة جامعية تدرس علوم القرآن والفقه والسنة النبوية من مشاعرها نحو جدتها وانهالت عليها ب"يد هون خشبية" على رأسها حتى لفظت أنفاسها، ثم شاركت الحفيدة فى جلسة العزاء مع السيدات وهى تصرخ وتتظاهر بالبكاء؟! لم تكن دموع الحفيدة على فراق جدتها بقدر ما كانت حزنًا على مصيرها، خاصة بعد أن ألقى رجال المباحث القبض عليها وهي تتلقى العزاء في جدتها. بداية الجريمة كانت بلاغًا تلقاه اللواء أحمد سليمان مدير أمن المنيا يفيد بالعثور على جثة سيدة عجوز تدعى عزة عبد الحميد عبد الله (82 سنة) داخل مسكنها بقرية "إدمو" حيث كشفت معاينة الحادث عن وجود شبهة جنائية وأن سبب الوفاة هو وجود آثار اعتداء عليها في الرأس. التحريات الأولية التي توصل إليها فريق البحث الجنائي بقيادة المقدم محمد الصاوي رئيس مباحث مركز شرطة المنيا، ومشاركة كل من النقباء محمد الموجي ومحمد عصمت وأحمد الصاوي معاوني البحث، أشارت إلى أن المجني عليها كانت تقيم في مسكنها بمفردها منذ سنوات طويلة بعد وفاة زوجها، وأن المجني عليها أدت رسالتها في تربية بناتها اللاتي تزوجن حيث تقيم واحدة منهن في قرية شوشة التابعة لمركز سمالوط، بينما تقيم ابنتاها بقرية "إدمو" التي شهدت الجريمة، وكان أحفاد المجني عليها وبناتها يترددون عليها بين وقت وآخر للسؤال عنها، كما كانت تتردد عليها الجارة التي تقيم في المنزل الملاصق والتي اكتشفت الحادث وتدعى ربيعة. تركز البحث الجنائي في اتجاهين: الأول أقارب وأحفاد المجني عليها، والثاني جيران المجني عليها، ولكن تردد إحدى حفيدات المجني عليها على منزل جدتها فى يومين متتاليين على غير عادتها أثار التساؤلات أمام أجهزة البحث، وكان أول خيط قاد فريق البحث لكشف غموض الجريمة وما قررته جارة المجني عليها أنها سمعت حوارًا بين المجني عليها وحفيدتها حيث طلبت الحفيدة من جدتها استعارة قرطها الذهبي وهي الملاحظة التي كشفت عنها معاينة الجثة حيث لم يتم العثور على القرط الذهبي للمجني عليها. كما قررت الجارة أن حفيدة المجني عليها حضرت إلى منزل جدتها في الساعة الثالثة عصرًا في اليوم التالي بعد أن طلبت منها استعارة القرط الذهبي ولم تعرف على وجه التحديد متى غادرت المنزل، وأنها اكتشفت الجريمة في المساء عندما وجدت باب منزل جارتها مفتوحًا والمسكن غير مضاء. وبعد مواجهة الحفيدة المتهمة بما جاء على لسان جارة جدتها انهارت وراحت تعترف بارتكابها للجريمة. قالت الحفيدة: إنني كنت أعاني أزمة مالية بعد أن ضاع مني مبلغ 2000 جنيه حصيلة "جمعية" مع مجموعة من زميلاتي الطالبات بالكلية، فكرت في الذهاب إلى جدتي واقترحت عليها أن تعطيني قرطها الذهبي حتى أبيعه وأسدد المبلغ الذي ضاع منى ثم أقوم بشراء قرط ذهبي جديد لها عندما يتوفر لي مبلغ من المال من خلال عملي كمندوبة مبيعات بشركة تسويق منظفات ولكن جدتي رفضت وقالت لي: إنني أدخر هذا القرط لكي يسترني عند مماتي وشراء الكفن الخاص بي، فقلت لجدتي: "أنا بضحك معاكي"، ثم تظاهرت بأنني حضرت للسؤال عنها فقط ولكنني قررت الحصول على القرط الذهبي لجدتي لأنه الحل الوحيد الأزمة المالية التي كنت أعاني منها، ثم ذهبت في اليوم التالي، وعندما طلبت مني جدتي تسريح شعرها أحضرت "رأس هون خشبية" وضربتها على مؤخرة رأسها فسقطت بوجهها على "طبلية" صغيرة وعندما تأكدت أنها لفظت أنفاسها قمت بنزع القرط الذهبي منها وخرجت وباب مسكنها مفتوح. وأضافت الحفيدة في اعترافاتها أنها ذهبت إلى شارع التجارة بمدينة المنيا حيث توجد محلات بيع الذهب وعرضت القرط الذهبي للبيع على أكثر من تاجر وكان أعلى سعر بيع من أحد التجار هو مبلغ 1700 جنيه وحصلت على المبلغ ثم أخفيته داخل كسوة مرتبة سرير بمنزل أسرتي بقرية شوشة. أرشدت المتهمة عن التاجر الذي اشترى منها القرط الذهبي، والذي قرر أنه اشترى القرط من المتهمة بمبلغ 1700 جنيه ولكن المباحث لم تتوصل إلى المبلغ المالي الذي أخفته المتهمة داخل كسوة مرتبة السرير مما يرجح أن المتهمة أبلغت أحد أفراد الأسرة تليفونيًّا بمكان إخفاء المبلغ أو قيام المتهمة بإرسال المبلغ إلى إحدى زميلاتها التي كانت تستحق دورها في الجمعية. المفارقة الغريبة في الجريمة أن المتهمة أنكرت في البداية اتهام زوج جارة جدتها الذي ذهب إلى قرية أسرة المتهمة وأخبرهم بارتكاب "شيماء" للحادث، وأكدت المتهمة أنها بريئة من هذا الاتهام ثم ذهبت مع والدتها لتلقي العزاء بمنزل جدتها، وعندما لاحظت المتهمة قدوم المباحث للقبض عليها ازداد صراخها لإحساسها أن جريمتها قد انكشفت أمام المباحث. وفي التحقيقات التي باشرها أحمد أبو جبل وكيل نيابة مركز المنيا تحت إشراف عمرو منتصر مدير النيابة، قررت النيابة حبس المتهمة 4 أيام بعد أن وجهت إليها تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.