عبر الدكتور عبدالرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، عضو مكتب الإرشاد، أستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر، عن استغرابه من الضجة الكبيرة التي أثارها بعض الإعلاميين حول موقفه الواضح من تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، إلى الحد الذي ادعى فيه أحد الصحفيين أن في كلامي تناقضًا بل انقلابًا فقهيًّا، بحسب زعمه، مشددا على أنه دأب دائمًا على الوضوح والصراحة بما لا يدع مجالا للتلبيس والتدليس. وأكد البر في بيان صحفي حصلت المصريون على نسخة منه، أنه مازال رأيي الذي أعلنته ولا أفرضه على أحد ولا ألزم به أحدا: أن تهنئة شركاء الوطن من النصارى في مناسباتهم وأعيادهم المختلفة من الإحسان الذي أمر الله به، ومن البر الذي لم ينهنا الله عنه في قوله تعالى ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8] طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا، ولم تشتمل- شفاهة أو كتابة- على التلفظ بشعارات أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام، ولا على أي إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، أو مشاركة في صلواتهم، إنما هي كلمات من المجاملة العادية التي تعارف عليها الناس، لا تحتوي على أي مخالفات شرعية. وأضاف أما التهنئة بما يناقض عقيدتنا ويصادمها مصادمة واضحة فأمر غير مشروع من وجهة نظري، كالتهنئة بما يسمى عيد القيامة، فعقيدتنا نحن المسلمين التي لا تحتمل لبسا أن المسيح عليه السلام لم يُقتَل ولم يُصلَب، بل عصمه الله من اليهود ورفعه إليه، قال تعالى ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 157، 158]. فعيسى عليه السلام لم يصلب حتى تكون له قيامة، وبالتالي فلا يلزمنا تهنئة أحد بما نعتقد يقينا بطلانه، وهذا لا ينفي إقرارنا بحق شركائنا في الوطن في أن يعتقدوا ما يشاءون أو أن يفعلوا ما يشاءون ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: 6]. لافتا إلى أن التحية والمجاملة بمثل عبارة «كل سنة وأنتم طيبون» فلا حرج على الإطلاق أن يقولها المصري المسلم لغير المسلمين في أي وقت، وفي كل مناسبة.