إشادة دولية بالالتزام بتعليمات «الوطنية للانتخابات» في لجان المرحلة الثانية..فيديو    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    الحلقة الأخيرة - ما مصير محمد وشروق والتؤام في "كارثة طبيعية"؟    ارتفاع أسعار الذهب في مصر يواصل الصعود مع بداية تعاملات اليوم    السيسي يوافق على التعاقد مع «لوك أويل» للبحث عن البترول بالصحراء الشرقية    مسؤول أمريكي: أوكرانيا وافقت على شروط اتفاق سلام محتمل    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجان العامة للانتخابات بالمنصورة استعدادًا للفرز    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    تامر هجرس يشارك فى فيلم عيلة دياب ع الباب بطولة محمد سعد    وفاة الفنانة الجزائرية بيونة عن عمر ناهز 73 عامًا    رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع شركة الهندسة البحرية الصينية (CHEC) في مشروعات الموانئ والبنية التحتية    حجز عاطل بتهمة النصب على المواطنين بزعم تخصيص وحدات سكنية    عبد العاطي لنظيره القبرصي: يجب على المجتمع الدولي أن يضمن تنفيذ اتفاق شرم الشيخ    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد نتائج أعمال العام المالي 2024-2025    مباشر منافس مصر في كأس العرب - الكويت (0)-(0) موريتانيا.. بداية المباراة    وزير الصحة يناقش مع نظيره التركي تعزيز التعاون الصحي ونظم الإنذار المبكر للأوبئة    أمن المنافذ يضبط 66 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    الوطنية للانتخابات: استبعاد أي تعطّل مع الساعات الأولى لليوم الثاني من الاقتراع    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    بالصور.. "دافنينه سوا" أول بطولة درامية لمروان فارس ومصطفى ليشع    المستشار أحمد بنداري يوضح سبب عدم فتح لجنة 118 في شبين الكوم    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    525 ألف مشجع يطلب شراء تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    توافد الناخبين بالأزبكية والتجمع الخامس للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    عراقجي: يجب الاستثمار باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بعيدا عن النفوذ والتسييس    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    ظهر اليوم.. هدوء بلجان القصر العيني ووسط البلد وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    بيراميدز والمقاولون العرب.. مباراة الطموح والتحدي في الدوري    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني في غزة مع قصف مدفعي شرق خان يونس    مجلس حكماء المسلمين يدعو لتعزيز الوعي بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    منتخب طولان يبدأ معسكره اليوم استعدادًا لكأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعالوا نستحضر روح ميجي
نشر في المصريون يوم 19 - 01 - 2010

هل شاهدت برنامج خواطر "أحمد الشقيري"، وهو أحد الدعاة الجدد الذي قدم برنامجه في رمضان الماضي من اليابان؟ حينها انتقلنا جميعًا إلى عالم آخر من الحضارة والقيم المثالية، وقلب علينا الكثير من المواجع حين قارن بين ما رآه هناك وبين أحوالنا في الوطن العربي.
إن لم تكن قد شاهدت البرنامج فأنا أنصحك بالبحث عنه من الآن، أما إن كنت قد تابعته وأبديت انبهارًا بتلك الحضارة الرائعة، فدعني أنقل إليك الصدمة التالية من خلال ما كتبته هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية حينما اعتبرت أن بلادهم حاليًا تعيش أسوأ أيامها، وأن اليابان المعاصرة تقف عاجزة عن استشراف مستقبلها بوضوح‏،‏ وهي مثقلة بالعديد من المشكلات‏ مثل: قلة المواليد، ارتفاع متوسط الأعمار، قلة القوى العاملة، انخفاض القدرة التنافسية، وانهيار دور المدارس‏.
يجب أن نعترف بأن اليابانيين ليسوا من هواة جلد الذات، ولكنهم يحرصون في نفس الوقت على المراجعة المستمرة والمقارنة مع ما وصلت إليه الأمم الأخرى، وفي نفس الوقت فهم ينظرون إلى وضعهم الحالي في العالم مقارنة بوضعهم في الماضي، وإذا كان الكثير منا يظن أن اليابان قد استطاعت أن تنهض وتحقق معجزتها المعاصرة بعد الحرب العالمية الثانية، فدعني أنقل إليك المفاجأة التالية عندما تعرف بأن اليابان كانت قد وصلت إلى ذروة نهضتها قبل ذلك بفترة، ولذلك فإن السبب الرئيس وراء قدرتها على العودة سريعًا بعد الدمار الشامل الذي تعرضت له في نهاية الحرب العالمية الثانية، هو وجود أسس النهضة ومقوماتها في عصر البناء الحقيقي، الذي يعود إلى الفترة من عام 1852 وحتى العام 1912، وهي الفترة المسماة بعصر "ميجي" نسبة إلى الإمبراطور الذي حكم البلاد في تلك الفترة.
"ميجي" كلمة لها وقع خاص في قلوب اليابانيين، فعندما يسمعها الياباني تتداعى إلى ذاكرته مخيلات شتى، فقد كانت فترة حافلة بالحراك السياسي والاجتماعي، غنية بالتجارب الإنسانية‏،‏ ومزدحمة بالتيارات الثقافية القادمة من الخارج‏، هذه الحقبة تعتبر هي نقطة انطلاق اليابان لتتبوأ مركز الريادة في آسيا القرن التاسع عشر. يهمنا اليوم أكثر من أي وقت آخر أن نتعلم من تلك الفترة التي استقبلت مرحلة التغيير مثلما نحن فيه الآن، استطاعت أن تنجز الكثير من الإصلاحات الواحد تلو الآخر، وبالتالي فهي مهمة للغاية لنا حتى نسير على نفس الطريق إن نحن عرفنا الخطوات التي تم فيها إنجاز هذا التقدم السريع في فترة وجيزة، يهمنا في العالم العربي أن نقف أولاً على مقومات النهضة اليابانية‏، ونتعرف علي الوسائل والطرق التي استطاع بها اليابانيون بناء دولتهم والمضي قدمًا في طريق التحديث دون أن يفقدوا هويتهم الثقافية‏،‏ بل إنهم استفادوا من تراثهم الثقافي الذي أدخلوا إليه العديد مما أنتجته الحضارة الغربية، ولكن بطرق وأساليب تناسب مجتمعهم‏، وتحقق لهم ما كانوا يرمون إليه من طموحات كانوا يضعونها في مشروعهم لبناء يابان غنية اقتصاديًا‏ وعسكريًا‏‏.‏
قد يكون من الطبيعي أن يحاول البعض المقارنة بين اليابان وبين بعض محاولات التحديث التي تشهدها بلادنا، لكن الموضوعية والحياد العلمي يلزمنا أن نقف على حقيقة التجربة اليابانية بكل جوانبها أولاً، ثم ننظر فيما لدينا من تجارب قد تتشابه في قليل منها مع ما قام به اليابانيون، ربما كان ذلك التشابه في طريقة الالتقاء بالغرب، أو في الإطار الخارجي للتعامل معه، أما في التفاصيل وما يختص طريقة التفاعل مع الآخر، وما أخذوا منه وما لم يأخذوا، وما فعلوا بما أخذوا، وكيف استمروا بعد ذلك ؟ فقد تم ذلك كله بمشاركة واعية من فئات الشعب المختلفة، وفي إطار من التوجه العام الذي قاده المفكرون وقادة الرأي الذين شاركوا بأنفسهم في صنع القرار، وعلى الجانب الآخر توجد لدينا تجارب لم يكتب لها الاستمرار.. ربما لأنها قد حرمت من كل تلك المقومات، أو أنها ترتبط بفترة لا توجد فيها مثل تلك المشاركة التي قامت بها فئات الشعب الياباني، ولذلك سرعان ما انتهت طموحاتها عند أول اصطدام لها بالمصالح الغربية، ولم تستطع إعادة بناء نفسها من الداخل، لأن الداخل لم يكن هو الهدف منذ البداية، ولم يكن ينظر إليه على أنه الأساس الحقيقي للنهضة في بلادنا.
إن ما يجعل يابان "ميجي" فريدة في تاريخ العالم هو محاولة بناء المجتمع الحديث والنظم الحديثة على أسس يابانية تقليدية، ومنذ ذلك العصر حاولت عدة دول نامية أن تفعل مثلما فعلته يابان ميجي ولكنها لم تستطع، لك أن تتخيل أن في الهند اليوم من يجعلون من الانجليزية لغتهم الأولى، ويبلغ عددهم أكثر من 200 مليون شخص؛ هؤلاء جميعا انفصلوا تماما عن المجتمع الهندي التقليدي ويعيشون داخل مجتمع الاقتصاد الحديث.
شكرًا لصديقي العزيز "أيمن محمود" الذي لفت نظري إلى كتاب "ميجي" الثمين الصادر عن دار الشروق، والذي قام بجهد وافر في ترجمته الدكتور "عصام رياض" ليقدم لنا نموذجًا للتغيير الذي ننشده، حيث سنبحر في المقالات القادمة في عصر "ميجي" لنعرف ما كان لدى اليابان من استعدادات ومقدمات انتهت بها للنجاح في تجربة التحديث‏، سنتعرف على تلك الظروف التي هيأت اليابانيين ودفعتهم للانطلاق بسرعة كبيرة‏ ليحققوا في 60‏ عامًا ما قد يستغرق من أمم أخرى قرونًا لتحقيقه.
دعونا نفهم سويًا كيف حدث ذلك التغيير في اليابان بالجمع بين القديم والجديد‏‏، بطريقة تجمع بين الاهتمام بالتعليم، وتفعيل العنصر البشري، واستقلالية الثقافة، ودراسة خصائص هؤلاء الناس الذين جعلوا التغيير ممكنا بعد إدراك الواقع وترتيب الأولويات.. دعونا سويًا نستحضر روح "ميجي" في الأسبوع القادم إن شاء الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.