ماراثون !

لماذا تحتاج وسائل الإعلام إلى إضافة هذه الفقرة على أي خبر مفجع (وكان بين القتلى بعض النساء والأطفال).. هل قتل الشباب وكبار السن أمر عاديّ؟!.. هل نحتاج إلى أن نتذكّر وجوه الأطفال البريئة لنرفض القتل والقاتل؟!
لماذا يحتاج البعض - في حادثة بوسطن على سبيل المثال - إلى تذكير المبتهج بها بوجود آلاف المبتعثين العرب مع عائلاتهم هناك؟.. هل نرفض جريمة القتل عندما تحصد الوجوه التي نحبها.. ونقبلها إذا حصدت الوجوه الغريبة؟!
القتل هو القتل، والإرهاب الذي يزرع آلة القتل في مكان عام هو الإرهاب الذي لا يفرق بين الوجوه ولا يهمه أسماء ضحاياه، والجريمة هي الجريمة مهما تم تغيير اسمها، والشر هو الشر عليك أن ترفضه مهما كان مصدره، وقبل أن تتفحص وجوه القتلى وأسماءهم وهوياتهم.
قلت مرة..
من الأشياء التي اشتهرت بلونها الأبيض رغم تاريخها الأسود:
السرير الأبيض، الراية البيضاء، و"البيت الأبيض"!
نعم، للبيت الأبيض تاريخ أسود دعم خلاله الكثير من الطغاة حول العالم، وأجهض الكثير من الحركات التحريرية، ومن على مكتب رئيسه تم توقيع إلقاء أول قنبلة مُحرمة والوحيدة في التاريخ البشري، على هيروشيما وناجازاكي، بيت تأسس على جثث شعب تمت إبادته بالكامل (الهنود الحمر)، بيت وصلت أسلحته إلى كل منطقة، وقتل رصاصه الملايين.
ولكن: هل أمريكا هي "البيت الأبيض" فقط؟
في أمريكا الكثير من "البيوت" البسيطة التي تشبه بيوتنا، ويسكنها أناس بسطاء مثلنا، لهم أحلامهم التي تشبه أحلامنا، وأطفالهم الذين يخافون عليهم مثلما نخاف على أطفالنا، وعندما تتناثر أشلاؤهم دماؤهم حمراء مثل لون دمائنا.
أمريكا ليست "جندي المارينز" المدجج بكل آلات القتل.. فقط.
هذا يقابله رجل آخر يعمل في مختبره لينتج الدواء، ولا أظنه – لحظتها – يفكر بهوية ودين المريض الذي سوف يتعاطاه: هل هو مسلم أو مسيحي أو بوذي أو يهودي أو هندوسي؟.. هو يفكر ب"إنسان" مريض ومدى قدرة الدواء على تخليصه من مرضه.
أمريكا ليست "حاملة الطائرات".. فقط.
هذا يقابله الكثير من القوانين والمؤسسات التي تحترم الإنسان وتقدره وتمنحه الفرص لكي يبدع ويتألق، وتمنحه اللجوء إذا ضاقت عليه الأرض دون أن تسأله عن عرقه وهويته ودينه.. يقابله الكثير من الابتكارات والاختراعات والمراكز العلمية والعلماء والمبدعين الذين قدموا المتعة والإبداع والدواء والاختراعات لكل البشر.
أمريكا ليست وجهًا واحدًا..
عندما تحاول أن ترسمها.. عليك أن تنصفها.
العن وجهها القبيح، وصفّق لوجهها الجميل دون أن يتأدلج إنصافك.
أما القتل، فعليك أن ترفضه قبل أن تتفحّص وجه المقتول، وتفتش عن هويته..
ولا تحاول أن تبرره.. فالشر شر أيًا كان مصدره.