منذ زمن ونحن نسمع عن ميثاق الشرف الإعلامي والمفترض به أنه الميثاق الذي تلتزم به الجهات التي تعمل في المجال الإعلامي والبث التلفزيوني، ولكن بغض النظر عن محتوى هذا الميثاق وبنوده التي تم وضعها منذ زمن وأصبحت لا تناسب العصر الفضائي الذي نعيشه حاليًا، فلابد من ضرورة إعادة النظر في بنود هذا الميثاق حتى تتوافق مع طبيعة الإعلام الحالي، فنحن في حاجة ماسة إلى وجود ضوابط وتشريعات في هذا الميثاق تكون قابلة للتطبيق وليس عبارات مطاطة مرنة يسهل التحايل عليها مع الحفاظ على حرية الرأي والتعبير طالما كانت تتوافق مع معاييرنا الإعلامية، وتتوافق أيضًا مع قيم مجتمعنا التي تحاول بعض الفضائيات جاهدة إلى إهدارها والسعي لتغييرها ولا نعرف الهدف من ذلك هل هو ربح مادي؟ أم محاولة جديدة للاستعمار من قوى خارجية تسعى من خلال الإعلام الموجه إلى تغيير مجتمعنا من الداخل وتوجيه شبابنا إلى ما لا ينفع لتدمير البنية الأساسية لهذا المجتمع، ولذلك فإن إعداد ميثاق إعلامي جديد بضوابط ونصوص قابلة للتطبيق هو السبيل لمواجهة حالة الانفلات الإعلامي التي نعيشها حاليًا، والتي أصبحت تتكرر بلا رقيب وعدم احترام الخصوصيات أو الحفاظ على الحرمات، ولا يجب أن نتناسى أيضًا أن غياب المعايير المهنية أيضًا سبب رئيسي في ضعف الأداء الإعلامي للعديد من الفضائيات، لأن معظم القنوات الفضائية تسعى في المقام الأول إلى الربح المادي مع اختلاف توجهاتها سواء دينية أو اجتماعية أو ما شابه، كما أصبحت برامج التوك شو من السمات المميزة لكل قناة، وأصبحت هذه البرامج هي مصدر الجذب الرئيسي للإعلانات وهذه البرامج في حد ذاتها أصبحت مشكلة أخرى فهي تخاطب جماهير ضخمة ولكن مقدمو هذه البرامج تصوروا أنفسهم نجومًا يصنعون الرأي العام ويوجهونه إلى ما يخدم أهدافهم أو أهداف القناة بل إن البعض منهم تصور نفسه قادرًا على التوجيه السياسي فمن هؤلاء من أصاب وكثير منهم أخطأ، لأن معرفته تكون من خلال الأمور السطحية فقط، ولا يعتمد إلا على اسمه فقط وقد تؤدي بعض هذه البرامج على قنوات مختلفة إلى تعميق هوة الخلاف العربي أو لنشر أفكار هدامة أو لإثارة الرأي العام على قضية ما أو حادث فردي هنا أو هناك ولا يرقى لمرتبة الظاهرة فنجد هذه البرامج قد خصصت حلقات وحلقات لمناقشة الموضوع وطرح آراء وأحكام وإثارة الرأي العام دون النظر إلى عواقب ذلك على المجتمع والشباب بصفه خاصة وإنما النظر يكون فقط لحجم الإعلانات التي ستربحها القناة من وراء ذلك ومدى النجومية التي ستضاف إلى المذيع الفاضل والشعبية التي يكتسبها من وراء الشعارات التي يرفعها وكثير من الأحيان لا يصدقها هو شخصيًا، وللأسف فقد انجرف تلفزيون الدولة مؤخرًا إلى هذا أيضًا لمجرد الظهور بالمدافع عن قضايا الشعب أو للترويج الإعلامي دون النظر إلى الاعتبارات المجتمعية أو السياسية المنوط بها والمفترض به الحفاظ على توجيه الرأي العام إلى ما يخدم مصلحة هذا البلد . فلابد لميثاق الشرف الإعلامي أن يتضمن إجراءات رادعة قد تصل إلى إغلاق القناة نفسها مهما كان نفوذ من يمتلكها أو أن يتم إنشاء دائرة قضائية متخصصة للإعلام لمحاكمة كل خارج على ضوابط المجتمع وتقاليده ولابد لرئيس الجمهورية، وكذلك مجلس الشعب المنتخبين بإرادة الشعب ألا يتهاونوا أبدًا مع أي خارج عن الإطار العام الذي يحدده الميثاق، ولابد أن يكون النهوض بالإعلام المصري مرتبطًا بوضع هذا الميثاق، وأن يعتبر مشروعًا قوميًا تحت رعاية رئيس الجمهورية، ويتم عقد مؤتمر إعلامي تتكاتف فيه كل القوى الإعلامية المحبة لمصر لوضع هذا الميثاق الإعلامي، ولعل مصر تذخر بالإعلاميين المثقفين والمخلصين، وإلا يشترك في وضع هذا الميثاق أصحاب المصالح الفضائية أو أن يتم الإذعان لمطالبهم، فهم في النهاية يسعون خلف مصلحه فردية ولكننا نسعى في النهاية إلى الحفاظ على أمن مجتمع واستقراره .