الجدل الدائر داخل التيارات الاسلامية المصرية وحالة التوهان التى تعيشها الرئاسة التى خلعت يدها من كل شئ يخص الدولة والهجوم الواسع الممنهج من هذه التيارات على ايران وبالأخص الشيعة ورفضها المستفز والغير مبرر لهم وعدم قبولهم كسياح يجعلنى أؤكد جازماً أن ثمة خلل ما فى كوامن نفوس هؤلاء المدعين الكاذبين الذين لا يريدون لهذا الوطن النهوض من محنته وعلته التى تزيد يوماً بعد يوم بوجودهم وكأنهم أوصياء على الاسلام ويخشون عليه من المحو والضياع لمجرد أن مختلفين معهم فى الديانات والعقائد سمعوا أن هناك دولة اسمها مصر بها آثار وحضارة لا مثيل لها بالعالم فعقدوا العزم على القدوم من كل حدب وصوب ليستمتعوا بها ... إن التيارت الاسلامية فى مصر بأفعالها لا تعى شيئاً عن واقعنا المعاصر وتعيش فى عصور ماتت وعفى عليها الزمن .. ولا تعلم أن الله ليس بحاجة لأحد ليدافع عن الاسلام وليس بحاجة لأحد أيضاً ليدافع عن نبى الهدى فقد تكفل بذلك رب العزة .. فلقد وصل الاسلاميون فى مصر إلى مرحلة من التفاهه والانحطاط العقلى التى تجعلهم يعتقدون أنهم أصحاب الأرض دون غيرهم وأنها خُلقت لهم ومن يريد العيش فيها عليه إتباع ملتهم والسير على خطاهم ومنهجهم ، ودائماً ما يصنفون الناس على حسب دينهم ومعتقداهم -لا على انسانيتهم- فهذا مسلم وذاك كافر وجب قتله بل وصلوا بفكرهم الأعمى إلى تكفير المسلم نفسه الذى يخالفهم ووصفه بأنه يكره الاسلام ومصيره جهنم وبئس المصير وكأن الله قد ملكهم التصرف فى الجنة والنار ... يتعامل هؤلاء بمبدأ الوطن الجماعة لا بمفهوم الوطن الأرض فمفهوم الوطن لديهم لا يتخطى حدود الجماعة التى يحصروا أنفسهم بداخلها سواء اخوان مسلمين أو حتى جماعات سلفية أو جهادية وكل من هم خارج هذه الجماعات المنغلقة يعتبرونه ضيف على الوطن سرعان ما يتخلصون منه بوضعه فى خانة معاداة الدين وبعد ذلك يتكفل العامة جُهال الدين والدنيا ممن ينساقون خلفهم بالباقى فيكفى أن يقولوا لهم هذا لا يريد الاسلام ... وتركز هجوم التيار الاسلامى فى الآونة الأخيرة على الفئات السياحية التى تأتينا من الخارج ونحن فى أمس الحاجة إليها لدعم الاقتصاد فنراهم لا يتوقفون عن تفنيد وفرز من يأتينا سائحاً فهذا شيعى يسب الصحابة وهذا يهودى يكره الاسلام وهذا بوذى من عبدة الأوثان ومن ثمّ لا يمكنهم دخول أراضينا المسلمة الطاهرة التى لا تعرف البغاء وأصبح على السائح أن يفصح عن نيته ليدخل بلادنا الميمونة وعندما نسألهم سبب ذلك يقولون نحن الأغلبية والحكم لنا ... لا دهشة فى تخلف أمتنا المصرية منذ عصور الخلافة الزائلة وحتى الآن والفروق الرهيبة بيننا وبين الأمم الأخرى والتى تصل إلى آلاف السنين الضوئية فنحن نعيش تحت وطأة أناس لم يسمعوا يوماً عن أعظم ما خلقه الله للانسان وهو العقل ، فقد قال المعتزلة ( إذا تعارض النص الدينى مع العقل فالواجب تقديم العقل على النقل ) والذى لا يريد أن يفهمه الاسلاميون فى مصر أن السياحة صناعة تتطلب كل الأمان والراحة والرخاء والهدوء للسائح أياً كانت ملته وإن كان مجيئه ليعبد الشمس على أراضينا فالسائح يأتى ليجد كل متطلباته متوفرة وهو لا يأتينا لنخضعه لديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ومعاييرنا التى يجب أن ننساها فى تعاملنا معه فالسائح ليس مجبراً أن يأتى لمصر لأنه إن لم يجد كل ما ذكرته سيقولها بأعلى الصوت ( بلاها مصر ).. إن النظرة الدونية من الاسلامين تجاه كل من يخالفهم العقيدة والمذهب وتكفيرهم دائماً والحط من مذاهبهم هى سبب بلاء المسلمين فى شتى بقاع الأرض ..فإن كانت المسألة هى الأقلية والأكثرية فلماذا نلوم إذاً على بورما التى يدين أكثر سكانها بالبوذية عندما يضطهدون المسلمين؟؟ ولماذا ندعو على دول مسيحية ترفض بناء مسجد أو ارتداء الحجاب ؟؟ ولماذا نريد أن نسود العالم ونحن قلة مقارنة بالديانات الأخرى؟ بالطبع نرفض ممارسات العنف فى كل مكان لا إعلاءً لدين على آخر وانما اعلاءً للحقوق الانسانية التى يجب أن تكون شاغلنا دائماً.. ويكفى أن نذكر ألمانيا كقدوة فى احترام الانسان أياً كان دينه فينص دستورها على احترام جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات فهناك يقف المسلم فى الشارع يوزع المصاحف كنوع من التعبير عن الاسلام وإلى جانبه المسيحى والبوذى واليهودى واللادينى كل يدعو لدينه دون أن يعترض عليهم أحد أو تقبض عليهم السلطات بتهمة تهديد الدين والسلام الاجتماعى فى ألمانيا أو تتلقفهم جماعات تتهمهم بالكفر والمروق كما يحدث فى بلادنا .. ومابين ألمانيا وأفكار الاسلاميين الجامدة يا قلبى لا تحزن ... لماذا يخاف الاسلاميون من الوافدين المخالفين لهم فى العقيدة والمذهب ؟؟ أهو ضعف أم اهتزاز عقائدى ؟؟ إلى متى العنصرية التى يكتسى بها هؤلاء ؟؟ وإلى متى اعتقادهم أنهم الأطهر والأنقى ولا مثيل لهم ؟؟ ولله در سعد بن أبى وقاص عندما قال ( والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر ) .. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]