في موقف نادر يعبر عن تقارب بين "التيار السلفي" و"الجناح المحافظ" الذي أحكم هيمنته على مقاليد الأمور داخل جماعة "الإخوان المسلمين" في انتخاباتها الأخيرة، أبدى الدكتور ياسر برهامي، أحد رموز السلفيين في مصر، ترحيبه الشديد بإقصاء الإصلاحيين الإخوان في انتخابات مكتب الإرشاد، معتبرا أن ما حدث يصب في مصلحة الجماعة والدعوة بشكل عام، مرجعًا ذلك لتبني قيادات هذا التيار لأفكار "منكرة"، ناصحا القائمين على الجماعة بتقديم أهل العلم واتخاذهم مرجعيات. وقال برهامي في تصريحات لموقع "صوت السلف" الذي يشرف عليه الداعية السلفي ونشره موقع "أمتي": "ما حدث من إقصاء ما يُسمَّى بالتيار الإصلاحي -أو في الحقيقة بعضهم- أظنه من مصلحتهم، ومصلحة الدعوة الإسلامية عمومًا"، وقال: إن "هؤلاء الإصلاحيين -كما يسمونهم- قد قالوا من المنكرات ما يجعلهم ألا يُصدَّروا في المسلمين؛ فهم يقبلون العلمانية كما يريدها أهل العلمانية". واستنكر برهامي على هؤلاء الإصلاحيين العديد من المواقف، ومنها السماح للأقباط والمرأة بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، والاحتكام لصندوق الانتخاب في اختيار الحاكم أيًا كانت ديانته، والقبول بنتائج الاستفتاء على الإبقاء على الشريعة الإسلامية كمرجعية للتشريع في مصر سواء كان بالتأييد أو الرفض. وأضاف أن: "بعضهم (الإصلاحيون) يقول: إن الإخوان أخطئوا؛ لأنهم لم يُعطوا النصارى حقهم في الترشيح والانتخاب"! وأحدهم يقول: "لو أتت صناديق الانتخاب برجل كافر أو قبطي أو زنديق؛ لقبلنا النتيجة، واخترناه رئيسًا، وقرَّرنا ذلك! ولو أن الشعب اختار إلغاء الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، أو المصدر الرئيسي للتشريع، أو أن الديانة الرسمية للدولة هي الإسلام؛ لقبلنا ذلك"!! وآخر يقول: "شعر الإباحيين والزنادقة لم يزل موجودًا في التاريخ الإسلامي، وإذا وصلنا إلى الحكومة لن ننكر على الإباحيين ولا على الزنادقة"!!. وتابع قائلا: "ماذا تريد أكثر من ذلك من الهراء والسخافات؟! فهؤلاء ليسوا بإصلاحيين؛ بل هذا بُعد عما أُسست عليه الجماعة، فهؤلاء الذين أُقصوا -والذين يسمونهم الإصلاحيين- لا يستحقون أن يُصدَّروا". وكان يشير بذلك إلى آراء الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد السابق الذي انتقد مشروع برنامج حزب الإخوان، لكونه يرفض ترشح القبطي والمرأة لمنصب رئيس الجمهورية، باعتبار هذا يتنافى مع مبدأ المواطنة في الدولة المدنية، فضلا على منافاته لمبدأ التعدّدية السياسية، التي أعلن الإخوان قبُولهم بها". ونصح الداعية السلفي القائمين علي الجماعة بتقديم أهل العلم والرجوع إليهم، وحذرهم من الغلو في الجماعة ومن بعض الأفكار الغالبة في كتابات بعض الرموز، حرصا على مصلحة الجماعة والصحوة الإسلامية ككل. كما انتقد برهامي الدكتور عصام العريان القيادي الإصلاحي بالجماعة، على خلفية تصريحاته التي أعرب فيها عن إمكانية اعتراف "الإخوان" أو "حزب الإخوان" المزمع تأسيسه في حال وصوله للسلطة بدولة إسرائيل واتفاقيات كامب ديفيد، وكذلك الإقرار بصحة تولي الكافر رئاسة الدولة إذا أوصلته صناديق الاقتراع. واعتبر أن تلك التصريحات تعبر عن خلل طرأ على مواقف الجماعة، والثوابت التي قامت عليها عند تأسيسها قبل أكثر من 80 عامًا، قائلا:" إنا لا ندري كيف يعبر حزب الجماعة -لو أنشئ- عن مواقف تضاد ثوابت الجماعة ومواقفها التاريخية التي ضحى شهداؤها بالأمس بأرواحهم من أجلها في مشاركات بطولية حاولت منع قيام دولة إسرائيل ساعة قيامها، وظلت من أعظم أسباب انجذاب الشباب للجماعة". وأشار برهامي إلى أن هناك أدلة تنص على أنه لا يحق للكفار في جزء من أرض الله يُعلون عليها أحكام الكفر، مؤكدًا أن جواز ترك قتالهم مدة من الزمن محددة أو غير محددة لمصلحة المسلمين لا تعني الخلط بين عهود الهدنة غير محددة المدة التي أجازها طوائف من أهل العلم وبين العهود المؤبدة التي تنص على حق تاريخي للكفار في أرض المسلمين التي هي أرض الله -تعالى- واعتبر أن ذلك خلط غير سائغ ولا مقبول. وذكّر برهامي بإجماع علماء المسلمين الذي نقله ابن المنذر والقاضي عايض على عدم جواز ولاية الكافر على المسلم بحال.