إن ما حدث من روابط "الألتراس" بدءًا من رابطة "يلو دراجونز" التابعة للنادي الإسماعيلي التي اقتحمت ملعب الدفاع الجوي عقب مباراة اتحاد العاصمة في البطولة العربية، وحاولت الاعتداء على لاعبي الفريق الجزائري، وحطمت كراسي الملعب، حيث بلغت قيمة التلفيات ما يزيد عن ربع مليون جنيه، وقبلها تسببت جماهير الزمالك في تخريب مرافق استاد برج العرب عقب مباراة جازيللي التشادي، وبلغت الخسائر مليون جنيه، ثم سارت "أولتراس أهلاوي" على نفس الدرب، واحتفلت بعودتها للمدرجات بطريقة مشينة، وحطمت المدرجات عقب مباراة توسكر الكيني، وألقت الشماريخ أمام حارس الفريق الكيني قبل الهدف الثاني لعماد متعب، ولم تتعظ من العقوبات التي نالها الأهلي بعدما تسببت هذه الرابطة في مواقف سابقة في احتقان ضاري بالوسط الرياضي.. وأطل علينا قرار وزير الرياضة العامري فاروق بمنع حضور الجماهير المباريات محليًا وإفريقيًا هو حق يراد به باطل، فهو دليل على الاستفاقة المتأخرة بعد فاصل من الترضية والتدليل والتهنين عن طريق الوزارة، ومن قبل أعضاء مجالس إدارات الأندية ودعمهم للألتراس، وتمويلهم وتلبية مطالبهم من أجل الاستفادة بهم في ممارسة الضغط على مسئولي اتحاد الكرة والحكام والفرق المنافسة حتى تغول الألتراس وأصبح قوة لا يستهان بها في الشارع المصري, وكما يقول المثل الشعبي "اللي حضر العفريت مش قادر يصرفه" في ظل حالة استقطابهم سياسيًا من جانب بعض القو السياسية!! لقد أطلت روابط الألتراس على ملاعبنا منذ ما يقرب من 6 سنوات في شكل مسميات مختلفة "أولتراس أهلاوي" .. "وايت نايتس" .. "يلو دراجونز" .. "جرين إيجلز" .. "جرين ماجيك"، البداية كانت مبشرة، حيث تحولت المدرجات إلى كرنفالات ولوحات فنية رائعة، إلا أنها خرجت عن النص، وبدأت هذه الروابط تدخل في منافسة "قبيحة" على حصد أكبر عدد من الألقاب "الإجرامية" سواء بتشويه صورة مصر لدى وسائل الإعلام العالمية، أو الاعتداء على منشآت ومرافق الدولة، والإصرار على الاشتباك مع قوات الأمن، مما أسفر عن وقوع ضحايا أبرياء من الجانبين. وبالطبع، الاحتقان والتعصب بين هذه الروابط بلغ مداه في ظل انعدام الأمن، حتى جاءت الكارثة الأكبر بتورط أفراد من رابطة "جرين إيجلز" التابعة للنادي المصري في مقتل 72 مشجعًا من جماهير الأهلي في استاد بورسعيد، لتسجل أسوأ حادثة في الملاعب المصرية، وهي الواقعة التي وصفها جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بأنها يوم أسود في تاريخ الكرة. وبالفعل حل السواد والظلام على الرياضة المصرية، وتوقف النشاط لمدة عام كامل، حتى قالت المحكمة كلمتها بإعدام 21 متهمًا، وثبوت إدانة عدد من العناصر الأمنية، ومع الهدوء الحذر بدأ المسئولون يشعرون بضرورة عودة الجماهير بشكل جزئي للملاعب وعودة الحياة إلى المدرجات في مباريات الأهلي والزمالك والإسماعيلي ببطولات إفريقيا والعرب بعد أن ظلت لأشهر طويلة مسرحًا للطيور الجارحة والبوم والغربان تنعق فيها كيفما تشاء، وإذا كان الألتراس عاد ليلجأ لأساليب تتسم بالتجاوز والانفعال والخروج عن المألوف بإشعال الشماريخ إلا أن هذه المرة يجب أن نضع على تصرفاتها كثير من علامات التعجب والاستفهام في آن واحد وذلك على خلفية مباراة الأهلي وتوسكر في إياب دور ال32 من مسابقة دوري أبطال إفريقيا لتستكمل مسلسل الخروج عن النص باختراق صريح من المسئولين من خلال أدلة وبراهين لا تقبل الشك فأمام ما توافر لدينا من معلومات هناك إدانة صريحة لمجلس إدارة النادي الأهلي ومسئوليه الذين سمحوا لجماهير الألتراس لإجراء بروفات إهانة الجيش المصري وبعض قياداته السابقين والشرطة والإعلام وبعض الرموز المهمة في الدولة, كل ذلك داخل صالة النادي الأهلي بالجزيرة! وهو ما لا يعفي وزارة الرياضة التي ينتمي وزيرها إلى عضوية مجلس إدارة الأهلي المسئولية كاملة عما حدث من إساءة بالغة في أحداث استاد برج العرب. والسؤال المثير للدهشة كيف سمح مسئولو الأهلي للألتراس بإجراء هذه البروفات, وما حملته من لوحات تعبيرية ولافتات تحمل إساءة وسبابًا للجميع، المؤكد أن هذه البروفات كانت تجرى يوميًا على مدى خمسة أيام قبل موعد المباراة, وكانت تفتح لهم أبواب الصالة من الساعة الحادية عشرة مساءً وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي, وتكون لهم مطلق الحرية فيما يفعلونه, حتى أنهم تسببوا في تلفيات بالغة بأرضية الصالة, فإذا كانت إدارة الأهلي تعلم ذلك وسمحت عن رضا خاطر, فهي مدانة وشريك في المسئولية, وإذا لم يكن ذلك بموافقتها وخارج عن إرادتها, فلابد من الكشف عن المسئول الذي سمح بذلك من وراء إدارة الأهلي, وان كان ذلك لا يعفيهم من المسئولية, وكيف يسمح النادي العريق بفتح أبوابه في غير المواعيد الرسمية. والسؤال الأكثر إلحاحًا هل يعلم وزير الرياضة المحسوب على الأهلي ومديرية الشباب والرياضة بمحافظة القاهرة ما كان يحدث داخل صالة النادي الأهلي من ترتيبات لإهانة الجيش المصري والشرطة وعدد من قياداتها السابقة والحالية؟ وهل أصبح النادي الأهلي مأوى للخارجين على القانون ومثيري الشغب؟