قد تكون محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك هي الأشهر قاطبة في تاريخ العمل القضائي المصري، وتاريخ المحاكمات الجنائية التي مرت على المستشار مصطفى حسن عبد الله "رئيس الدائرة العاشرة بمحكمة جنايات القاهرة".. ولكنها أيضا ليست القضية الأولى محل اهتمام بل وانشغال الرأي العام المصري التي يباشر المستشار عبد الله محاكمة المتهمين فيها. المستشار مصطفى حسن عبد الله، سبق له تولي عبء محاكمات جنائية من العيار الثقيل، فهو أحد كبار المستشارين من رؤساء الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة، وتولى رئاسة إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة قبل نحو 6 سنوات.. ويعتبر من أقوى رؤساء محاكم الجنايات في إدارة وقائع الجلسات، على نحو يجعله امتدادا في الحسم والصلابة والصرامة للراحل الشهير المستشار أحمد عزت العشماوي الذي كان يتمتع بحضور طاغ يمكنه من فرض شخصيته أثناء إدارة الجلسات، خاصة وأن المستشار عبد الله كان عضو اليمين في دائرة المستشار العشماوي قبل وفاته. الأقدار وحدها وضعت مصير مبارك بين يدي المستشار مصطفى حسن عبد الله وأعضاء دائرته، وذلك في ضوء أن توزيع القضايا على المحاكم يكون بمقتضى الاختصاص المكاني لواقعة الاتهام.. فمع بداية العام القضائي الجديد تولى المستشار مصطفى عبد الله رئاسة الدائرة العاشرة بمحكمة جنايات القاهرة التي تتولى محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم في نطاق الاختصاص المكاني لدائرة منطقتي قصر النيل وعابدين، وباعتبار أن وقائع الاتهام "الرئيسية" المسندة إلى مبارك وبقية المتهمين معه قد تم تحديد تبعيتها أثناء تحقيقات النيابة العامة ضمن دائرة قصر النيل، فبالتالي كان من الطبيعي والواجب أن تحال القضية إلى الدائرة العاشرة جنايات بوصفها المحكمة المختصة مكانيا. بداية قضايا الرأي العام مع المستشار مصطفى حسن عبد الله كانت حينما تولى في 12 يناير 2008 استكمال المحاكمة في قضية توريد "أكياس الدم الفاسدة" التي اتهم فيها هاني سرور عضو مجلس الشعب الأسبق عن الحزب الوطني وشقيقته نيفان وآخرين، وذلك بعد المرض المفاجىء الذي أصاب المستشار أحمد عزت العشماوي رئيس المحكمة أثناء انعقاد جلسات القضية.. حيث كانت النيابة قد اتهمت سرور وبقية المتهمين بتوريد أكياس دماء فاسدة ومعدات طبية ملوثة للمواطنين المصابين بأمراض في الكلى والكبد، على نحو عرض حياتهم للخطر. وأصدر المستشار مصطفى حسن عبد الله في القضية حكما صادما ببراءة هاني سرور وجميع المتهمين مما هو منسوب إليهم من اتهامات استنادا إلى تناقض التقارير الطبية في القضية وعدم إثبات الضرر.. لتطعن النيابة لاحقا على الحكم أمام محكمة النقض، والتي ألغت الحكم وأعادت محاكمة المتهمين أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة التي أدانت المتهمين وأصدرت أحكاما بالسجن ضدهم.. قبل أن تصدر محكمة النقض بدورها في نهاية المطاف حكما ببراءة جميع المتهمين في ضوء ذات الأسباب التي قررها المستشار مصطفى حسن عبد الله في المحاكمة الأولى. كما تولى المستشار مصطفى حسن عبد الله واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الجدل في مصر خلال عامي 2008 و 2009 وهي محاكمة قاتل ابنة المطربة المغربية ليلى غفران وصديقتها.. حيث كان أول من أصدر حكما بالإعدام بحق الجاني.. مشيرا في أسباب الحكم إلى انه ثبت للمحكمة يقينا من واقع الأدلة المقدمة من النيابة ارتكاب المتهم لجريمتي القتل على نحو يستدعي القصاص منه، وهو الحكم الذي كررته دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة بحق القاتل محمود عيساوي، وتأيد من محكمة النقض. وأصدر المستشار عبد الله في 15 سبتمبر 2011 حكما شهيرا بمعاقبة إمبراطور الحديد رجل الأعمال أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني "المنحل" ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات لكل منهما، ومعاقبة وزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد (هارب) بالسجن المشدد لمدة 15 عاما.. وذلك إثر إدانتهم بالتربح دون وجه حق وإلحاق أضرارا بالغة بالمال العام للدولة قدرت قيمتها بنحو 660 مليون جنيه، عن طريق منح أحمد عز رخصتين لتصنيع الحديد دون مقابل وبالمخالفة للقواعد القانونية المقررة التي تقضي أن يكون منح تلك الرخص عن طريق المزايدة العلنية.. وتضمن الحكم تغريم أحمد عز وعمرو عسل مبلغ 660 مليون جنيه، ورد رخصتي تصنيع الحديد الممنوحتين لشركة العز للصلب المسطح وشركة العز للدرفلة إلى الدولة. إلى جانب تغريم الوزير الهارب رشيد مبلغ مليار و414 مليون جنيه.