كتب : د.أحمد سيد إن أصعب ما تعانية جماعة أو أمة ويؤدى بها إلى بداية الانحدار مهما علا شأنها هو الخلط بين فعل البشر الذىن يخطؤن ويصيبون وبين فعل المعصوم المبرأ من الخطأ وكذلك غياب المعايير التى يقوم بناءا عليها والتقييم وإصدار الأحكام الدين والتدين ومعظم الخلط يأتى حينما لا يتضح المعنى الدقيق بين "الدين والتدين " فالدين يعنى "الفهم الكامل " للإسلام فهما صحيحا وفق ما أراد الله عز وجل وتطبيقه كما أراد الله وهذا الفهم الكامل ليس متاحاً لكل البشر بل هو فقط مخصوص بالأنبياء والمرسلين لأنهم مكلفون بأن يكونوا أنموذجا وقدوة عمليه لمن خلفهم ولذلك جاء فى حقهم العصمة فهم الوحيدون الذين يملكون الفهم الكامل للرسالة التى أتوا بها من قبل الله رب العالمين ويدركون كيفية تطبيقها تطبيقاً صحيحا بكافة الوسائل المتاحة والآليات الممكنة حسب طبيعة عصرهم وزمان تواجدهم إذ أن الوسائل تتغير من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان وتبقى الأطر الرئيسية صالحة للتطبيق على اختلاف الأزمان والعصور أما التدين فهو محاولة لفهم الاسلام محاولة لفهم الدين ولأن البشر يخطئون ويصيبون ( كل ابن آدم خطاء ..) وكذلك ( كل يؤخذ من قوله ويرد الا المعصوم صلى الله عليه وسلم ( ففى هذة الحالة يكون المنهج الذى يصل إليه البشر هو فهم متباين فى النِسب.. وتتراوح نسب هذا الفهم حسب سعة مدارك كل فرد ومدى اطلاعه وحسن استنباطه وعوامل أخرى كثيرة لكن لا يرتقى هذا الفهم إلى الفهم الكامل المبرأ من الخطأ فكل منهج وكل أمر حتى لو كان مستقى من القرآن والسنة هو محاولة للفهم على قدر عقول من وضع المنهج ويجب دائما النظر فيه وتعديله وتقويمه متى وجد رأياً أفضل أو متى تغيرت الأزمان والأوضاع ووصل إلى الانسان من العلوم ما يغير النظرة السابقة ومنهج السابقين من العلماء والفقهاء يؤكد هذا المعنى ويقويه فربما تبنى فقيه رأىاً فقهىياً معيناً ثم لا يلبث أن يغيره حينما يصل إليه حديث صحيح به معنى جديد أصلح وأفضل وأنسب فى التطبيق ولا يعنى هذا أن المناهج تكون باطلة ويجب نقضها ليس هذا ما أقصده بل المطلوب المراجعة المستمرة لابقاء الصحيح كما هو وتعديل النقص واستكماله ومن ثم تصبح البشرية كلها بما تصدره من قوانين ونظم تقع فى نطاق محاولات الفهم بغية الوصول إلى نسبة معقولة تضمن للبشرية السير دون تخبط واعوجاج وتصبح الأمور مرتهنة بمدى جدية القادة وممثلى كل أمة للحوار والاستماع إلأى الآراء للوصول إلى أفضلها وأصوبها وكذلك مرتهن بمدى سرعتهم للتغيير متى أدركوا أن هناك عواراً فى أى نظام تم وضعه فى السابق دون اخلال نتيجة التسرع ، فأى تأخر فى التعديل يعتبر خيانة للأفراد الذين أعطوا ثقتهم فى من يمثلونهم ، لأن المترتب على التأخير وعدم التصحيح أكبر وأخطر بكثير فكل فعل مبنى على خطأ فهو يؤدى إلى خطأ أكبر وهو فتح لمجال التشكيك فى صدق الأفراد الذين يحاولون الالتفاف وتأجيل التعديل ولا فرق بين نظام مرجعيته شيوعية أو علمانية وبين نظام مرجعيته اسلامية لأن اصدار الحكم يكون بالفعل لا بالمسميات وهو أن أى نظام يفعل ذلك هو " نظام استبدادى " سواء ادعى أن النتيجة جاءت بالشورى أو بالديمقراطية فالنتيجة واحدة وهى تكريث الاستبداد ومحاولة تسيد طرف فوق طرف آخر بغض النظر عن أن هذا الطرف اصلاحى أو محافظ أو منفتح أو منغلق فهى قاعدة تسرى على الجميع ولا يستثنى منها أحد ويبدأ التردى والانغلاق عندما يبدأ فرد أو فئة فى احتكار الصواب والإدعاء بامتلاك لحقيقة المطلقة وأن أى مخالف هو خائن ويحاول شق الصف وإثارة الفتنة غياب المعايير وبناء على النتيجة الأولى وهى أن البشر يصيبون ويخطئون ويحاولون حسب قدراتهم تفسير الأمور لابد من وضع معايير لجودة العمل ومدى قبوله وصلاحيته للتطبيق وكذلك معايير أيضاً للحكم على صلاحية الأفراد وتقييم تجربتهم وطريقة إدارتهم للأمور لنحكم على قدرتهم على العطاء المستقبلى ومحاولة تصحيح الخطأ متى وجد فلا يعقل أن تتغير النغمة بين عشية وضحاها من لون أبيض مبهج " أخ كبير ، وشخص عاقل " إلى لون أسود قاتم " محب للظهور ، ومثير للفرقة " بناءاً على عواطف وانفعالات أو خلفيات تربوية معينة لم تلقى العناية فى التنقيح وعرضها على ميزان العقل فبين اللونين الأسود والأبيض هناك مساحات رمادية كثيرة لابد أن يكون لدينا المعايير لنحدد فى أى المناطق يصب هذا الكلام وبناء على ذلك نستطيع أن نحكم على قائلة وتبقى دائما الاشكالية التى تحَّول الأفراد من الناحية البيضاء الجميلة إلى الناحية السوداء القاتمة هى الاختلاف بين هل يجب توجيه الكلام من خلال الاعلام أم من خلال " الطرق الرسمية أو الشرعية " وهذه مشكلة تحتاج إلى نوع من التفنيد لأن القنوات دائما ما يعتريها الخلل ولا تؤدى إلى حلول فى غالب الأحيان ربما يأتى ذكره فى مقال قادم مبادرة للاصلاح وأقول لاخوانى الكرام كفاكم اغتيالا للجماعة ولأفرادها فلا تنساقوا حلف العواطف وانظروا فى كلام المتكلم بغض النظر عن عطائة وشخصيتة وبعض النظر عن موقعه ومكانته وبغض النظر عن الوسيلة التى استخدمها فى طرح أفكاره ، انظروا إلى الأفكار وقيموها بمعايير محددة وزنوا الجميع عليها فلا يعقل أن يتحول الدكتور حبيب إلى مارق أو محب للشهرة ومن قبله الدكتور الزعفرانى والدكتورعبد المنعم أبو الفتوح والمهندس حامد الدفراوى وغيرهم الكثير ممن يعلمهم الله لقوا نفس الإجحاف وتعرضوا لنفس السهام لمجرد أنهم بدأوا فى الحديث عن مشكلات وأزمات تعانى منها الجماعة لابد من وقفة جادة بعيدا عن الهزل والعبث ومحاولة إهالة التراب على أفكار تفيد مجتماعاتنا وأوطاننا وتصب فى صالح الخير ولابد من أن نعود إلى رشدنا وأن نصلح اللائحة وأن تجرى انتخابات تتحقق فيها الشفافية بعيدأً عن شعارات " أن من سلامة الانتخابات أن الذين أجروها هم الإخوان " وأعيد فأكرر كلاماً كتبته من قبل " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما ومظلوما» قيل: يا رسول الله، أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: «تحجزه أو تمنعه عن ظلمه فإن ذلك نصره» نحن لا نطعن فى اخلاص أحد ونعلم أن اخواننا الذين تم انتخابهم مخلصون وأنهم يعملون وفق رؤيتهم للاخلاص ولحماية الجماعه ... وهم أحوج أن نمنعهم عن ظلمهم لأنفسهم ولاخوانهم بأن نبين لهم الحقيقة وأن نكف أيديهم وإلا فاننا نقصر فى حق نصحهم ونخون عهدا قطعناه على أنفسنا ولا أدرى كيف نقابل ربنا وكيف نجيب سؤاله هل سنجيبه بأننا كنا نحافظ على الصف ... وهل كل حقيقة تقال وكل خير يراد تصبح فزاعه الصف هى المشهرة أمام وجهه من يريد ذلك وأين هذا الكلام لمن يصر على المخالفة ويعمل على اثارة القلاقل ويصف من يخالفه بالمروق ويعطى لنفسه الحق فى امتلاك الحقيقة وأن على من يخالفه أن يخرج من الجماعة " وحتى لا يفهم كلامى بأننى أدعو إلى ثورة أو محاولة لاثارة الشغب ، فأنا أقدر الجميع وأشهد الله أنى أحبهم فيه لكن لابد من احقاق الحق وعليه فإننى أنادى أصحاب الرؤى والمنزلة من المثقفين والدعاة والعلماء من الإخوان ومن غير الاخوان بمبادرة لتصحيح الأمور وقطع الطريق على من يريد السوء ورد الظالم عن ظلمه وايصال الحق لمستحقه وإلا فإن الجميع مقصر فى ايصال كلمة الحق والنصح ... فهل يسمعنى الأفاضل من المصلحين والمخلصين لوطنهم ولمجتمعهم