الرقابة الإدارية تحاول حاليًا تحريك قضية جديدة ضد وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان تتضمن مخالفات الوزير وتجاوزاته. ونيابة الأموال العامة هي التي تقوم بالتحقيق في التقرير الذي قدمته الرقابة الإدارية، وهو التقرير الذي يتضمن العديد من الوقائع الموثقة التي تثبت أن الوزير السابق الذي يشغل حاليا منصب رئيس شركة الخدمات البترولية البحرية إلى جانب كونه عضوًا بمجلس الشعب قد ارتكب جرائم الاستيلاء على المال العام. وكل المؤشرات تعكس وتدل على أن الوزير السابق لن يفلت بسهولة من التحقيقات هذه المرة بعد أن تم تجميع الأدلة ضده بشكل جيد. ولكن.. لماذا الآن؟ ولماذا هذا التوقيت؟، هذا هو السؤال المطروح بين من يتابعون القضية ويبحثون في دلالاتها وأبعادها.. فالوزير المذكور تلاحقه الاتهامات والأقاويل منذ أن كان في موقعه الوزاري وحيث أغدق الأراضي على الأصدقاء وذوي النفوذ والأقارب، وأثار البعض موجه من الانتقادات ضد قرار تعيينه رئيسًا لشركة الخدمات البترولية البحرية حيث جاء القرار وكأنه يمثل مكافأة للوزير السابق بدلا من محاسبته وتقديمه للقضاء..! والواقع أن فتح ملف الوزير لا يمكن تفسيره إلا أنه محاولة من النظام السياسي للتأكيد على أنه لا يحمي أحدًا من المفسدين مهما كان موقعه، وهو مبدأ يريد النظام التركيز عليه خلال هذه المرحلة الحساسة التي ستشهد الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية. فمصر بدأت أهم عامين في تاريخها المعاصر، فستكون هناك الانتخابات البرلمانية التي ستجرى هذا العام والتي لن تكون لأول مرة تحت إشراف قضائي والتي ستبذل فيها الحكومة جهدا هائلا لضمان أن يكون البرلمان القادم بلا معارضة مزعجة من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حتى يمكن تمرير الانتخابات الرئاسية بشكل سلس ودون معارضة مرتفعة الصوت.. ولكسب التأييد الشعبي وتحسين الصورة لدى الجماهير فإن قضية الوزير السابق إبراهيم سليمان قد تكون واحدة من عدة قضايا يتم الكشف عنها والتضحية بأصحابها مهما كان قربهم من النظام في سبيل الهدف الأكبر. ومهما كانت الدوافع الكامنة وراء إثارة هذه القضايا فإنها تفتح الباب أمام المطالبة بالتحقيق في قضايا مماثلة لوزراء ومسئولين ورؤساء مجالس إدارات سابقين أثروا ثراءًا فاحشًا من مناصبهم العامة ولم يعرف عنهم من قبل أنهم كانوا من الأثرياء. والأمثلة في ذلك كثيرة، والحكايات والوقائع التي تروى عن بعض رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية السابقين في مصر كانت مثيرة أيضا لشكوك واتهامات كثيرة وتستدعي تحقيقًا أمنيًا يؤكد حرص الحكومة على المال العام واستعدادها لمحاسبة من يقوم باستغلال موقعه حتى لو كان من المقربين من النظام ومن المدافعين عنه. إننا نأمل أن تمتد هذه التحقيقات. إننا نأمل أن تمتد هذه التحقيقات أيضًا لتشمل الذين مازالوا في مواقع المسئولية فعلا، بدلا من انتظار إحالتهم للتقاعد وتراجعهم للصفوف الخلفية وحيث يصبحون بلا قيمة أو فائدة، وحيث يسهل أيضًا الاستغناء عن خدماتهم والتضحية بهم!! إن مبدأ من أين لك هذا، لو تم تطبيقه بشكل جيد فإننا لن نجد عددًا كافيًا من المحققين ورجال النيابة لمراجعة ملفات كثيرة لن يمكن حصرها..! [email protected]