شاء الله عز وجل ألا تكون رحلتي إلى كوريا في الذهاب والإياب من النوع الذي يطلقون عليهNonstop-flight أو الرحلة التي لا وقوف فيها ولا ترانزيت.. وشاء الله عز وجل أيضا أن يكون الترانزيت – في الذهاب والإياب - في مدينة أبو ظبي! كانت أول رحلة خارجية لي، إلا أنها أتاحت لي رؤية ثلاثة مطارات تختلف عن بعضها البعض اختلاف أرى أن أطرحه عليكم في هذه السطور، وهذه المطارات هي: مطار القاهرة – مطار أبو ظبي – مطار انشيون (في كوريا) 1- مطار القاهرة: أول شيء أتى إلى ذهني وأنا في طريقي إلى المطار هو جنرال الثورة المضادة المتلعثم أحمد شفيق! للدعاية الضخمة عن دوره الخارق (!!) في بناء المطار كما يزعمون – وهو ما تساقط كذبا أمام عيني عند رؤية المطارين الآخرين بكل تأكيد! وصلنا مطار القاهرة، وعلي أن أعترف أنه لا ينقصه الإمكانيات الكثيرة! ليست قلة الإمكانيات هي ما جعل مطار القاهرة - وهو الأعرق في المطارات الثلاثة – دون المطارين الآخرين! الملاحظة الرئيسية التي تلاحظها وأنت في مطار القاهرة أنه مطار أنشئ للغرباء! إذا كان لديك جواز سفر أجنبي – وغربي تحديدا – تفتح لك كل الأبواب ويعاملك الناس بشيء من الرهبة! إذا كان لديك جواز سفر مصري فتنتظرك رحلة يشوبها الإهمال وربما الشك والازدراء! لكم أن تعلموا أن مطار القاهرة تم تفتيشنا فيها يدويا! في عام 2013 ومازالوا يفتشون المسافرين يدويا! وبوابة مرور للكشف عن المعادن أراها بالية لا تواكب التقنية الحديثة! ولو كانت حقائبنا لا قدر الله تحمل قنبلة أو مخدرات أو ملايين الدولارات فإن نسبة مرورها من المطار ستكون عالية جدا! قطعنا بوابة الوصول لصالة الانتظار، وهي البوابة التي لا يسمح لغير المسافرين بعبورها، واتجهنا للصالة لانتظار الطائرة، فوجدناها مغلقة وأخبرونا أنه مازال هناك متسع من الوقت وأن البوابة لم تفتح بعد! دخلنا إحدى القاعات للانتظار وما كدنا نجلس حتى أخبرنا ضابط أمن أن هذه القاعة مخصصة للترانزيت فقط، وعلى المسافرين تركها! خرجنا وقلنا حسنا، فلنعد للمكان الذي كنا فيه؟ فقالوا لنا عذرا لا يمكن للمسافرين بعد المرور من هذه البوابة أن يعودوا! وقفنا عالقين حاملين حقائبنا، ولا نجد أمامنا إلا مقاهي عالمية بأسعار سياحية يبدو أنها تحتكر هذا المكان وترتزق منه! حاولت الاتصال بالانترنت من خلال شبكة المطار فوجدت الشبكة لا تعمل! لم أتمالك أعصابي فاستخدمت مودم الانترنت الخاص بي وكتبت ما أعانيه على صفحتي على الفيسبوك! أهذا هو المطار الذي يتفاخرون به علينا؟؟ جاء الموعد وفتح الباب وانتظرنا الطائرة التي بدا أنها طائرة صغيرة الحجم! نزلنا أرض المطار وركبنا الأتوبيس الذي يقلنا لسلم الطائرة، وهو تقليع وجدنا أنه لا يحدث في أي مطار بالعالم! في كل المطارات المحترمة هناك نفق يتم تركيبه يربط صالة الانتظار بباب الطائرة مباشرة! وعلى عكس ما وعدتنا موظفة شركة الطيران فقد وجدت أنني ورفيقي قد تفرق دمنا بين المقاعد! كل واحد منا يجلس في ناحية بعيدة عن الآخرين! زفرت في ضيق وقت الله يسامحها! *** 2- مطار أبو ظبي: أول إحساس تشعر به وأنت في أبو ظبي أنك قريب من الوطن! بل ربما مازلت في الوطن.. لا إحساس بالغربة على الإطلاق! ولا سامح الله من يفرق بين الشعوب! انتظرنا عدة ساعات في الترانزيت معظمها في المسجد.. وكم شعرنا بالراحة لوجود دورات مياه تستخدم المياه في التطهر وليست مناديل ورقية فقط! بالطبع الانترنت كان يعمل والجنسيات الأسيوية تملأ المكان! رحم الله زمانا كان المصريون فيه – من المهندسين والأطباء والمدرسين والموظفين - يبنون الإمارات العربية إمارة إمارة، ودول الخليج دولة دولة! شعرنا للأسف كما في القاهرة أن الأولوية للراكب الأجنبي ولا سيما الغربي! كان التفتيش أكثر دقة، حيث أخرجنا كل ما في جيوبنا! ومرت على جهاز يبدو أنه أكثر تطورا من الذي رأيته في القاهرة! جاء الموعد ورأينا النفق الذي أشرت إليه يفتح لندخل إلى طائرة عملاقة أقلتنا إلى كوريا الجنوبية! وشتان بين الطيار الذي أقلع في أبو ظبي وذلك الذي أقلع بنا في القاهرة! وعلى الرغم أنهما كانا أجنبيين في الحالتين إلا أن قائد طيارة كوريا أقلع بسلاسة كبيرة تختلف عما حدث في القاهرة، وذلك أعطى إشارة بالطبع لتوجه شركة الطيران فيمن يقود طائرة من مصر ومن يقود طائرة إلى كوريا! كنت بحاجة إلى الابتعاد قليلا وتغيير جو، فإذ بالله عز وجل يقضي لي بإجازة إجبارية ليست خارج المدينة فحسب بل خارج مصر بأكملها، بل خارج الأرض وفي عنان السماء! ثماني ساعات على ارتفاع عشرة آلاف كيلومتر فوق سطح البحر! مررت على دول عدة ظهرت على الخريطة على المقعد أمامي، باكستان والهند وأفغانستان والصين وأخيرا كوريا! *** 3- مطار انشيون: قرأت فيما قرأت قبل سفري إلى كوريا أن مطار أنشيون الدولي – القابع في جزيرة بالكامل غرب العاصمة سيول – حاصل على المركز الأول كأفضل مطار في العالم منذ العام 2005 حتى العام 2012! ولا أخفيكم سرا كم الدهشة التي أصابتني! أين مطار جي اف كي (جون كينيدي في نيويورك) أو هيثرو (في لندن) أو أورلي (فرنسا) أو زيورخ وفرانكفورت! وحين وصلنا إلى المطار رأينا أنهم لم يكونوا يبالغون! النظام الشديد في كل شيء والعلامات الواضحة في كل مكان والتي لا تجعلك تقريا تسأل أحدا، والأرضية المغطاة بالفرش القيم أو الخشب الباركيه أو السيراميك اللامع! قرأت أيضا قبل سفري أن درجات الحرارة تكون منخفضة في هذا الوقت من العام – وإن كانت أفضل قليلا من الشتاء بالطبع – فحملت معي معطف طويل ثقيل لظني أنني ربما أقضي ولو بضع دقائق على أرض المطار! لم تكن فكرة النفق قد عرفتها بعد! واستطيع أن أخبركم أني لم أرتد هذا المعطف ولا مرة! وضعوا سبابتنا على جهاز يكشف البصمة، وأعيننا على جهاز كشف بصمة العين! وبذلك يمكنكم أخذ فكرة عن احتياطات الأمن هناك! نزلنا من صالة الوصول عبر سلم متحرك أنيق إلى سلم آخر حتى وصلنا إلى المترو الداخلي! مترو داخل المطار لنقلنا من صالة الوصول لصالة الجوازات! مرحبا بكم في كوريا! أنهينا أجراءتنا سريعا، وبكل أدب واحترام! مما أمكنني أن ألخص الفارق بين المطارات الثلاثة في الجملة التالية: في القاهرة لا يوجد نظام ولا معاملة راقية (إلا للأجانب).. في أبو ظبي هناك نظام ولا يوجد معاملة راقية (إلا للأجانب) في كوريا هناك نظام وهناك معاملة راقية.. خرجت من صالة الجوازات ورفعت ورقة تحمل اسم الشخص الكوري الذي يعمل في الشركة التي نتعامل معها والموكل بانتظارنا، فلأول وهلة يبدو الجميع شديدي الشبه وخاصة مع أحجامهم البسيطة، وهو شيء تكتشف زيفه مع الوقت، وتستطيع أن تميز بينهم بسهولة! نقلت نظري بين الحاضرين حتى وجدت المفاجأة! الشخص الكوري الذي ينتظرنا هو أطول شخص في المطار- وربما في كوريا كلها! وطوله 190 سم حسبما أخبرنا! ابتسم وهو يشير إلينا من بعيد بكلتا يديه كعادة الكوريين بعد أن قرأ اسمه على الورقة التي نحملها! أخذتني الدهشة للحظة ثم قلت لرفيقي مبتسما: هو الشرقاوي بعت لنا فان دام ولا ايه؟؟ انتظروني في المقال المقبل إن شاء الله أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]