تحت إدارة اوباما وسَّعت الولاياتالمتحدة حربها طويلة الأمد الى افريقيا. وأصبح باراك حسين اوباما الذي يُدعى (ابن افريقيا) اعدى اعداء افريقيا، فإلى جانب دعمه المتواصل للدكتاتوريات الافريقية، انفصلت ساحل العاج، وحدث تقسيم السودان وساءت احوال الصومال وهوجمت ليبيا من قبل الناتو. والآن القيادة المركزية الامريكية في افريقيا (افريكوم) في اوج عنفوانها فالولاياتالمتحدة تريد المزيد من القواعد في افريقيا، كما اعلنت فرنسا حقها في التدخل العسكري في اي مكان في افريقيا لها فيه مواطنون فرنسيون ومصالح فرنسية معرضة للخطر. فيما الناتو يعزز مواقعه في البحر الاحمر وساحل الصومال. وفي حين تنتشر الاضطرابات مرة اخرى في افريقيا بالتدخلات الخارجية، تقبع اسرائيل صامتة في الخلفية. وتل ابيب متورطة بعمق في دورة الاضطراب الحالية التي ترتبط بخطة ينّون لاعادة تشكيل محيطها الستراتيجي. ويعتمد هذا التشكيل الجديد على اسلوب راسخ من خلق الانقسامات الطائفية التي بدورها سوف تحيّد الدول المستهدفة او تفككها. والكثير من المشاكل التي اصابت مناطق في شرق اوروبا ووسط آسيا وجنوب غربها، وشرقها، وافريقيا وامريكا اللاتينية، هي نتيجة لإشعال متعمد للحرائق الاقليمية من قبل قوى خارجية. ومنذ القدم تُستغل الانقسامات الطائفية والتوترات الإثنية اللغوية والاختلافات الدينية والعنف الداخلي، من قبل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا في اماكن متعددة من العالم. وما العراق والسودان ورواندا ويوغسلافيا ، الا امثلة قليلة حديثة لهذه الستراتيجية (فرق تسد) من اجل اركاع الشعوب. يشبه الشرق الاوسط في بعض جوانبه البلقان ووسط وشرق أوروبا، خلال السنوات التي مهدت للحرب العالمية الاولى، شبها كبيرا. في اعقاب الحرب العالمية الاولى اُعيد رسم حدود الدول متعددة الأعراق في البلقان ووسط وشرق أوروبا واعيد تشكيلها من قبل القوى الخارجية بالتحالف مع قوى معارضة داخلية. ومنذ الحرب العالمية الاولى وحتى مابعد الحرب الباردة مرت البلقان ووسط شرق أوروبا بفترة اضطرابات وعنف وصراع ساعد على مواصلة تقسيم المنطقة. وعلى مدى سنوات طويلة كان هناك دعاة لشرق اوسط جديد، بحدود يُعاد رسمها لهذه المنطقة من العالم حيث تلتقي أوروبا وجنوب غرب اسيا وشمال افريقيا، وينطلق معظم هؤلاء الدعاة من واشنطنولندن وباريس وتل ابيب. انهم يخططون لمنطقة تشكل من دول متجانسة عرقيا ودينيا. وتشكيل هذه الدول سوف يؤدي الى تدمير الدول الأكبر القائمة حاليا في المنطقة. والفكرة هي تشكيل دويلات صغيرة مثل الكويت او مثل البحرين يمكن ادارتها واستغلالها من قبل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا واسرائيل وحلفائهم. بدأت خطط اعادة تشكيل الشرق الاوسط قبل الحرب العالمية الاولى بفترة طويلة. ولكن لم تظهر بوادرها الا خلال تلك الحرب، مع (الثورة العربية الكبرى) ضد الامبراطورية العثمانية. ورغم ان البريطانيين والفرنسيين والايطاليين كانوا قوى استعمارية منعت العرب من التمتع بأية حرية في دول مثل الجزائر وليبيا ومصر والسودان، فإنهم استطاعوا ان يصوروا انفسهم على انهم اصدقاء العرب وحلفاء التحرر العربي. خلال "الثورة العربية الكبرى" استخدم البريطانيون والفرنسيون، العرب، في الواقع، جنودا ضد العثمانيين من اجل تحقيق مشاريعهم الاستعمارية الجيوبوليتيكية. وافضل مثال على ذلك هو اتفاقية سايكس بيكو السرية بين لندن وباريس، حيث استطاعت فرنسا وبريطانيا استخدام واستغلال العرب بإقناعهم بفكرة التحرر العربي مما يسمى القمع العثماني. كانت الامبراطورية العثمانية امبراطورية متعددة الاعراق، وكانت تمنح في الواقع حكما ذاتيا محليا وثقافيا لكل شعوبها ولكنها كانت تعتبرها جزءا من كيان تركي. حتى (المذبحة الارمنية) التي وقعت في الاناضول يمكن تفسيرها بنفس اطار الاستهداف المعاصر للمسيحيين في العراق كجزء من خطة طائفية قام بها لاعبون من الخارج لتقسيم الامبراطورية العثمانية والاناضول ومواطني الامبراطورية العثمانية. بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، قمعت لندن وباريس، العرب، وفي نفس الوقت، كانتا تزرعان بذور الانقسام بين الشعوب العربية. كان الحكام العرب المحليون الفاسدون شركاء في المشروع وكان أقصى آمال الواحد منهم أن يكون مجرد عميل لبريطانيا أو فرنسا. بنفس المضمون، يتم استغلال "الربيع العربي" حاليا، حيث تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واخرون الآن بمساعدة قادة عرب فاسدين لإعادة تشكيل العالم العربي وافريقيا. خطة ينون هي استمرار للاستراتيجية البريطانية في الشرق الاوسط وهي خطة استراتيجية اسرائيلية لضمان تفوق اسرائيلي. وتتلخص في ان على اسرائيل اعادة تشكيل محيطها الجيوبوليتيكي من خلال بلقنة الدول الشرق اوسطية والعربية الى دول اصغر واضعف. وكان المخططون الاسرائيليون يرون في العراق التحدي الاستراتيجي الأكبر بين الدول العربية. ولهذا السبب اختير العراق كمحور لبلقنة الشرق الاوسط والعالم العربي. وحسب مفاهيم خطة ينون، دعا المخططون الاسرائيليون الى تقسيم العراق الى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للمسلمين الشيعة والاخرى للمسلمين السنة. وكانت اول الخطوات باتجاه ترسيخ ذلك هي الحرب بين العراق وايران التي ناقشتها خطة ينون. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]