الجدول الزمني لجولة الإعادة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أخبار الاقتصاد اليوم: صعود أسعار كرتونة البيض وتراجع سعر الذهب.. ارتفاع استهلاك الشاي عالميا إلى 7.4 مليار كيلوجرام.. والبورصة تخسر مليار جنيه بختام التعاملات    قرار جديدة من الإسكان بشأن حجز شقق ديارنا في 18 مدينة    وزير الحرب الإسرائيلي يهدد خامنئي بالاغتيال: المشاركون في الزفاف الأحمر ينتظرونك    البيت الأبيض: ترامب يمدد موعد رفع التعريفات الجمركية على الصين لمدة 90 يوما    مدرب باريس سان جيرمان يرفع راية التحدي قبل مواجهة توتنهام في السوبر الأوروبي    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا بعد إنجاب طفلين    غدا.. اتحاد الكرة يغلق باب القيد الصيفى لأندية القسم الثالث    كانت تستعد للفرح، وفاة عروس قبل موعد زفافها بأيام في المنوفية    بعد حادث الشاطبي.. 12 توجيهًا من الإسكندرية للمشاة لعبور آمن للكورنيش    محمد رمضان يهاجم من شككوا في دعوة لارا ترامب له    نظير عياد يستقبل مفتي القدس لدى وصوله القاهرة للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    خبير علاقات دولية: نتنياهو يغتال حرية التعبير عن طريق قتل الصحفيين    8 سبتمبر نظر دعوى حظر تداول "جابابنتين" وضمه لجداول المخدرات    وكيل وزارة الصحة بدمياط يتابع رفع كفاءة مستشفى كفر سعد المركزي    برشلونة يكتفي بالصفقات الثلاث في الانتقالات الصيفية    سمية صفوت: هناك أشخاص جاهزون لقيادة الإسماعيلي فور سحب الثقة من مجلس أبوالحسن    اندلاع حريق غابات جديد غربي تركيا    محمد حسن يبدأ التدريبات الفردية تمهيدًا لعودته للمشاركة مع الإسماعيلي    غدًا.. «الوطنية للانتخابات» تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    نائب رئيس جمعية مستثمري مرسى علم يكشف أسباب ارتفاع نسب الإشغالات السياحية بموسم الصيف    أمير كرارة عن فيلم الشاطر: من أجمل التجارب التي خضتها    وزارة الرياضة تعلن الكشف عن المخدرات| تشمل "الاولمبية والاتحادات والأندية واللاعبين"    الإعدام للمتهم بقتل شاب لسرقة دراجته النارية في الواحات البحرية    الشاي الأخضر.. مشروب مفيد قد يضر هذه الفئات    اللاعب لا يمانع.. آخر تطورات انتقال باليبا إلى مانشستر يونايتد    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    غدًا.. انطلاق المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمشاركة علماء من دول العالم    عمرو يوسف ودينا الشربيني يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم درويش    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    يسري الشرقاوي: القطاع الخاص آمن بمبادرة التيسيرات الضريبية    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    جدول مواقيت الصلوات الخمسة غدا الثلاثاء 12 أغسطس في المنيا والمحافظات    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    اللجنة الفنية في اتحاد الكرة تناقش الإعداد لكأس العرب    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    تداول بضائع وحاويات 18 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغييب العقل
نشر في المصريون يوم 28 - 12 - 2009

منذ ما يزيد علي أربعين سنة -1968- ثارت هوجة كبيرة في الإعلام تتحدث عن ظهور السيدة العذراء علي أبراج كنيسة قديمة قليلة الزوار في حي الزيتون .. وكعادة الشعب المصري المغيب تجمعه زمارة وتفرقه عصا – كما يقول المثل- احتشدت الغوغاء أمام الكنيسة وسرت الشائعات حول هذا الظهور المزعوم فهذا مريض شفته .. وهذا قعيد أقامته .. وهذا مفلس أغنته .. وهذا أعمي بصرته .. وهكذا انطلقت الصحف القومية – وكانت الصحف كلها في ذلك الوقت قومية – تطبل وتزغرد للعذراء التي خصت المصريين من بين شعوب الأرض وخصت كنيسة الزيتون من بين كنائس النصرانية جميعاً بهذا التجلي وآثرتنا علي بيت لحم والناصرة والقدس والفاتيكان.
يحكي الشيخ الغزالي –رحمه الله – في كتابه الممتع " قذائف الحق " أنه خرج ومعه العلّامة الشيخ محمد أبو زهرة وبعض الشيوخ إلي حي الزيتون ليشهدوا علي الطبيعة حقيقة هذا الظهور المزعوم يقول الشيخ " وذهبنا أنا والشيخ محمد أبو زهرة وآخرون ومكثنا ليلاً طويلاً نرقب الأفق ونبحث في الجو ونفتش عن شيء فلا نجد شيئاً البتة .. وبين الحين والحين نسمع صياحاً من الدهماء المحتشدين لا يلبث أن ينكشف عن صفر .. عن فراغ .. عن ظلام يسود السماء فوقنا .. لا عذراء ولا شمطاء.
وعدنا وكتبنا ما شهدنا وفوجئنا بالرقابة تمنع النشر " ا.ه .
ونضيف أن الدكتور الفندي أستاذ الفلك الشهير لما أراد نشر مقالة حول تفسير علمي لظاهرة ماظنه الناس العذراء منعوا نشر ما كتب .. بل لما نشر بحثه في مجلة الوعي الإسلامي منعوا دخول المجلة إلي مصر.
وهكذا تحولت تلك الكنيسة المغمورة إلي مجمع كنسي كبير اتخذوه مزاراً سياحياً ضخماً وأعادوا تخطيط المنطقة لتناسب هذا الموقع الهام .. موقع تجلي العذراء كما يزعمون.
كان النظام في ذلك الوقت حديث عهد بالنكسة ومحاكمات ضباط الطيران ومظاهرات الطلبة وصدامهم بالشرطة .. وكان يراد أن ينشغل الناس بشيء يلهيهم عن النظر فيما يجري وقد وجدوا بغيتهم في هذا الحدث فما كانوا ليفرطوا فيه.
تذكرت هذه الحادثة – وكنت من معاصريها – وأنا أري ما حدث يتكرر مرة اخري بنفس السيناريو والتفاصيل وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن دون أن يكون هناك الغزالي ومحمد أبو زهرة يقولون كلمة الحق في وجه هذا الطوفان من الدجل والشعوذة ليعرف الناس .. وإنما إعلام هيمن عليه المال الكنسي فانطلق يطبل ويزمر بينما سكت علماؤنا عن التبيين والتحذير من مغبة مثل هذا الاعتقاد.
والحقيقة أن الكنيسة الأرثوذكسية تعاني هذه الأيام من أزمات خطيرة تكاد تعصف بها وتفرق الأتباع من حولها .
أولها : هو عملية التبشير البروتستانتية واسعة النطاق والتي أدت إلي تصاعد أعداد المغادرين إليها بصورة مطردة حتى أن بعض القيادات الكنسية الرسمية ذكرت أن هناك خطة للقضاء علي الأرثوذكسية لصالح البروتستانتية خلال عشرين سنة .
ثانيها : تصاعد أعداد المنتقلين إلي الإسلام تصاعداً نوعياً جعل كثيراً من ذوي المكانة العلمية والمجتمعية يدخلون الإسلام احتراماً لعقولهم وفكرهم.
ثالثها : التمزقات داخل قيادات الكنيسة وعمليات العزل والشلح بصورة غير مسبوقة أحدثت انشقاقات خطيرة إلي جانب التنازع حول من سيخلف البابا من المحيطين به والحرب المكتومة بين أتباعه.
رابعها : مشاكل الكنيسة مع العلمانيين واختلافهم حول كيفية إدارة الكنيسة وأموالها وغياب الشفافية وغير ذلك مما ينذر بشقاق نوعي آخر.
خامسها : دخول الكنيسة في معارك سياسية وطائفية لا تلقي قبولاً كبيراً عند عامة المسيحيين وخاصة في الصفوة منهم واتجاه كثير منهم إلي اعتزال العمل العام.
هذه المشكلات ومشكلات أخري كثيرة ربما تكون هي دافع الكنيسة لإخراج هذه التمثيلية لإعادة جذب الناس للحظيرة الكنسية عن طريق إظهار العذراء في صورة الداعم للقيادات الكنسية القائمة ومساندة سياساتها .. وهنا تثور عدة تساؤلات.
أولاً : لماذا العذراء بالذات من بين القديسين والرسل الذين امتلأ بهم التراث الكنسي وما أكثرهم؟
هل المقصود هو إشراك المسلمين في هذه التمثيلية نظراً لمكانة السيدة العذراء في التراث الإسلامي.
ثانياً : لماذا لم تظهر العذراء طوال هذه السنوات الأربعين السابقة رغم حالة الكنيسة للدعم المعنوي خاصة إبان إزمتها الشهيرة مع الرئيس الراحل .. هل لأن الإعلام الساداتي ماكان ليتجاوب مع هذه الدعوة ويثير لها الضجيج المطلوب في ذلك الوقت فتموت التمثيلية في مهدها ويزول الغرض منها ؟
ثالثاً : هل نستطيع أن نقول أن هذه الحادثة كشفت وبوضوح أولئك الإعلاميين الذين تمولهم مصادر كنسية ليتبنوا قضاياها ويدافعوا عنها من فلول اليساريين في الوقت الذي يعلنون فيه الحرب علي كل ماهو إسلامي .. وهل آن للشعب أن يعرف المخلص له وللحقيقة ممن يشتري بالمال ليدلس عليه ؟
رابعاً : لماذا خصت العذراء بلادنا من بين دول العالم المسيحي سواء من له قدسية خاصة مثل الناصرة وبيت لحم والقدس والفاتيكان أو من كان يحمل أغلبية مسيحية أو يحمل لواء الدفاع عن المسيحية بالجيوش والثقافة؟
خامساً : لماذا خصت السيدة العذراء القاهرة من بين محافظات البلاد .. هل لأن وسائل الإعلام تتركز فيها ليحدث ظهورها ضجيجاً إعلامياً وحشداً كبيراً ؟
ثم لماذا لا تظهر هذه الخوارق في الدول المتقدمة بينما تظهر في بلادنا المتخلفة من بين بلاد الناس ؟
علي كلٍ فالخوارق ليست دلالة علي صدق أو كذب أحد وإنما بعثت الرسل بالدليل والبرهان وكلما قلت مساحة العقل في حجة المحتج كلما لجأ المحتجون للخوارق والمعجزات لتغييب العقل وقهره بالمعجزة.
أما آن لنا أن ننشغل بما يفيد يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.