تجلي "العفاريت" فوق الكنائس، لن يكون محض فرز بين الملل المسيحية في مصر، ولن تخسر فيها العقيدة الأرثوذكسية ما تبقى لها من "مصداقية" أمام "العقلاء" من أتباعها، بل امتدد الفرز فعلا إلى الكتاب والصحفيين الذين مثلوا علينا دور "رسل التنوير" وبقية "لوازم" النصب باسم "العقلانية" و"الحداثة" ومحاربة "الفكر الغيبي" العفاريت التي يلاعبها "النصابون" من فوق أبراج الكنائس، لن تستر عجز الكنيسة عن حماية عقيدة أتباعها، لن توقف الاستنزاف السنوي وتجريفها الذي قدره الإصلاحي الديني الكبير البابا مكسيموس في حوار متلفز له مع فضائية الجزيرة القطرية ب 50 ألف متحول من كنيسة البابا شنودة إلى ملل ونحل وأديان أخرى، لن تكون ردا مقنعا على تحذيرات أستاذ اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية الدكتور فريد اسحق من انقراض معتنقي المسيحية في مصر خلال مائة عام، وهي التحذيرات التي أطلقها من داخل إحدى قواعد ساويرس الصحفية "المصري اليوم".. وذلك بسبب الهجرة وتحولهم إلى الإسلام. هذا "الأفيون" الذي يبيعه الكذابون على العوام وعلى الجهلة والمتخلفين عقليا، لن يزيد البلد إلا احتقانا إذ تظل عمليات النصب باسم العذراء، وتحريك "العفاريت" الليلية بين الصلبان .. تظل نمطا فجا من أنماط "التنصيرالجماعي" ومشاغبة المسلمين والإنجليين والكاثوليك والبروتستانت. أحد النصابين قال ذلك صراحة، مؤكدا أن المسلمين ينكرون ظهورها لأنه قد يضع الإسلام أمام اختبار مفاضلة مع المسيحية! .. و"عاير" نصابون آخرون اتباع الملل الأخرى من المسيحيين وقالوا : العذراء اختارتنا فقط و"طنشت" الآخرين! المشهد في مجمله لم يكن فقط ابتذالا لقيمة مريم عليها السلام وامتهانا لقداستها وتحويلها إلى "سلعة" للمتاجرة والنصب باسمها، وإنما حشرها في إثارة الفتن الدينية بين المصريين وتعريض أمن البلاد والعباد لخطر حقيقي، بسبب هذا المنحى غير المسئول بمخادعة الناس ودعوتهم لعملية "تنصير جماعية" شديدة الفجاجة والاستفزاز. وإذا كانت صحف خاصة قد تم استئجارها للأقلام المرتزقة والتي لا تتورع عن بيع شرفها ودينها بل وبلدها طمعا في رضى وعطف وحنان "حامل الشيكات" فإن الدولة اليوم باتت أمام اختبار حقيقي لتحمل مسئوليتها تجاه مواطنيها وحمايتهم من أكبر عملية نصب واحتيال باسم الدين من جهة، وحمايتهم من أي اختراق تنصيري أيا كان مصدره وجهته من جهة أخرى باعتبارها "دولة مسلمة" فيما يظل الإسلام أحد أهم المرجعيات التي يستقي منها النظام السياسي المصري شرعيته. ربما يكون على المستوى السياسي قد صادفت عمليات الشعوذة تلك، هوى لدى النخبة الحاكمة في مصر، باعتبارها تغييبا للوعي الشعبي واستغفاله واشغاله بحكايات "العفاريت" التي تظهر فوق الكنائس.. غير أن من العيب أن ينزل المسئولون الرسميون بالدولة إلى منافسة بائعي الفيشار واللب والترمس في جني "ثمار" هذا السفه الذي لا يجد من يردعه.. فيمعن أكثر في استخفافه بكل شئ في البلد بما فيه الأمن القومي المصري. [email protected]