اليوم آخر فرصة للتسجيل في المنحة الدراسية الكاملة بالتعاون مع البنك المركزي    لماذا يهدر وزير الصحة أموال صندوق تعويضات مخاطر المهن الطبية؟    تنسيق الجامعات، اليوم آخر موعد لقبول أوراق الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة المعادلة    المشاط: السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة «ركائز رئيسية» لاستقرار الاقتصاد الكلي    أخبار مصر: زيادة في الحج 80 ألف جنيه، قصة تزوير طبيبة طب شرعي تقرير وفاة أحمد الدجوي، حدث منتظر اليوم قد يشعل الشرق الأوسط    غرق 268 فدانا من أراضي طرح النهر بسبب ارتفاع منسوب النيل بالمنوفية    عربية النواب: شعوب المنطقة تنتظر خطوات عملية من قمة الدوحة    الهلال الأحمر يدفع ب3200 طن مساعدات إغاثية عبر قافلة زاد العزة ال36 إلى غزة    ترتيب مجموعة مصر في بطولة العالم للطائرة بعد الجولة الأولى    تردد قناة اون سبورت 1 الناقلة لمباراة الاهلي ضد انبي    فوز تاريخي.. منتخب الطائرة يهزم إيران في افتتاح مشواره بالمونديال    جنايات المنيا تنظر أولى جلسات محاكمة قاتلة زوجها وأطفاله ال6 بدلجا    فيديو.. الأرصاد تحذر من كثافة الشبورة المائية وارتفاع أمواج البحر الأحمر    رامي صبري يحيي حفلا في هولندا    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكشف عن أفلام مسابقاته    راغب علامة يشيد بعمرو دياب: مبدع ولم أسمع منه كلمة سيئة عن أحد    الرعاية الصحية تطلق منصة وطنية للكشف عن بُعد، واختيار الفنان هاني سلامة سفيرًا لها    مواعيد مباريات اليوم الأحد 14-9- 2025 والقنوات الناقلة لها    مدرب بيراميدز السابق: أتمنى تدريب الأهلي وهو أصعب فريق واجهته في مصر    شوبير يكشف تفاصيل الحالة الصحية ل محمود الخطيب وتطورات موقفه من رئاسة الأهلي    رغم الضربة على قطر.. وزير الخارجية الأمريكي يزور إسرائيل مؤكدا دعم بلاده لتل أبيب    قيادي بحزب الشعب الجمهوري: قرار الأمم المتحدة انتصار للشرعية الدولية    مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجتين بخاريتين بقنا    ببنى سويف.. عودة خدمة الخط الساخن (123) بعد إصلاح العطل الفني    حبس متهم في الاتجار بالمخدرات بحدائق القبة    القانون يحدد شروط إنشاء مدارس مهنية.. تعرف عليها    الطماطم ب10 جنيهات.. أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الأحد 14 سبتمبر 2025 في الشرقية    صحيفة نمساوية: بولندا باتت تدرك حقيقة قدرات الناتو بعد حادثة الطائرات المسيرة    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول ضد بيرنلي والقنوات الناقلة    إنقاذ حياة طفل 7 سنوات لسقوط سقوط جدار خرساني عليه بالمنوفية    من خلال الكفاءات الطبية بالخارج.. إطلاق منصة وطنية للكشف عن بُعد    أسعار البيض اليوم الأحد 14 سبتمبر    «أرشيلاوس» نسى وصية معلمه.. و«ألكسندروس» واجه انشقاق «آريوس»    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 14 سبتمبر 2025    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 14 سبتمبر 2025    حظك اليوم الأحد 14 سبتمبر 2025 وتوقعات الأبراج    مدرب الزمالك: سعيد بالفوز على المصري    روبيو يبحث مع نتنياهو إمكانية ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية    وزير الخارجية يؤكد: لا تهاون إزاء قطرة ماء ونتحرك على كافة المستويات    نجلاء بدر: «أزمة ثقة» مسلسل نفسي كشف دواخل الشخصيات.. والقاتل كان معروفا منذ الحلقة الأولى    «التعليم» تكشف قائمة مدارس الكهرباء التطبيقية بالمحافظات للعام الجديد 20262025    أقوى هجوم لعائلات الأسرى على نتنياهو: شخص مجنون محاط بمجموعة مختلين تدعى المجلس الوزاري    «متتدخلوش في حياتي».. ريهام سعيد تكشف معاناتها النفسية: مشكلتي مش بس في الشكل    الداخلية توضح حقيقة فيديو سرقة سور كوبرى بإمبابة:"الواقعة قديمة والمتهم اعترف"    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا.. أسعار الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    «زي النهارده».. إعلان وفاة المشير عبدالحكيم عامر 14 سبتمبر 1967    متى تُصلّى صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هشام جمال يحتفل بخطوبة صديقه.. وليلى زاهر تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    ما حكم صلاة تحية المسجد أثناء وبعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    ما حكم صلاة تحية المسجد بعد إقامة الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محطة العائلة المقدسة.. دير العذراء ببياض العرب يتحول لمقصد سياحي عالمي ببني سويف    خالد عبدالقادر مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية ل«المصري اليوم»: توقيع عقوبات مغلظة على المنشآت المخالفة    مين فين؟    70% زيادة في نسبة الدعم المعنوي بالرعاية الصحية    مواصفات «اللانش بوكس» الصحي.. خبير تغذية يحذر من «البانيه»    هل هناك ترادف فى القرآن الكريم؟ .. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين 2009.. مصالحة عصية وتسوية مُجمّدة
نشر في المصريون يوم 25 - 12 - 2009

عام كامِل مرّ على القضية الفلسطينية، كأنه الدّهر كله، لم تتحرّك فيه عقارِب الساعة. ففي نهاية هذا العام، تعود دورة الزّمن إلى بدايته التي شهدت عُدوانا إسرائيليا غاشِما على قطاع غزة، أمكن احتواءه ثمّ بعد ذلك، لا شيء آخر.
فالحصار على حاله ومسيرة التسوِية لم تتحرّك قيْد أنملة، ومصالحة فلسطينية بُذل فيها الكثير من الوقت والطاقة والأوراق والأحبار والمحادثات الهاتفية والتحضيرات، ثم النتيجة لا شيء جديد. فنهاية العام كبدايته، جُمود في جمود.
أسباب الجمود
هذا الجمود يعود إلى أسباب عِدّة، بعضها مُكرّر قيل الكثير منه في مناسبات عديدة، منها الانقسام الفلسطيني الذي أصبح يجِد من يحميه ويُبرِّره ويعمل على إطالته، تحت زعم أن المصالحة الشاملة تحمل الخطر على المقاومة الثائرة في غزة، فى حين يسأل المرء نفسه: أين هذه المُقاومة والناس في القطاع لا تجد قوت يومها ولا تجد ما يَقِيها بردا أو حرا، وحتى المعُونات التي تأتي من هنا وهناك مقوّمة عند حدّ الكفاف ولا شيء آخر. ناهيك عن قيام حكومة حماس بضبْط الأوضاع العسكرية مع إسرائيل، في حين كانت ترفض ذلك إبّان وجود السلطة في غزة قبل عاميْن ونِصف.
ومنها أيضا التعنُّت الإسرائيلي الذي هو نتيجة طبيعية لسطوة اليمين على الحياة السياسية الإسرائيلية. هذا اليمين الذي يرى أن أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية الضعيفة، هي فقط لأجل تضييع الوقت وخِداع الإعلام الدولي، بأن ثمّة شيئا يتحرّك، في حين تستمر خُطط الاستيطان والتهويد لكل شِبر في الأراضي الفلسطينية المحتلّة في الضفة الغربية.
ومنها ثالثا، نكوص الرئيس أوباما عن وعوده بدفْع عملية السلام وتبنّي حل الدولتيْن عبْر مفاوضات جدِية وتجميد للإستيطان وتحديد الحدود بين الدولتيْن الموعودتيْن.
وعود أثارت بدورها الكثير من الأحلام العربية وحلّقت بها إلى السماء العُلى، ثم جاء خريف العام ليلقي بها إلى الأسفل، غير مأسوفا عليها، فقد تخلّى اوباما عن وعودِه ونجح اليمين الإسرائيلي مدعوما بجماعة الضّغط الصهيوينة في عُمق الولايات المتحدة في قلب وعود الرئيس أوباما، إلى سَراب.
الحلقة المُفرغة
العوامل الثلاثة تُشكِّل في ذاتها حلقة مُفرغة. فتعثُّر المصالحة مسؤول عنه ضُعف المفاوض الفلسطيني، ممثَّلا في الرئيس محمود عباس، الذي لم يجِد موقِفا أفضل من الإعلان عن الاستقالة من موقِع رئيس السلطة، رافضا ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن أصدر مرسومها المشروط بإنهاء الانقِسام.
وجمود التسوية هذا برّرت به حماس موقِفها الرّافض للمصالحة. فمن ناحية، ثبت فشل خيار التسوية والانفتاح على إسرائيل والولايات المتحدة، ومن ناحية ثانية، لا شيء عسكريا كان أو سياسيا يُمكن أن يُجبرها على التخلّي عن نفوذها المستحكم في القطاع. ويكفي ذلك الصُّمود أمام الآلة العسكرية الوحشية الإسرائيلية مبرّرا للبقاء، رغم قسوة الحياة في القطاع نتيجة الحصار.
قد يجد المرء في موقف حماس هذا نوعا من اللاّعقلانية ومن الشّطط السياسي، لكنه عند أصحابه تجسيد لموازين القِوى بين حماس من جانب، وكلّ من السلطة الوطنية وإسرائيل من جانب آخر. ولا يعني ذلك أن حماس هي أكثر قوة مادية وعسكرية من هذيْن الطرفيْن، كل على انفراد، وإنما يعني أن قوة كل طرف فى إجبار حماس المُتمترسة بالشعب الغزّاوي على إعادة هيكلة تصرّفها السياسي والعسكري والدعائي، هي قوة محدودة.
فالأساليب اللاأخلاقية التي اتّبعتها إسرائيل أثناء عُدوانها الغاشم على غزّة، انقلبت لاحقا لتكون قوّة معنَوية لصالح حماس، لاسيما حين صدر تقرير غولدستون مؤكِّدا قيام إسرائيل بارتِكاب جرائم حرب وضدّ الإنسانية، حين حاصرت الأبرياء وقتلت الناس على مرأى ومسمَع من العالم كله، ودمّرت البنية الأساسية للقطاع تدميرا منهَجيا، ليُحوِّل حياة الناس إلى جَحيم وخراب. وبعد التقرير، سرت حالة حقوقية في بعض البلدان سعَت لأن تُحاكم قضائيا رجالات إسرائيل الذين تورّطوا في العدوان على القطاع. وما حدث فى بريطانيا في منتصف شهر ديسمبر مع وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبى ليفنى، جسّد هذا التحوُّل في معاملة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
أما السلطة، فبدورها لم تستطِع أن تقدِّم الدليل على أن نهْج التسوية يُمكن أن يُعيد الحقوق الفلسطينية أو يُقيم دولة مستقلة أو يُحافظ على الأرض التي يتم قضْمها واستيطانها بلا أي رادع. ومن ثم جاء ضعف البدائِل ليصُبّ في صالح حماس، رغم أن إدارتها لشؤون القطاع لا تقِل سوءً عمّا كانت تتّهم به السلطة سابقا.
يُضاف إلى ذلك بعض التّأييد المعنوي والسياسي والإعلامي من أطراف عربية وإقليمية، باعتبار أن حماس، رغم كل شيء، لم تتنازل عن قناعاتها في المقاومة التي تعطّلت على يديها وتوقّفت في انتظار المجهول.
تجليات تصلّب حماس
تصلّب حماس إزاء السلطة وإزاء إسرائيل تجلّى في أمريْن. الأول، رفض صيغة المُصالحة التي توصّلت إليها مصر بعد مُعاناة وأخذٍ وردٍّ طِوال عام كامل، بحجّة أن الصياغة النهائية لورقة المصالحة المقدّمة من مصر، لا تتناسب تماما مع ما تمّ التوصل إليه في اللقاءات التي جرت مع فتح أو باقي الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأن هذه الصياغة تُحمِّل حماس مسؤوليات لا تنسَجِم مع قناعاتها السياسية والفِكرية، وبالتالي، فالافضل أن يظل الحال على ما هو عليه.
أما التجلي الثاني، فجاء في صورة التمسُّك والإصرار على الإفراج عن عدد من الأسْرى الفلسطينيين، الذي يقترِب من الألف وفيهم أسماء بعيْنها من الضفة والقطاع، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المأسور في صيف 2007، وهو الموقف الذي تعترِض عليه الدوائر الأمنية الإسرائيلية، لأن الإفراج عن هكذا عدد كبير، قد يغري فصائل فلسطينية، من بينها حماس، أن تعيد الكرّة مرّة أخرى وتأسِر جنديا آخر وتُبادله بعدد أكبر من الأسرى، وبما يهدِّد من قُدرة الرّدع الإسرائيلية، حسب المنظور الإسرائيلي.
العلاقة مع مصر
لكن تصلُّب حماس في موضوع المصالحة تحديدا، لا يخُص السلطة فحسب، بل يخُصّ أيضا العلاقة مع مصر، وهنا تتجلّى إشكالية سياسية وعملية عَويصة، سواء بالنسبة لمصر أو بالنسبة لحماس. فلا جِدال أن هناك رِهانا مصريا على تحويل المُصالحة إلى آلية، ليس فقط لإنهاء الانقسام الفلسطيني، بل أيضا لإطلاق عملية تسوية بالتّنسيق مع الولايات المتحدة، وإنهاء حالة الحِصار على القطاع، وبالتالي، تنتهي ظاهرة التهريب عبْر الأنفاق عبْر الحدود المصرية مع غزّة، وهي الظاهرة التي تحمل تحدِّيات أمنية كثيرة بالنسبة لمصر، وِفقا لقناعة مؤسساتها السياسية والأمنية معا.
وكم كان غضَب القاهرة مكتوما حين أوقفت حماس قبل أيام معدودة فقط عملية التّوقيع على ورقة المصالحة التي اجتهدت مصر في صياغتها، وكما كانت مصر تتغاضى عن ظاهرة أنفاق تهريب السِّلع والأفراد مع غزة، فإنها كانت تتعرّض لانتقادات كثيرة.
كان التغاضي مصحوبا بأسباب إنسانية، فالأنفاق في بدايتها شكّلت المنفذ الوحيد بعد إغلاق المنافذ بين القِطاع وإسرائيل، ولكن مع تطوّر عملها لتُصبح مصدرا لخطر يشمل تهريب المخدِّرات والأسلحة والأفراد مِن وإلى الأراضي المصرية، ومع عدَم تجاوُب سلطة حماس مع الجهود المصرية للمصالحة ولضرورات أمنية قصوى، تقرّر حماية الحدود عبْر وسيلة غير مُعتادة، تمثّلت في بناء سُور حديدي يمتدّ إلى عُمق الأرض، ليمنَع تقريبا كلّ الأنفاق التي باتت خارِج السَّيطرة.
وبينما تصرّفت مصر بمنطِق الدولة التي تستظل بسيادتها على كافة أراضيها، ترى دوائر حماس أن تصرّفا كهذا هو تصرّف لا إنساني، إذ يدعم الحِصار ويزيد الخنق على أهالي القطاع. وما بيْن هذين المَنطقيْن، تزداد المُعاناة الفلسطينية.
هكذا دارت عجلة عام 2009، بدأت بمُعاناة كُبرى وتضحِيات وعُدوان، وانتهت باستمرار الحِصار والانقِسام وجمود جهود التسوية، ولا يبقى سوى الأمل أن يحمل العام الجديد أمرا جديدا بالفعل. بيْد أن المؤشِّرات تقول إن الجديد لن يخرُج عن مزيد من الانقِسام والمُعاناة. و لا عزاء لفلسطين وأهلها.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.