في صراحة واضحة جدًا للعيان وخلال أسبوع واحد يعلن القضاء المصري صراحة أنه الثورة المضادة وأنه ضد إرادة الشعب المصري وضد الشعب نفسه وضد الثورة حيث أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمًا يقضى ببطلان تعيين النائب العام المستشار طلعت عبد الله مع إعادة النائب العام السابق إلى منصبه وهذا الحكم منعدم من الناحية القانونية لمخالفته الدستور والقانون وما استقر عليه القضاء وسوف نبين في هذا المقال الأسانيد القانونية التي تؤكد ذلك. أولًا: مخالفة الحكم لصريح نصوص الدستور في المواد المادة (173) التي تنص على أن (النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولى التحقيق ورفع ومباشرة الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى. يتولى النيابة العامة نائب عام يعين بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على اختيار مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بالاستئناف والنواب العامين المساعدين، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله.) تنص هذه المادة على أن مدة شغل وظيفة النائب العام أربع سنوات فقط طوال فترة عمله أو لمدة واحدة فقط وهذا النص يمنع إعادة النائب العام السابق لأنه قضى أكثر من أربع سنوات. والمادة (227) تنص على (كل منصب يعين له الدستور أو القانون مدة ولاية محددة غير قابلة للتجديد أو قابلة لمرة واحدة يحتسب بدء هذه الولاية من تاريخ شغل المنصب وتنتهي الولاية في جميع الأحوال متى بلغ صاحبها السن المقررة قانونًا للتقاعد.) وهذا النص أيضًا يؤكد شرعية تعيين النائب العام الجديد وأنه لا يمكن عزله ولا يملك رئيس الجمهورية عزله لتحصين بقائه طبقًا لنص دستوري واضح وصريح كما أن يمثل عقبة قانونية في عودة النائب العام السابق لوظيفة نائب عام. والمادة (236) تنص على أن تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادي عشر من فبراير 2011م وحتى تاريخ العمل بالدستور ويبقى نافذًا ما ترتب عليها من آثار في الفترة السابقة). هذه المادة حصنت قرار تعيين النائب العام الجديد من الطعن عليه بالإلغاء ومن قبل تحصين الإعلانات الدستورية التي أصدرها المجلس العسكري ورئيس الجمهورية المنتخب من الطعن وبناء على قاعدة عامة مستقرة وهى إبقاء التصرفات القانونية التي صدرت طبقًا للقانون حتى لو ألغى هذا القانون مما يعنى أن المحاكم المصرية ليس لها حق التعرض للإعلانات الدستورية كافة التي صدرت منذ 11فبراير 2011م حتى إقرار الدستور الجديد. وبذلك يكون الحكم مخالفًا مخالفة صريحة للدستور، وللقاعدة الثابتة المستقرة التي تنص على أنه لا اجتهاد مع النص وأن إعمال النص خير من إهماله، لذلك فهو منعدم لأنه يخالف صريح الدستور. ثانيًا: هذا الحكم يخالف نظرية مبدأ السيادة التي تنص على أن الأعمال التي تمارسها السلطة التنفيذية بصفتها سلطة حكم هي من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية القضاء ولا يجوز التعرض إليها وقد أكدت ذلك المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها ومنها الحكم بعدم قبول دعاوى الطعن على الجمعية التأسيسية في حكم لها صدر أوائل هذا الشهر، مما يؤكد أن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف منعدم قانونًا لمخالفته الدستور والقانون وما استقر عليه القضاء بشأن أعمال السيادة. ثالثًا: هذا الحكم يخالف حكمًا صدر هذا الشهر من محكمة جنح مستأنف الأزبكية أكد شرعية قرار تعيين النائب العام الجديد وأنه صدر من سلطة مختصة طبقًا للدستور والقانون فجاء في حيثيات هذا الحكم (إن الإعلان الدستوري هو الأداة القانونية التي تخول للسلطة القائمة إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، ريثما يتم إقرار دستور دائم لها، ومن ثم فإن الإعلان الدستوري الصادر من رئيس الجمهورية في 21 نوفمبر الماضي، والذي تم بموجبه تعيين المستشار طلعت عبد الله نائبًا عامًا، قد صدر عنه خلال المرحلة الانتقالية باعتباره رأس السلطة التنفيذية وقمتها وبوصفها سلطة حكم وليست سلطة إدارة، وجاء في نطاق وظيفته السياسية التي تمكنه من إصدار إعلانات دستورية كرئيس منتخب، وفي إطار ما أوجبته عليه مسئوليته السياسية وواجبه الوطني. وأوضحت المحكمة أن آثار هذا الإعلان الدستوري وأخصها انتهاء مدة شغل النائب العام السابق لمنصبه بمرور (4) أعوام على تاريخ توليه لمنصبه، قد تحصنت بإقرار دستور دائم للبلاد تم استفتاء الشعب عليه، والذي تضمن في مادته الأخيرة أن يتم إلغاء كل الإعلانات الدستورية السابقة حتى تاريخ العمل بالدستور وأن يبقى نافذًا ما ترتب عليها من آثار في الفترة السابقة، بما أضفي على هذا الأثر شرعية مستمدة من الإرادة الشعبية التي هي مصدر كل السلطات، وأنه لا ينبغي أن يصدر حكم باسم الشعب أن يجافي ما ارتضاه الشعب وانعقدت عليه إرادته.) رابعًا: هذا الحكم صدر من محكمة استئناف بصفتها محكمة أول درجة لذلك الطعن عليه من قبل هيئة قضايا الدولة واجب ولكن أمام محكمة النقض التي يحق لها قانونًا إلغاء الحكم لمخالفته الدستور والقانون وما استقر في القضاء بشأن مبدأ السيادة، كما يمكن لهيئة قضايا الدولة أن تتقدم للمحكمة الدستورية العليا بطلب تطلب فيه أي من الحكمين السابقين الذي ينبغي تنفيذه وذلك في حالة ما أصبح الحكم محكمة الاستئناف أصبح نهائيًا أمام محكمة النقض التي نتمنى أن يعيد للقضاء مكانته وهيبته وتثبت للشعب المصري أن القضاء المصري ليس من أهم آليات الثورة المضادة. وفى اعتقادي أن هذا الحكم سياسي وليس قانونيًا لأنه يرسل رسالة سياسية للمعارضة بعدم التعامل مع النائب العام الجديد كما أنه ينفذ ما تطلبه المعارضة من عزل هذا النائب العام الجديد النظيف لأنه سوف يقدم ويحرك الدعاوى الجنائية ضد قادة المعارضة والفلول، كما يجب أن تحال الدائرة التي أصدرت الحكم إلى لجنة الصلاحية لمخالفتها أبسط مبادئ القانون الدستوري التي يدرسها طلبة الفرقة الأولى بكليات الحقوق في مادة القانون الدستوري لذلك فهو خطأ مهني جسيم يستوجب الإحالة للجنة الصلاحية.