حبي الشديد لأمي، جعلني أستطيع أن أجعل في قلبي نموذجًا يرمز إلى الوفاء: (رحمها الله وأدخلها فسيح جناته).. مهما كانت الأسباب التي من أجلها كان عيد الأم إلا أن الأم في حد ذاتها شعور جميل يستحق بجدارة بأن يكون لها عيد يحتفل الناس به، يستحق وبقوة أن يكون لها يوم يقف كل إنسان مع نفسه ليجدد في روحه دماء حبه لأمه، إن أغلى ما في الحياة الحب ونبع الحب في الوجود ينبعث من قلوب الأمهات، إن يوم 21 مارس من كل عام هو عيد للأم، وهو بداية الربيع.. فصل الحب..فصل الحياة.. فصل تفتح فيه الأزهار، إننا ننسى الأم وتضحيتها، ولا نذكرها إلا عندما يختطفها الموت، فلماذا لا نكرمها؟ ونقدم لها في عيدها الهدايا، ونشعرها بجلال الأمومة.. ولا يأتي هذا اليوم إلا تذكرت (الأم).. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال :أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال : أبوك. فإنه بهذا يشير من قريب ومن بعيد إلى حنان الأم وفضلها الأشمل والأعم من فضل الوالد، :( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن) أي وأمرنا الإنسان ببر والديه، حملته أمه ضعفًا على ضعف، وشدة على شدة، : (حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا) أي: حملته أمه في بطنها مشقة وولدته بمشقة ثم لم تزل تعاني المتاعب والآلام في تربيته والسهر عليه حتى يصبح وليدًا وناشئًا، وعيد (الأم) نجح في إسعاد ملايين الأمهات، وثبت من الإحصائيات أن مجموع المشتريات في هذا العيد من المحلات التجارية، تفوق المشتريات في العيد الصغير وأعياد الميلاد.. ولكني أحب أن أنبه أن جمال هدايا العيد.. هي أن يقدمها الابن من المصروف الشخصي الذي اقتصد بعضه على مر الأيام.. لا أن يدفع الأب ثمنها كما يحدث في بعض الحالات، وقد ينادي البعض بتغيير اسم (عيد الأم) إلى عيد الأسرة: إن الذين يطالبون بتغيير اسم عيد الأم هم الذين عجزوا عن خلق عيد جديد.. فراحوا يحاولون سرقة عيد ناجح بتغيير اسمه.. إن أمامهم 365 يومًا في كل سنة ويستطيعون أن يختاروا يومًا من هذه الأيام.. يطلقون عليه اسم يوم الأسرة.. فإن لعيد الأم فكرة.. ولعيد الأسرة فكرة أخرى.. ومن السذاجة الخلط بين الفكرتين.. والمقصود بفكرة عيد الأم؟ أن نكرم الإنسانة.. أن نكرم الأم.. أن نشكر الإنسانة التي تعطينا عمرها وعرقها وسعادتها.. ومع ذلك يختفي اسمها.. فعندما ينجح الشاب يحمل معه إلى القمة اسم والده.. أما الأم فينسى الناس جهدها وسط الهتاف لولدها. ولو كانت أمي على قيد الحياة.. لقدمت لها.. مقالاتي التي كتبتها، في عشقي وحبي لها، فإنني أعرف أنه كان يسعد أمي.. أن تعرف أن ابنها نجح في إسعاد كثير من الأمهات، وفي يوم الأم أشعر بالسعادة.. وقد هاجم بعض الكتاب فكرة عيد الأم.. لأنها تذكر اليتامى بأمهاتهم.. فيذرفون عليهن الدموع.. وهذه الدموع لا تحرق قلوب اليتامى.. إنما تنقيها وتهذبها.. وأنا أذهب يوم 21 مارس إلى قبر أمي.. وأضع عليه باقة من الورد.. وأقرأ عليها الفاتحة.. ثم أقول لها شكرًا يا أمي.. وفي نفس الوقت أبحث عن أم تغيب ابنها.. وأحاول أن أسعدها اليوم نيابة عن ولدها، ويوم 21 مارس يمثل قاعدة ضخمة تنطلق منها أجمل ما في الحياة من قيم ومثل، وإخلاص ووفاء للأم واهبة الدنيا وصانعة الحياة. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]