توقعت وأنا مفعم بالإيمان الصادق أنه بعد ثورة 25 يناير 2011 التي قام بها الشباب بدون قيادة سياسية حقيقية أن نخرج بنتائج حقيقية ملموسة واقعية تصل بنا إلى جزء ملحوظ من التطور المجتمعي والأفكار التي تغير جزءًا ولو محدودًا من الأفكار المصرية التي تلوثت بمناخ الفساد إلا أنه لم يحدث حتى الآن. كلّ من يريد مصادرة حق الأمّة ببناء مشروعها الحضاري الإسلامي الكبير هو في الواقع خارج حسابات الثورة المصرية، وكل من يريد فرض مشروع مستورد شرقيًا كان أم غربيًا على الأمّة العربية والإسلامية هو خارج حسابات الثورة المصرية، وكذلك كل من يريد التمسك بالأنظمة المستبدة الفاسدة البائدة وكلّ من يريد تقليد مشروعات فاشلة ومهزومة في أرضها وديارها وكل من يريد مواصلة ثقافة الجعجعة وحرق الأرض وفرض مصلحته وأجندته الخاصة بلا مضمون، والنضال والممانعة بلا واقع، وكل من يريد إغفال تاريخ ليس بالقليل من الهزائم والتخلف والقهر والقمع وكل من يريد استبدال التاريخ وتزويره هو خارج خسابات الثورة المصرية. أتعجب من تطور العالم من حولنا وما وصلوا إليه من رقي وفي نفس الوقت لم نغير شيئًا حقيقيًا من سلوكياتنا ولا نحاول أن نغيرها والكثير منا يري أننا أفضل شعب وأخف دم والأكثر تدينًا.. فإذا كنا كذلك فمن الذي يقتل ويسرق ويختلس ويرتشي يوميًا حتى بعد الثورة؟ من الذي يقطع الطريق ويمنع الناس من الوصول لأعمالهم؟ من الذي يذهب لعمله فلا يحسنه ولا يتقنه؟!! من الذي يحاول جاهدًا فرض عصيان مدني بالقوة؟!! هذه السلوكيات سلوكيات ليست في ديننا وهذه الأفعال ليست من أخلاقنا... هل أصبحت حفة الدم والتواجد الإعلامي أن نظهر عبر الإعلام سواء المكتوب أو المرئي ونتفنن في إدراج الوقاحة والبذاءة ونجعلها عملًا ممنهجًا ومستمرًا نقذف به الرئيس والحكومة حتي وصل بنا الحال أن نقذف به أغلبية شعبنا وأكاد لا أصدق من عفن القول أن أسمع عن معني لم أسمعه في حياتي ولا في أي أحاديث أو أقاويل في العالم بأسره وهو لفظ أغلبية قليلة!!! أين دور المعارضة الحقيقي في مصر؟ للأسف الشديد انقسمت المعارضة إلى قسمين معارضة مأجورة ومعارضة صادقة فأصبحت المعارضة المأجورة تنقسم إلي قسمين آخرين أحداهما التي تمثل معظم المعارضة المصرية الفاشلة, والتي تعتبر من أكبر أسباب انهيار وتدمير مصر بعد هلاك وتهاوي أعمدة النظام البائد؛ فتتكون هذه المعارضة من بعض أحزاب المعارضة الصورية المتعددة الأشكال والأسماء والشعارات, والتي تؤدي دور المعارضة الوهمية المزيفة مقابل الرشوة المقدمة من تكتل رجال أعمال الفلول بكل أنواعهم وأشكالهم مع من توقفت مصالحهم ومكاسبهم الحرام بزوال النظام البائد لتلك الأحزاب, سواءً في صور المساعدات المالية المستمرة, أو عن طريق إمدادهم بخبراتهم الطويلة بطرق إفساد الحياة العامة للمواطن وجلب الفوضي ومحاولة دفع الشعب للعصيان المدني بالقوة وجعل الوطن في حالة غليان وتوهان دائمًا, بتعاقد مستتر ومعروف؛ مع أنظمة الطغيان, والبطش, والقهر السائدة.. أما ثانيهما فهي المعارضة التائهة واللاهثة والتي تبحث لها عن أي دور تلعبه وبأي ثمن كان, من أجل الحصول على أي أجر تقبضه.. بعدما صارت المعارضة المصرية مهنة ووظيفة, لترديد الشعارات الكاذبة والنفاق السياسي الممنهج عبر جرائد و قنوات الخزي والضلال الإعلامي؛ كصورة من صور انبطاح الصحافة والإعلام الفج الذي لايراعي إلًا ولا ذمة. في حين تنحصر المعارضة المصرية الصادقة الحقيقية في مجموعة محدودة من الشرفاء الصادقين مع ربهم أولًا ثم مع أنفسهم ثانيًا, ومن مختلف التيارات سواء الإسلامية أو المدنية , بدأوا يتزايدون في الآونة الأخيرة بتزايد مصائب جبهة الإنقاذ المتردية, تطبيقًا لقول الله عز وجل "من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبهُ ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلًا" الآية... حيث يراهم ويسمعهم الجمع التائه, وكأنهم يؤذنون في بلاد الواق واق , من وسط صفوف المعارضة التي باعت القضية, كما باعت مصر!! كمحاولة منهم ومن الشعب الشريف لإنقاذ مصر إنقاذًا حقيقيًا من الانهيار والتردي الراهن, والمنحدر بأقصى سرعة نحو الدمار الشامل. فما على الإنسان العاقل إلاّ أن يطوّر ملكاته ويوظف خبراته، وكل ما لديه من علم واختراعات من أجل استثمار الوقت، وتنظيم أعماله بدقة حسب الوقت، وأن يبذل جهده في عدم ضياع الوقت وليس مصادمته، فكل من يصادم الزمن هو خاسر... لأن الزمن دائمًا يقول مهما فعلت فلا يصح إلا الصحيح. E-mail : [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]