أعلنت الكنيسة رفضها الشديد للقرار الصادر من النائب العام المصري طلعت عبدالله مساء أمس، بمنح المواطنين حق الضبطية القضائية، لمن يمارس أعمال البلطجة أو الشغب في الشارع. وفي تصريح خاص لمراسل الأناضول اليوم، قال الأنبا مرقس رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة ،إن "هذا الأمر في منتهي الخطورة، ويعد انقلاباً على دولة القانون، فليس منطقياً أن يقوم أي شخص بالقبض على آخر، فتلك كارثة". وأضاف أن "القرار سوف يؤدي لاضطراب أمني شديد وقد يؤدي لحرب أهلية نحن في غنى عنها"، مستنكراً القول بأن القانون قديم وقد أعيد تفعيله فقط، وداعيا المسئولين وقف القرار "فوراً، قبل أن تتفاقم الأزمات" . وينص قانون الإجراءات الجنائية المصري في مادته رقم 37 على أن "لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونا الحبس الاحتياطي، أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج الى أمر بضبطه" . في السياق ذاته تقدم نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان (إحدى المنظمات الحقوقية القبطية) ببلاغ لرئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى ضد النائب العام بصفته للمطالبة بوقف القرار، معتبراً أنه "ينتهك الدستور ويعرض حياة المواطنين للخطر" . وجاء في البلاغ الذي حصل مراسل الأناضول على نسخة منه أن "القرار يسلب ويغتصب سلطة التشريع المخولة للسلطة التشريعية". وأوضح أن "منح النائب العام سلطة الضبطية القضائية لأي جهة لا يكون إلا بناء على قانون، ما يستوجب تعديل قانون الإجراءات الجنائية قبيل اتخاذ مثل هذا القرار، وهو ما لا يملكه النائب العام، وتملكه السلطة التشريعية فقط". "وفيما يخص الآثار المترتبة على هذا القرار اجتماعيا فإنه – بحسب البلاغ- يخلق نوع من الفوضى بين المواطنين بمن يستغل هذا الأمر دون حق، ومن ثم يقوض السلام الاجتماعي ويحول المجتمع المصري إلى مجتمع تحكمه شريعة الغاب". وتابع البلاغ "كما أن القرار يجعل جهاز الشرطة يشعر، بضآلة أمره مما يخلق معه حالة من اليأس فيترك مقاليد الأمن في يد المواطنين، وقد يتسبب في ظهور جرائم أخرى مثل الخطف والاختفاء والمطالبة بالفدية، ويقضي على حق دستوري هو حرية التظاهر السلمي". وعلى الصعيد نفسه قال طارق بدير مسئول الجماعة الإسلامية بأسيوط (جنوبي مصر) إن الجماعة ستنظم مسيرة مساء اليوم الإثنين تطوف أرجاء المدينة ل"طمأنة الشعب اننا معهم ولن نتخلى عنهم وستكون أرواحنا ودماؤنا فداء لهم، ولن ندخر وسعا في استجلاب الأمن والاستقرار لهم، ونحن أيضا مع الشرطة لممارسة مهامها ونكون عونا لهم في تأمين البلاد" . وأضاف في تصريحات صحفية أمس "مازلنا نعمل على تكوين اللجان الشعبية لتأمين البلاد من خلال تقسيم الاحياء بمدينة اسيوط لسرعة التدخل ان طلب منا جهاز الشرطة أو الشعب ذلك". وبعد ساعات من تصريحات بدير أنهى الضباط المضربين بقسم أول أسيوط إضرابهم عن العمل أمس. من جانبه أكد الأمين العام لحزب الحرية والعدالة حسين إبراهيم أن حزبه "يظل على اعتقاده أن دور جهاز الشرطة لن يستطيع أحد غيرهم القيام به، ومساعدة المواطنين لهم يجب ألا تخرج عن إطار ما حدده القانون في سبيل تحقيق الأمن" . وتابع في بيان اليوم وصل مراسل الأناضول نسخة منه "لن نقبل أن يقوم بدور جهاز الشرطة غير رجال الشرطة، ونحن نثق في وطنيتهم وقدرتهم على حفظ الأمن ومواجهة أي عبث بأمن البلاد ومصالح المواطنين مع الالتزام التام بقواعد حقوق الإنسان". ومنذ الثلاثاء الماضي ينفذ ضباط وأمناء شرطة في إضرابا جزئيا في عدد من المحافظات؛ للمطالبة بإقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم، وإقرار قانون حماية رجال الشرطة، وتغليظ عقوبة الاعتداء عليهم وعلى مقراتهم، والكشف عن سر "الاختفاء الغامض" لرجال شرطة مخطوفين منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ومساواه شهيد الشرطة بشهيد الجيش في المعاملة المالية للأسرة، وتسليح رجال الشرطة، وتفعيل القانون في مواجهة أعمال البلطجة والعنف، وأخيرا تعديل الأجور وتوفير الرعاية الصحية للأمناء أسوة بالضباط. كما تشهد مصر موجة من أعمال العنف الاحتجاجي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى بعدة محافظات مصرية منذ نحو شهرين. وطالب وزير الداخلية المصري في مؤتمر صحفي أمس بضرورة توصيف المشاركين في الأحداث الأخيرة توصيفا دقيقا فلا تصف القوى السياسية ووسائل الإعلام مثيري الشغب بأنهم متظاهرين سلميين، والعكس، بحسب قوله.