بعد كل كمية الصراخ والعويل الفضائي ، والتهديدات والتشويحات العنترية الإعلامية ، والوقفات والبيانات والتنديدات الثقافية ، من تلك التي أعقبت مهزلة الخرطومالجزائرية ، لم تتغير خريطة الإهانة المصرية في شيئ ، ولم نتحرك قيد أنملة أو نبارح مطارحنا ، صعدنا بقوة الصاروخ عنان السماء ، ثم فجأة تهاوينا من حالق لننزل علي ( فاشوش ) ، فما الجديد في ذلك ..!! ، كالعادة دائما مجرد أبواق تثرثر لا أكثر ، وهو وإن كان أمر متوقع ، إلا أنه يلقي بظلال كئيبة علي مستقبل الكرامة المصرية التي أهينت ، ولا تزال في أركان العالم الأربع .. لم نكتف بذلك ، بل إستطعنا أن نثبت أننا لن نتغير مهما تغير الزمن من حولنا ، عندما إختلفنا فيما بيننا علي القضية ، ولم يعد أحد يستطيع أن يفرق بين من مع ومن ضد ، جلسنا نتربص ببعضنا البعض ، نتصيد الأخطاء ، نعدد الهفوات ، نكيل اللكمات ، نستغل الفرص لنستفيد .. بينما في المقابل ، نجد الطرف الآخر يعلم جيدا ماذا يريد ، لم نر إختلافا أو تنافر ، ورغم أنهم علي خطأ ، ونحن علي صواب ، هم الجاني ونحن المجني عليه ، إلا انهم حتي في الخطأ متفقين متوافقين ، لا يخرج أحدهم عن الخط المرسوم ، بينما نحن مختلفون دائما ، متنافرون علي طول الخط ، نجد سعادتنا في الخروج المتعمد عن الطريق ، وما ندعيه من حب مصر نهارا ، ينهار ليلا أمام المصالح الخاصة ، وتصفية الحسابات الشخصية ، وتعرية هذا لصالح ذاك ، لنبحر بعيدا عن قضيتنا الأساسية ، ونترك الساحة لغيرنا يتحرك فيها كيفما شاء .. ليتضح بعدها أننا مجرد هواة في كافة الملاعب ، ما ظهر منها وما بطن ، الكروية ، السياسية ، الدبلوماسية ، الثقافية ، بعد أن منينا بهزيمة ساحقة علي كل المستويات .. نحرص علي ما لا يحرص الآخرون عليه ، نتمسك بمن يلقي بنا في أتون المهانة ، ويسحق كل المعاني الجميلة بحذائه البالي دون أن يطرف له جفن ، نحاول أن نرتدي مسوح الرهبان والوعاظ ، رغم أننا بحاجة إلي ألف واعظ وواعظ ، حتي نعتدل ونستقيم ، بالمقابل هم يفعلون ما يؤمنون به ، دون مزايدات أو ما شابه .. وما حدث مع عثماني عبد العزيز الجزائري يؤكد ما أشير إليه ، والأخ عثماني لمن لا يعرف هو صاحب مقطع الفيديو الشهير ، الذي توعد فيه كل المصريين بالقتل والإنتقام والسحل قبل لقاء الخرطوم ، وعندما تصدينا له ولما حدث ، خرج السادة أصحاب الريادة ونداء العروبة تبعنا ، وكل بوق منهم يشن هجوما قاسيا علي كل من تجرأ وإنتقد هذا الخرف الجزائري ، تحت إدعاء أنه مجرد شاب مهووس ، وحالة فردية شاذة ، لا تستدعي أن نلتفت إليها ، وأننا أخوة متحابون وكل هذا الكلام المستهلك السقيم .. وكأنهم أكثر منا عروبة و قومية ، وهم الباحثون عن مكسب أيا كان نوعه علي حساب بلدهم ، فلا أحد منا هاجم العروبة أو الاخوة أو غيرها ، ولم نشكك فيها أو ندعي العكس ، لكن ألا تصح وتقوي العروبة والقومية إلا بإهانة مصر وجرح كرامة المصريين ، منتهي المذلة .. نسيت أن أشير إلي ماحدث مع عثماني ، فقد تم تكريمه رسميا بمعرفة وزير الإعلام الجزائري عز الدين ميهوبي ، في إحتفال شعبي مهيب ، سمح فيه للأخ عثماني _ المهووس صاحب الحالة الفردية الشاذة _ بإلقاء خطبة عصماء ، علي مسمع ومرأي من الآلاف وأولهم وزير الإعلام ، شدد فيها علي كرهه لمصر ولأهلها وأن هذا هو حال الجزائر الشقيق ، وسط تصفيق جنوني من المتابعين والمنتشين لخطبته ..