في الوقت الذي شهدت فيه ميزانيات الكثير من الدول المنتجة والمصدِّرة للنفط انتعاشًا وارتفاعًا ملحوظًا في الواردات نتيجة لارتفاع أسعار النفط عالميًّا، نجد أن وزارة النفط في العراق تشهد تراجعًا ملحوظًا في مواردها، إضافة إلى عجز كبير في الميزانية العراقية. والسؤال هو: أين تذهب واردات النفط العراقي؟ ومن المسئول عن سرقة هذه الواردات؟ ولماذا يرفض رئيس الوزراء العراقي جواد المالكي عملية استجواب وزير النفط حسين الشهرستاني؟ وهل يعني ذلك تورط الكثير من مسئولي العراق اليوم في هذه السرقات؟ هيئة النزاهة في العراق أكدت وجود هدر كبير في الثروة النفطية، جاء ذلك على لسان موسى فرج الشويلي، الرئيس السابق للهيئة العليا للنزاهة في العراق، وقال: إن البلاد خسرت نحو 40 بليون دولار بسبب الفساد المالي والإداري، وإن الهيئة بدأت استراتيجية عمل جديدة تتجه من خلالها إلى فتح ملفات الفساد التي تتعلق بتهريب النفط العراقي والذي وصلت نسبة الهدر فيه إلى 19 بليون دولار سنويًّا، فضلًا عن ملفات أخرى تمس حياة المواطن العراقي في شكل مباشر. وقد سبق ذلك تقرير أمريكي أعده أحد خبراء النفط، مؤكدًا حدوث السرقات والتهريب، حيث أكد المراقب الأمريكي العام للنفقات (ديفيد ولكر) للكونجرس الأمريكي وجود فساد كبير، والكثير من السرقات المستمرة في صناعة النفط العراقية، الأمر الذي يعطل قدرة البلد، وقال: لم يستغرق الأمر مني أكثر من ثانية ونصف لأدرك أن هناك فسادًا كبيرًا، فالأرقام لا تتطابق مع بعضها. وأبدَى ولكر، الذي يرأس مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي، ملاحظاته في اجتماع للجنة الفرعية لمجلس الإصلاح الحكومي، وقال: إن 10% من النفط العراقي المكرر و30% من الوقود المستورد تتم سرقته بسبب فرق السعر والفساد الإداري، وما يؤكد سرقة النفط العراقي وتورط الكثير من المسئولين العراقيين في ذلك ومنهم وزير النفط الشهرستاني بالتعاون مع المحتل الأمريكي والجوار الإيراني التقرير الذي أعده موسى فرج رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقًا)، حيث قدم في تقريره ما يؤكد السرقات والفساد في وزارة النفط، وأشار فرج إلى أن الأمريكان أصدروا ما يؤكّد على أن ما يُسرق من النفط الخام يبلغ 500 ألف برميل يوميًّا، وهذا يعني أن خسارة العراق من جراء ذلك تبلغ 60 مليار دولار خلال خمس سنوات. وقد أصدر مفتش عام وزارة النفط السابق (حاليًا أمين عام مجلس الوزراء) تقريره السنوي الذي يتضمن أن ما يخسره العراق من جراء سرقة وتهريب النفط يبلغ 19 مليار دولار سنويًّا، يعني 85 مليار خلال خمس سنوات، وعليه فإن خسارة العراق من سرقة وتهريب النفط باستخدام معدل الأرقام الواردة في تلك التقارير تساوي 80 مليار دولار خلال خمس سنوات. ولعل الكثير من المراقبين الدوليين والعراقيين يرى في إرساء عقود إنتاج النفط على شركات غير معروفة أو أنها معروفة في السوق العالمية بعدم الشفافية والقدرة المتطورة بالحسابات (القانونية) في ابتلاع المليارات من عائدات النفط، يؤكد حدوث الكثير من السرقات في النفط العراقي، وهذا ما حدث بالعقد الأخير الذي أرسته وزارة النفط العراقية على شركة سونانغول الأنغولية، وهي شركة حكومية تعنى بشئون توقيع عقود نفطية مع الشركات الأجنبية لاستكشاف واستثمار وتطوير الحقول النفطية في أنغولا، وهي شركة إدارية أكثر من كونها فنية، وتستعين بالشركات العالمية من خلال عقود يتطلب تنفيذها الخبرة الفنية، والشركة لا تمتلك من الخبرات الإدارية والتسويقية أكثر مما يمتلكه العراقيون الذين أداروا مواردهم النفطية بنجاح منقطع النظير منذ تأميمه عام 1972 ليتراكم لديهم من الخبرات ما قلَّ نظيره في كثير من دول العالم, وليس من الغريب أن يتم الاستعانة بشركة هي أصلًا متهمة بسرقة النفط الأنغولي، حيث كشفت منظمة شاهد العالمية (ويتنس كلوبال) عن اختفاء عائدات النفط في أنغولا على نطاق واسع، وطالبت في الوقت نفسه الشركات العاملة فيها باتباع أقصى حد من الشفافية، وبالخصوص فيما يتعلق بالرُّشَىظن باعتبار أن هذه الشركات بضغط من الحكومة الأنغولية متمثلة في شركة سونانغول، كانت تخفي معلومات مهمة عن الضرائب ومدفوعات مختلفة متوجبة للحكومة الأنغولية بالتواطؤ مع مسئولين حكوميين فاسدين في سونانغول، ويتخفى وراء هذه الشركات عقود مع دول كإسرائيل وإيران لكي تستفيدان من بحر النفط العراقي، حيث أن سونانغول لا تخفي علاقتها المالية مع تل أبيب، كما لا تخفي شركات كازاخستانية تلك العلاقة مع طهران، وكلتا الشركتين؛ الأنغولية والكازاخستانية حصلتا على عقود في العراق، وصار نفط العراق يُمنح من قبل إسرائيل وإيران إلى شركات تريدها هاتين الدولتين كمكافأة لمن يخدم مصالح هاتين الدولتين، كما حدث مع شركة شل الهولندية، إذ أن شركة شل هذه رغم أنها مسجلة في هولندا إلا أن رأس مالها أمريكي، أما ما قاله المراقبون عن الاتفاق مع الشركة الصينية فإنه يأتي بموجب أوامر صدرت عن طهران بشكل مباشر للإيراني الشهرستاني كمكافأة هي الأخرى لموقف الصين تجاه الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن والمحافل الدولية, وبعد كل السرقات يرفض المالكي استجواب الشهرستاني في البرلمان العراقي بحجة أن ذلك يعطي رسالة غير مشجعة للشركات الراغبة بالدخول إلى السوق النفطية العراقية ويتجاوب مع رسالة المخربين في تعطيل آفاق التقدم في البلاد . وحتى بعد أن جرى استجواب الشهرستاني فقد تمت تبرئة ساحته من كل التهم التي نُسبت إليه، لأن ما حققه من إنجازات لبلده إيران فاق على اعتبار كونه وزيرًا للنفط العراقي!!. المصدر: الإسلام اليوم