دعت منظمة العفو الدولية، الولاياتالمتحدة إلى فتح تحقيق مستقل في واقعة اختطاف الإمام المصري أسامة مصطفى حسن نصر المعروف ب (أبو عمر المصري) ومحاكمة عملاء وكالات الاستخبارات المركزية (CIA) والمسئولين العسكريين المتورطين في عملية اختطافه من أمام المركز الإسلامي بميلانو في عام 2003. وطالبت المنظمة، الحكومة الإيطالية التعاون الكامل مع أي دولة تسعى إلى التحقيق مع أشخاص يشتبه في ضلوعهم في اختطاف "أبو" عمر وترحيله سرًا، ومقاضاتهم، كما طالبت السلطات المصرية بفتح تحقيق واف وتقديم المسئولين عن الاختفاء القسري للإمام المصري وتعذيبه في مصر إلى ساحة العدالة. جاء ذلك على خلفية الإدانات لعملاء تابعين للاستخبارات الأمريكية والإيطالية بسبب ضلوعهم في اختطاف "أبو عمر"، وهو ما اعتبرته المنظمة خطوة إلى الأمام نحو المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في مجرى برنامج الولاياتالمتحدة "للترحيل السري". وكان قاض إيطالي أمر في 5 نوفمبر الماضي بسجن 23 أمريكيا لمدد تصل إلى ثمانية أعوام على خلفية تورطهم في خطف "أبو عمر" في عام 2003، في حكم تاريخي يدين رحلات جوية للمخابرات المركزية الأمريكية، استخدمتها الحكومة الأمريكية السابقة لنقل سجناء بصورة غير قانونية. وقالت جوليا هول، خبيرة منظمة العفو الدولية بشأن مكافحة الإرهاب في أوروبا، إن "الحقيقة البسيطة في هذه القضية هي أن رجلاً اختطف في وضح النهار، ثم نقل بصورة غير قانونية إلى مصر، حيث قال إنه تعرض للتعذيب ومثل هذه الأفعال لا يمكن ولا ينبغي أن تمر دون عقاب، ويجب محاسبة العملاء المسئولين عن حقيقة تواطئهم في عدد من الجرائم الخطيرة، بما في ذلك الاختفاء القسري لأبو عمر وما مورس ضده من تعذيب". وكان فريق تقوده وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خطف "أبو عمر"، والذي كان يخضع لمراقبة الشرطة الإيطالية، للاشتباه في أنه يجند مسلحين للعراق في وضح النهار من شارع في ميلانو في 17 من فبراير عام 2003. وفي أعقاب الكشف عن الواقعة، أصدر المدعون العامون في ميلانو منذ 2005 و2006 مذكرات قبض ضد متهمين أمريكيين، ولكن وزراء العدل الإيطاليين رفضوا نقلها إلى حكومة الولاياتالمتحدة واحداً تلو الآخر. وتعليقًا على ذلك، قالت هول إن "المدعين العامين قد فعلوا كل ما في وسعهم لضمان مثول عملاء الولاياتالمتحدة أمام المحكمة وبرفضها إرسال طلبات التسليم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن الحكومة الإيطالية قد وجهت ضربة خطيرة لنزاهة الإجراءات." ولم يمثُل أي من الأمريكيين الذين أدينوا أمام المحكمة، ومع أن القانون الإيطالي يسمح بالمحاكمات غيابيًا، غير أن القانون الدولي يقتضي حضور الشخص في المحاكمة لسماع دعوى الادعاء العام كاملة، وتقديم دفاعه، والطعن في الأدلة، واستجواب الشهود. وإذا ما قبض على المواطنين الذين أدينوا غيابياً في المستقبل، فإنه يحق لهم المطالبة بمحاكمة جديدة أمام محكمة مختلفة، وفي أن تُفترض براءتهم ابتداء في المحاكمة الجديدة. ومضت جوليا هول إلى القول: "أقامت إدارة بوش جداراً من الصمت، ورفضت الاعتراف بقضية أبو عمر وبالدور الذي لعبه عملاء استخباراتها هي نفسها ولقد حان الوقت لإدارة أوباما كي تصحح تلك الأخطاء. وينبغي على حكومة الولاياتالمتحدة عدم توفير الملاذ الآمن لأي شخص يشتبه في ضلوعه في الإخفاء القسري أو التعذيب." وقضت محكمة ميلانو في وقت سابق من هذا الشهر بتعويض "أبو عمر" قدره مليون يورو، ونصف مليون لزوجته السابقة، فيما ستواصل محكمة مدنية النظر في تعويضه بعشرة ملايين، بالإضافة إلى 20 مليون يورو تنظرها المحكمة الأوروبية في سالزبوج. وعلقت جوليا هول على ذلك بالقول إن "لضحايا الاختفاء القسري والتعذيب حقًا في العدالة وفي الحقيقة والتعويض الكامل وقد منحت المحكمة الإيطالية أبو عمر وعائلته تعويضًا ماليًا عن دور إيطاليا في ما لحق بهم من إساءة ومعاناة، والآن ينبغي على حكومتي الولاياتالمتحدة ومصر الإقتداء بها." وقد شملت الإدانات 22 عميلاً أو مسئولا في ال ( (CIA، وضابطاً واحداً في الجيش. ومنح ثلاثة آخرون من مواطني الولاياتالمتحدة، بمن فيهم رئيس محطة CIA في روما في وقت الحادثة، حصانة دبلوماسية، وتم رد الدعوى المرفوعة ضدهم. وأدين كذلك ثلاثة من عملاء جهاز الاستخبارات العسكرية الإيطالي (الذي كان آنذاك يحمل اسم "سيسمي") وحكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات. وردت المحكمة الدعاوى المرفوعة ضد رئيس "سيسمي" السابق، نيكولو بولاري، ونائبه، ماركو مانسيني، استناداً إلى امتياز "أسرار الدولة"، وكذلك الأمر بالنسبة للدعاوى ضد ثلاثة إيطاليين آخرين. وتعرض أبو عمر للاختطاف من ميلانو في فبراير 2003 على أيدي عملاء تابعين للمخابرات الأمريكية، وقد نقل جوًا عبر ألمانيا إلى مصر، حيث أخضع للاعتقال السري مدة 14 شهرًا وتعرض للتعذيب، ولم توجه إلى من أدينوا سوى تهمة الضلوع في اختطاف أبو عمر، وليس في اختفائه القسري أو تعذيبه.