القاضى: المتهم لم يكن ملزمًا بالحصول على موافقة من مرؤوسيه وقصده كان الصالح العام اللجنة الفنية غافلت قيمة الإعلانات المصاحبة للأعمال الفنية وتشغيلها اللاحق حصلت جريدة "المصريون" على حيثيات حكم محكمة الصادر بإلغاء حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر بمعاقبة أسامه عبد الله محمود نصر الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق, بالسجن المشدد 5 سنوات وعزله من وظيفته وإعادت محاكمته من جديد أمام دائرة أخرى فى القضية المعروفة إعلاميا "بإهدار أموال اتحاد الإذاعة والتليفزيون " وذلك لاتهامه بالإضرار العمدى بأموال ومصالح جهة عمله بإبرامه 10 عقود لشراء حق عرض مجموعة من الأعمال الفنية مما تسبب فى خسائر بلغت 19 مليونا و600 ألف جنيه. قالت المحكمة برئاسة المستشار أحمد جمال الدين وعضوية المستشارين نبيه زهران وأحمد سليمان وعطية أحمد وهشام أنور وسكرتارية طاهر عبد الراضى, أن الحكم المطعون فيه أدان أسامة بجريمة الإضرار العمدى بأموال عامة يتصل بها بحكم وظيفته قد فسد استدلاله وشابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع لأنه استخلص توافر قصد الإضرار لديه بما لا يدل عليه معرضا عن دفاعه النافى له. وأكدت المحكمة أن القصد الجنائى فى جريمة الإضرار بالمال العام هو اتجاه إرادة الموظف العام الحالى إلى الإضرار بالإموال والمصالح المعهودة عليه فلا تقع الجريمة بسبب الإهمال بل يجب أن يثبت بما لا يدعى مجالا للشك أنه أراد هذا الضرر وعمل من أجل إحداثه ويتعين عدم الخلط بين الخطأ الجثيم والغش, إذ أن كلا منهما يمثل وجهة للإجرام يختلف عن الآخر اختلافا تاما ويناقضه, فالخطأ هو جوهر الإهمال والغش هو محور العمد وإن جاز اعتبارهما صنوان فى مجال المسئولية المدنية أو المهنية إلا أن التفرقة بينهما واجبة فى المسئولية الجنائية, ويؤكد ذلك المشرع حينما أدخل المادة "116 "مكرر عقوبات والخاصة بجريمة الإضرار العمدى فى التعديل ذاته, الذى استحدث به جريمة الإهمال الجسيم فاستلزم الغش ركنا معنويا فى الجريمة الأولى واكتفى بالخطأ الجسيم ركنا فى الجريمة الثانية, ولما كان ذلك الحكم المطعون فيه, اقتصر فى بيان واقعة الدعوى على أن "الشيخ" بصفته رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قد تعاقد على شراء أعمال فنية بدون عرضها على اللجنة التى أوجبت قرار رئيس مجلس الأمناء موافقتها على التعاقد وأن لجنة فنية قدرت أن الثمن فى العقود مغال فيه ويزيد على الثمن الذى قدرته لها ونتج عن ذلك خسارة الاتحاد الفارق بينهما مما أضر بأمواله, وأورد الحكم المطعون عليه نص المادة "116" مكررا من قانون العقوبات وبعد أن بين وشرح أركان جريمة الإضرار العمدى المجرمة به اقتصر فى التدليل على قصد الإضرار لدى الطاعن وإطراح دفاعه بتخلفه عن قوله: إن المتهم قد أضر عمدا بأموال الجهة التى يعمل بها لكونه موظفا عاما وأتى بفعلا أضر بأموال الجهة التى يعمل بها وهى اتحاد الإذاعة والتليفزيون, وأن الحكم اتخذ فيه من تعاقد الطاعن لشراء بعض الأعمال الفنية بثمن مغال فيه وبالمخالفة لقرار رئيس مجلس الأمناء بوجوب موافقة لجنة حددها على تلك العقود, لا يسوغ به التدليل على توافر قصد الإضرار لدى الطاعن بمعنى انصراف نيته إلى إلحاق الضرر بالأعمال العامة التى يتصل بها بحكم وظيفته. وأشارت المحكمة فى حيثياتها أن الحكم المطعون فيه لم يتفطن لدفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع – بأن إبرامه للعقود كان فى إطار سلطته التقديرية وأنه لم يكن ملزما بالحصول على موافقة لجنة من مرؤسيه وأن قصده كان الصالح العام لا الإضرار به, وأن اللجنة الفنية قدرت قيمة الأعمال محل التعاقد بذاتها غافلة قيمة الإعلانات المصاحبة لها وعن قيمة تشغيلها اللاحق وهو دفاع يعد فى الدعوى المطروحة دفاعا جوهريا. وأضاف أنه كان على محكمة الموضوع أن تتمحص العناصرالتى أبداها دفاع المتهم وتستظهر مدى جديتها وأن ترد عليها بما يدفعها إن رأت الالتفات عنها مما يتعين نقض الحكم المطعون عليه والإعادة بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن . كانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عبد الله أبو هاشم قد أصدرت حكمها فى 28 سبتمبر لعام 2011, بمعاقبة أسامه الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق بالسجن 5 سنوات وعزله من منصبه، فى قضية شراء حق عرض 10 أعمال فنية بتكلفة مغال فيها دون عرض تلك الأعمال على لجنة التقييم الفنى مما أدى إلى إهدار 20 مليون جنيه تمثل الفارق بين تكلفة تلك الأعمال والتكلفة التى تعاقد عليها الشيخ منفردا. وكانت النيابة العامة قد أحالت الشيخ إلى الجنايات بعد أن وجهت له بأن قام خلال الفترة من 2009 وحتى 2010 بصفته رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بالتعاقد على شراء 15 عمل فنى لعرضها فى موسم شهر رمضان.. وتعاقد عليها منفردا بالمخالفة لقرار مجلس الأمناء رقم 1173 لسنة 2001 الذى يحيل الاختصاص بالشراء إلى لجنة المصنفات الفنية، مما تسبب فى إهدار 19 مليونًا و600 ألف جنيه تمثل تكلفة مغال فيها لتلك الأعمال عن تكلفتها الفعلية.