30 دائرة ملغاة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب بسبب أحكام قضائية.. تعرف عليها    بعد واقعة التعدي.. مدرسة الإسكندرية للغات تعلن خطة شاملة لتعزيز الأمان داخل المنشأة    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    ارتفاع أسعار الفراخ اليوم بعد موجة هبوط طويلة    وزير الخارجية يشدد على ضرورة تمويل «الأونروا»: «دورها لا يمكن الاستغناء عنه»    وزير الخارجية يستعرض رؤية مصر الشاملة تجاه المتغيرات الجيوسياسية بالشرق الأوسط    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات سريلانكا إلى 410 قتلى و1.5 مليون متضرر    «الاحتلال الإسرائيلي» يفجر منزل أسير بنابلس ويقتحم بلدة برام الله    كأس العرب.. موعد مباراة مصر والكويت والقنوات الناقلة    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم ميكروباص وميني باص بالطريق الزراعي بطوخ    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    3 قرارات جديدة لوزارة التضامن لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزارة التضامن تقر قيد 4 جمعيات في محافظتي أسوان والقاهرة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    قوات الاحتلال تتوغل فى ريف القنيطرة بسوريا وتفجر سرية عسكرية مهجورة    واشنطن لا ترى ضرورة لحضور روبيو اجتماع وزراء خارجية الناتو    وسط موجة من عمليات الخطف الجماعى.. استقالة وزير الدفاع النيجيرى    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان تعزيز الاستثمار في مجال الإنتاج الحيواني    مشاهدة مجانية.. القنوات الناقلة لكأس العرب 2025 ومباراة مصر والكويت    محامي رمضان صبحي: الأهلي وبيراميدز لم يتواصلا معي.. وهاني أبوريدة عرض المساعدة    سيد منير حكمًا لمواجهة بيراميدز وكهرباء الإسماعيلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    5 ديسمبر، موعد محاكمة 3 عاطلين بتهمة حيازة أسلحة نارية وبيضاء في الأزبكية    أمطار متفاوتة الشدة.. الأرصاد تكشف تقاصيل طقس اليوم    في اليوم الخامس من البحث.. العثور على جثمان الشاب الغارق في بحر سنتريس بالمنوفية    المطاردة الأخيرة.. الداخلية تنهى أسطورة بؤر السلاح والمخدرات.. مقتل 4 عناصر شديدة الخطورة.. استشهاد شرطى وإصابة ضابط فى ليلة الرصاص.. تحريز ترسانة مخدرات بقيمة 91 مليون جنيه.. صور    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 212-2025    صحتك في خطوتك| فوائد المشي لإنقاص الوزن    وزير الصحة يبحث مع محافظ البحيرة إنجاز المشروعات الصحية والتوسع في الخدمات    أمينة عرفى ومحمد زكريا يضمنان الصدارة المصرية لتصنيف ناشئى الاسكواش    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    لغز صاحب "القناع الأسود" في قضية مدرسة سيدز الدولية وجهود أمنية مكثفة لضبطه    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد كارثة العياط.. ماهو المطلوب من وزير النقل والمواصلات؟
نشر في المصريون يوم 17 - 11 - 2009

وكأن الشعب المصري على موعد دائم مع الحزن والألم.. حادث قطار جديد يضاف إلى سلسلة الكوارث التي لا تريد أن تفارقنا؛ إذ يبدو ألا حل إلا أن نفارق نحن المصريين الوطن، نتركه للحكومة لعلها تستطيع أن تدير شئونه بدوننا. والحكاية بالتأكيد هي الشيخوخة وهشاشة العظام التي تمكنت من الجهاز الإداري للدولة وأصابته بالشلل والوهن وفقدان الذاكرة بحيث لم يعد هناك جدوى ولا فائدة من عمليات الترقيع التي تضطر إليها الحكومة كلما وقعت كارثة. وعلي الرغم من هول كارثة قطار العياط ودلالاتها, فهي ليست الكارثة الأولى ولن تكون الأخيرة.. ولولا ارتفاع حجم الضحايا وبشاعة المشهد لأمكن للحكومة وآلتها الإعلامية التغطية على الموضوع. ونعتقد أن كل يوم تقريبًا يشهد حوادث مشابهة لنفس الأسباب وربما بنفس الأعداد, ولكنها حوادث متفرقة تتوزع دماء أصحابها بين القبائل, ولا تجد من يجمعها في جدول واحد.
وقد تساءل الكثيرون بعد حادث العياط عن مسئولية وزير النقل عن حوادث القطارات، وهل هي مسئولية الوزير شخصيا أم أن هناك مسئولين كبار في هيئة السكة الحديد ينبغي تحميل المسئولية لهم. ولا شك أن الوزير عموما هو المسئول الأول عن وضع السياسات وخطط العمل بوزارته ومتابعة تنفيذها.. وعندما يفشل في تحقيق ذلك فلا غرابة في أن يستقيل أو يقال. والواقع أن الخلل الإداري الذي يتسبب في مثل هذه الحوادث موجود في قطاعات ووزارات عديدة.. ولكن مشكلة وزارة النقل- المسئولة افتراضا عن كل شيء متحرك في الدولة- أن هذا الخلل يظهر في صورة حوادث مؤلمة يستحيل إخفاؤها.. فتسلط الأضواء على مَواطن الخلل في هذه الوزارة دون غيرها. ومن الواضح أن الحادث الأخير ليس هو الحادث الأكبر، فقد سبقه ما هو أفدح منه بكثير، كما أن حوادث الطرق وضحاياها وصلت هي الأخرى إلى أرقام مخيفة تفوق حوادث القطارات.. ولكن ليس من الإنصاف تحميل هذه المسئولية الكبرى لوزارة النقل وحدها- رغم خطئها ووجوب إدانتها.. لأن المسئولية متشعبة وتضامنية كما سوف نوضح؛ ولكي نضع حدا لذلك النوع من التسيب الذي يزهق أرواحا بريئة لابد من دراسة الموضوع من جميع جوانبه.
وبداية.. نعتقد أن السبب الرئيسي في تعاظم الخلل الإداري في وزارة النقل وغيرها هو غياب (أو تغييب) شيئين مهمين وأساسيين هما: الصيانة الدورية، والتدريب المستمر للعاملين. فالصيانة الدورية ليست من الأمور الكمالية أو المظهرية، ولكنها عامل أساسي وحتمي لضمان استمرار عمل الآلة بكفاءة وجودة عالية ودون أعطال مفاجئة. والواقع أن كثيرا من الجهات الحكومية لا تلقِ بالاً لموضوع الصيانة الدورية طالما أن العمل يسير، ويبخل أغلب الناس عن تغيير قطعة من جهاز مثلا مادام الجهاز يعمل.. بل يظن البعض خطأ أن تغيير قطعة لا زالت تعمل إسراف لا داعي له!. وقد انتشرت هذه الثقافة الخاطئة وتعاظمت في ظل سياسة ترشيد الاستهلاك وضعف عمليات الرقابة والتفتيش، علما بأن الخسارة الناشئة عن إهمال الصيانة الدورية تبلغ أضعاف أضعاف تكاليف الصيانة نفسها.
أما عن غياب التدريب المنتظم والمستمر للعاملين؛ فحدث ولا حرج. وينبغي أن يكون مفهوما أن الهدف من التدريب الدوري ليس فقط رفع كفاءة العامل في تأدية مهنته أو حرفته ولكنها تتعدى ذلك إلى التأكيد الدائم على السلوكيات والأخلاق والواجبات التي يجب ألا ينساها العامل في زحمة الحياة ومتطلباتها. فعمال النظافة مثلا في حاجة إلى من يجلس إليهم من حين لآخر ويذكرهم بالسلوكيات التي ينبغي التحلى بها أثناء تأدية العمل، مثل اختيار الوقت المناسب، واحترام المارة وعدم مضايقتهم بنثر الغبار في اتجاههم، وعدم وضع الأتربة فوق الأرصفة أو في الشوارع الخلفية... الخ، وكذلك يحتاج العمال إلى التشجيع وإبراز أهمية العمل الذي يقومون به ودورهم الأساسي في خدمة الوطن. فكيف يتم ذلك دون لقاء دوري منتظم مع العمال؟.. هذا السلوك المهم والأساسي غائب تماما للأسف، رغم وجوده في أغلب دول العالم. ونعتقد أن عامل السكة الحديد المسكين الذي ترك عمله المهم في برج الرقابة ليلحق بالقطار المنكوب لم ينتظم ذات يوم في دورة تدريبية أو حتى اجتماع مع رؤسائه للتأكيد على خطورة دوره والوقوف على مشكلة سفره لبيته التي اضطرته إلى ترك عمله، ربما لأن هذا هو القطار الوحيد المناسب له.. فمن حقه بالطبع تدبير وسيلة لتوصيله إلى بيته.
لكي ينجح وزير للنقل في إدارة دفة الوزارة بلا متاعب وكوارث.. وإلى جانب ضرورة الاهتمام بقضيتي التدريب والصيانة- كما أسلفنا- فلابد من إيجاد صيغة للتعاون الحتمي بين وزارة النقل والوزارات الأخرى، التي لا مفر من التداخل بين اختصاصاتها. إذ كيف تنجح وزارة في إدارة طرق ومواصلات دون وجود قانون مرور جيد وواقعي ومطبق ويتناسب مع المرافق الموجودة، أو دون التأكد من منح رخص القيادة لمن يستحق فقط، أو دون إيجاد منظومة لمنع أو تقليل حوادث الطرق؟. لابد مثلا من وضع تشريع يوقف عملية التدمير الواسع لمرافق الطرق (أعمدة إنارة، شواخص مرورية، أشجار، حواجز حديدية... الخ)، ففي الدنيا كلها يتحمل سائق المركبة تكاليف إصلاح أي شيء قام بإتلافه حتى وإن كان نتيجة حادث مؤلم. وهذا يتطلب تفعيل نظام جيد وحقيقي للتأمين على السيارات، بالإضافة إلى إصدار تشريع يمنع ورش سمكرة السيارات من إصلاح المركبات دون وجود محضر معاينة الشرطة للحادث.. وهذا الإجراء الأخير يحتاج بالطبع إلى شرطة أخرى غير تلك التي نعرفها حاليا؛ شرطة متحركة سريعة الوصول لمكان الحادث. وبالطبع فليس مطلوبا من وزارة النقل أن تكون وزارة للمواصلات.. وأيضا للداخلية (واجبات شرطة المرور)، والكهرباء (أعمدة إنارة الطرق)، والبيئة (منع التلوث الحاجب للرؤية مثل السحابة السوداء)، والصحة (الإسعاف في حالة الحوادث)، والحكم المحلي (تجمع مياه الأمطار وانفجار مواسير المياه والصرف وغيرها)، والزراعة (تشجير الطرق)... الخ، ولكن لاشك أن وزير النقل مسئول عن إيجاد صيغة للتعاون بين كل هذه الجهات مع وجود مراقبة ومراجعة وتفتيش يضمن عدم وجود إهمال أو تواكل في أي من القطاعات المتصلة بعمل وزارته. فلو وجد الوزير مثلا أن أغلب حوادث الطرق سببها جهل قائدي السيارات بقوانين المرور أو سوء نظام منح رخص القيادة؛ فمن حقه بل واجبه التدخل لضبط هذا الأمر والاطمئنان إلى إصلاح هذا النظام. أما إن اعتبر الوزير أن هذا واجب الوزراء الآخرين وترك الأمور التي تعتبر خارج وزارته كليا؛ على أساس أن لكل وزارة وزيرها فلا يلومن إلا نفسه.. لأن المفروض أن الجميع يتبع لمجلس وزراء واحد، وهناك مسئولية عامة تضامنية. فعلى سبيل المثال؛ لو نجحت وزارة النقل في إيجاد طرق مثالية وقامت بضبط السير عليها، ولم يطبق النظام نفسه في الشوارع بالمحافظات- التي لا تتبع الوزارة- فمعنى ذلك أن هناك وزارة تبني وأخرى تهدم، وهذا غير معقول.
ولكي ينجح وزير النقل أيضا فلابد من الاهتمام بالأمور التي يعتبرها البعض صغيرة، قبل الكبيرة. إذ كيف يسمح وزير أو أي مسئول بتحرك قطار يحمل مواطنين مسافرين في رحلات طويلة دون أن يخضع للنظافة، ناهيك عن الصيانة؟. إن المسئولية في التعامل مع جمهور المواطنين جزء لا يتجزأ.. فمن يتجاهل الصغيرة لن يهتم بالكبيرة، ولو وجد الناس وسيلة مواصلات متحضرة فسوف يفرحون بها ويحافظون عليها. ولو نجحت الوزارة في تنشيط قطاع وتركت قطاعات أخرى خاملة، فلن تنجح في إنجاز شيء.. لأن الترقيع لا يجدي.
وأخيرا نتساءل.. هل وصل الفقر الإداري إلى درجة العجز عن تكليف وزير جديد, وإسناد وزارة النقل المثقلة بالأعباء والمصائب إلى وزير الكهرباء المسئول عن وزارة كبيرة قد لا تقل في أعبائها عن وزارة النقل؟!.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.