كل يوم أصحو من نومي وأنا أدعو الله أولًا ألا تأتينا ضربة لشعبنا من الرئيس ثم ألا تأتينا ضربة من الموالين له، ثم ألا تأتينا من المعارضة ثم ألا تأتينا من الأعداء، هكذا بالترتيب، أدعو الله أن يكفينا شر صدمات رئيسنا، ثم صدمات الموالاة ثم صدمات المعارضة ثم خطر الأعداء!!، ولكن للأسف- وبما كسبت يداي- قلما يستجاب لدعائي، فلا يكاد يمضي يوم دون صدمة من الثلاثة الأول، وفي وجودهم لا حاجة بنا إلى أعداء، أو لا حاجة للأعداء أن يفعلوا شيئًا!!. وكنت قد وصلت إلى حالة تدعوني للتوقف عن الكتابة قليلًا لعل المشكلة في كتاباتنا وليس في الباعث عن الكتابة، ولعل الكتاب لو توقفوا قليلًا لتحسنت الأمور، ولعل المصائب تأتي على قدر المكاتيب ولو توقفت المكاتيب لتوقفت المصائب!!، ولكن للأسف، توقفت عن الكتابة ولم تتوقف المصائب، فحري بنا أن نتكلم.. من باب (معذرة إلى ربك ولعلهم يرجعون). صدمت وروعت وذهلت، ببيان رئاسي كما أورده موقع جريدة الأهرام وموقع هيئة الإذاعة البريطانية يوم 20 فبراير، تحت عنوان (400 مليون جنيه سنويًا من عوائد قناة السويس للمحافظات الثلاث!!)، وفي متن الخبر (قرر الرئيس محمد مرسي تخصيص 400 مليون جنيه سنويًا من عوائد قناة السويس لتنمية المحافظات الثلاث, وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، كما قرر تقديم مشروع قانون لمجلس الشورى بإعادة تشغيل المنطقة الحرة ببورسعيد، وقال بيان للرئاسة إن تلك القرارات تأتي في إطار اهتمام رئاسة الجمهورية بمحافظات القناة الثلاث: السويس والإسماعيلية وبورسعيد). أرأيتم الكوارث؟!، أرأيتم كيف تدار مصر حاليًا؟!، كارثتان مدمرتان في بيان واحد، الكرثة الأولى هي خضوع جديد للابتزاز، وترضية في غير محلها بإسلوب خاطئ وبما ليس له علاقة بموضوع الغضب، وهي دعوة صريحة لكل من يريد زيادة دخله أو تحقيق خدمات لمنطقته بالخروج لعصيان مدني أو قطع طريق أو دعوة للانفصال!!، كأن الحكم أصبح ينتج بطريقة ذاتية الوسائل التي تؤدي لإشتعال الموقف!!، ويملي للمناطق الأخرى الطريقة التي تنجح مع نظام الحكم الحالي ألا وهي العصيان والتمرد!!. وأما الكارثة الأخرى وهي كارثة الكوارث والتي تدل ليس فقط على افتقاد الرؤية، بل على انعدام الإدراك لمقومات الدولة، فهي التصريح بمقولة توزيع ثروات البلاد على المناطق المختلفة !!، وهو باب فتنة لا أعلم من المجرم الذي بجوار الرئيس وأوحى إليه بهذا، وهي دعوة تقسيمية صريحة لا يتصور عاقل أن تصدر من مؤسسة الرئاسة !!!، وسيكون أبسط رد فعل لها أن يقول القائل: هيا نقسم موارد البلاد، ودعوكم من المشروعات التي تفيد البلاد ككل، وتعالوا نقدم جزءًا من دخل السد العالي لأسوان، وجزءًا من دخل السياحة الأثرية للاقصر، ودخل السياحة الساحلية لشرم الشيخ وتوابعها، ودخل البترول لمحافظة البحر الأحمر، هل هذا نظام دولة؟!، وإذا كان الرئيس يرى أن تلك المناطق من حقها ظهور مشاريع فيها تجعل لها نصيبًا من تلك الثروة فما الذي يمنعه من هذا، لماذا لا تفعل هذا، في إطار خطة شاملة لتنمية جميع مناطق البلاد وإيجاد توازن يعيد للمناطق المهمشة اعتبارها، دون بيانات ودون حديث عن نصيب من الثروة؟!!، ودون بيان رئاسي يتحدث عن نصيب من دخل القناة لمحافظات القناة، هل هذا يقال؟!. لولا أن هذا البيان نشر في الأهرام والبي بي سي لتشككت فيه، ورغم كثرة أخطاء الرئيس الأخرى إلا انني أرى هذا البيان هو أشدها على نفسي، للأسف أن من يديرون البلاد الآن بكل صراحة ليسوا على مستوى المسؤولية الملقاة عليهم، إن إدارة الحكم لا يمكن أن تكون بتوزيع الأموال على المدن الغاضبة كالذي يسترضي زوجته الغاضبة بهدية!!، ما هكذا تورد يا سعد الإبل!!.. وما هكذا تدار يا د. مرسي الدول!!. [email protected]