استكمالًا لمقالنا السابق عن خالد منتصر، ومحاولاته المتتالية في توجيه النقد العلمي لكل ما له علاقة بالدين, ومنها عرض فيديو لا يحمل أية قيمة علمية حقيقية عما يسمى بالأعضاء المنقرضة في جسم الإنسان, ثم مقاله في صحيفة الوطن المعنون ب: هل يصمد داروين أمام أخونة التعليم؟ موحيًا بأن نظرية داروين (العلمية) مهددة من قبل غير الدينيين, وقد أوضحنا أن الأمر على خلاف ذلك, وأن رفض نظرية داروين منذ بروزها في الحقل العلمي, لم يكن رفضًا دينيًا بالأساس, بل كان رفضًا علميًا واضحًا لافتقادها مقومات النظرية, ولعجزها عن تفسير الكثير من المعضلات العلمية, مما دفع بعض العلماء للرفض الصريح لها ومنهم العالم السويدي نيل هربرت نيلسون الذي قال بوضوح: إن جميع محاولاتي لتوضيح نظرية التطور من خلال التجارب المعملية، والتي استمرت لأكثر من 40 عامًا، باءت جميعها بالفشل. وأضاف: إن سجل الحفريات الآن بات مكتملًا, والخلاصة أن نظرية التطور قاصرة ومعيبة ولايمكن ملأ فجواتها العلمية، ومن العجيب أن طبيبًا كخالد منتصر كان من المفترض أن يكون أمينًا، وهو يتحدث عن العلم الذي يزعم أنه ينتمي إليه, ويزعم أيضًا أنه يدافع عنه من هؤلاء (المتدينين الجهلاء), لكن فوجئنا أيضًا أنه لا يقل دروشة علمية عما يسمى بالدروشات الدينية, فأراد من خلال عنوان مقاله المستفز (كعادته) أن يوهم قراءه أن الإخوان هم الذين يرفضون نظرية داروين, لكن الواقع أن الرفض لهذه النظرية المرفوضة علميًا من قبل كثير من العلماء البارزين على مستوى العالم (وقد أشرنا إلى العالم البريطاني ) ويلسون وغيره من العلماء, هذا الرفض يتكئ على أسس علمية متينة, وليس مجرد رفض فطري لها، وقد قام معهد جالوب مؤخرًا بعمل إحصائية بين الأمريكان فيما يتعلق بنظرية داروين رفضًا وقبولًا, فكانت النتائج تشير إلى أخونة الولاياتالمتحدةالأمريكية أيضًا, حيث أكد 46% من الذين شملتهم الإحصائية إيمانهم بنظرية الخلق وفق رواية الإنجيل, ورفضهم القاطع لنظرية داروين, بينما وافق 15 % فقط على نظرية داروين، بينما ذهب آخرون إلى محاولة تتسم بالذكاء والأخلاق معًا، وهي أنه حتى لو صحت نظرية داروين – وهي غير صحيحة – فإن التطور الذي حدث للمخلوقات لم يتم بطريقة ميكانيكية، بل من خلال التوجية والإرشاد الإلهي، وهو ما بات يعرف في الأوساط العلمية ب theistic evolution أو creation evolution أي التطور من خلال الخلق، ولم تكن إحصائية معهد جالوب هي الوحيدة فقط , بل هناك إحصائيات أخرى أوروبية وفي بلدان مختلفة, تتفق إلى حد كبير مع هذه الإحصائية, ليتضح لنا على الأقل أن خالد منتصر لا ينتمي إلى المعسكر العلمي كما يحاول أن يظهر دائمًا, لكنه يصر على أن يورط نفسه في معركة أيديولوجية غير نزيهة, سيكون هو الخاسر فيها بلا شك, حتى ولو ربح بعض الضجيج الإعلامي المؤقت والمزيف, فأما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]