تابعت باستغراب شديد التصريحات الإيرانية والتي تحمل في طياتها صيغة بالتهديد المباشر باتخاذ الإجراءات المناسبة حيال أية إجراءات استثناية للحكومة السعودية ضد الحجاج الإيرانيين ، والغريب في الأمر أنها صدرت من قمة الهرم الايرانى حين وردت على لسان المرشد على خامنيئى مرشد الجمهورية ، والسيد احمد نجاد رئيس الجمهورية ، والتي اتخذت من شماعة أهمية استغلال هذا الحشد السنوي الكبير في عرض والتعريف بقضايا المسلمين وتوطيد اوصر الوحدة الإسلامية ، مع تأجيج العواطف بالتباكي على حال غزة والعراق والصومال وباكستان ...الخ ، وبطبيعة الحال الأمر على غير ذلك تماما كما سنبين ونفصل الآن ، ثم تابعت بعدها الرد السريع للحكومة السعودية على لسان وزير الحج السيد فؤاد الفارسي والذي اتسم بالحكمة المعهودة والصبر الجميل للنظام السعودي على هذه الاستفزازات ، والتي زادت هذه المرة إلى حد التهديد ، حيث أشار وزير الحج السعودي إلى الالتزام بالإجراءات الأمنية المعهودة مع الحجاج من كافة دول العالم دون استثناء و الالتزام السعودي تجاه خدمة حجاج بيت الله الحرام جميعا ، والذي تجتهد السعودية بتحسينه عام بعد عام ويحظى برعاية ومتابعة خاصة من جلالة الملك عبدالله مباشرة ، بالإضافة إلى الإشارة إلى أهمية عدم تسييس الحج واستغلال هذه الشعيرة التعبدية العظمى لتحقيق أجندات سياسية خاصة . حتى هذا فقد انتهى المشهد الأول ، والأخطر الذي نتحسب وقوعه ونتمنى عدم حدوثه هو بقية المشاهد والتي تبدوا ملامحها في دلالات التصريحات الإيرانية ذات التاريخ الدموي في مواسم جح سابقة ، وقبل عدة شهور في بقيع المدينةالمنورة خاصة في ظل غياب الرد العربي الاسلامى . وقبل مناقشة الأمر أتوجه لكل النظام الايرانى من يمينه إلى يساره ومن أعلاه إلى أسفله بأننا العرب من المحيط إلى الخليج والمسلمين في شتى بقاع الأرض نرفض هذا التهديد الموجه إلى الحكومة السعودية وان كان تهديدا مستبطنا وغير مباشر ونعتبر هذا التهديد موجه إلى كل عربي ومسلم ، ولا يغرنكم حلم وحكمة وكرم جلالة الملك عبدالله وحرصه الدائم على وحدة الصف العربي الاسلامى ، وتأخر رد الأنظمة العربية فإن الأمة العربية والإسلامية حية بعلمائها ومثقفيها و شعوبها اليقظة لكل ما يمكن ان يهدد أمنها واستقرارها. والآن تعالو بننا نناقش الدلالات والأبعاد الحقيقية لهذا التصريح والتهديد الايرانى بداية هذه التصاريح تنم عن نية مسبقة من النظام الايرانى لعمل شيء أكثر استفزازا عما قامت به من قبل في موسم الحج وربما تحاول القيام بمسيرات وأعمال من شأنها توجيه رسائل مختلقة وغير صحيحة للغرب بأن العالم الاسلامى كله خلفها في مفاوضتها الدائرة الآن مع امريكل وإسرائيل والغرب ، وتوجيه رسالة أخرى للغرب بأنها قوية وقادرة على المشاركة في قيادة العالم مع الدول الخمسة زائد واحد وقيادة المنطقة ، ورسالة أخرى للعرب بأن هذا هو الأمر الواقع وفى العام القادم ربما تطالب الحوكمة السعودية بالمشاركة في إدارة موسم الحج وتحويله إلى سرادقات عزاء شيعية . حقيقة الأمر هي ان الشيعة فقهيا وفكريا يعتبرون موسم الحج موسما سياسيا بالدرجة الأولى وهذا ما تفصح به تفاسيرهم خاصة في مقدمة سورة براءة وآيات الحج في سورة البقرة ، ومن ثم يعتبرونه فرصة سنوية ذهبية لخدمة أجنداتهم ومصالحهم السياسية الخاصة . وإن كان في فهم آيات ودلالات الحج سعة خاصة في فكر المجتهدين المعاصرين لتحقيق مصالح سياسية ما للأمة الإسلامية ، يجب ان يكون ذلك في سياق جزئي محدد ووفق معايير وشروط محددة تضمن تحقيق المصالح المنشودة دون وقوع أضرار ما تهدد سلامة الحج ، فمن الطبيعي ان يكون ذلك عبر مجامع فقهية إسلامية بالإضافة إلى ان يستخدم الآمر لمصالح الآمة الإسلامية عامة وليس لحساب مذهب أو دول وبقوة الأمر الواقع. ثم نأتي للذريعة والشماعة التى استخدمها النظام الايرانى في محاولة فرض سطوته على الحج لخدمة مصلحة سياسية خاصة ، حيث تشدق بالحرص على وحدة المسلمين والدفاع عن قضاياهم الساخنة في غزة والصومال وباكستان والعراق والسؤال هنا أليست إيران شريكا أساسيا في أحداث ومآسي العراق وباكستان ولاعبا أساسيا في اليمن ، وشريكا في ذبح وجريان دماء المسلمين كل يوم في هذه البلدان لخدمة مشروعها السياسي وحلمها الكبير بدولة عظمى تسيطر على المنطقة وتشارك في ادارةالعالم وتمهد الطريق للمهدي المخلص الذي سيهبط ليملا الأرض عدلا ونورا!؟ ومن ثم فأن هذه الذريعة خاسئة ومهدرة ومفضوحة. كنا نتمنى ان يوجه مثل هذا التهديد إلى الحكومة الصهيونية من ان اى مساس بالأقصى يعتبر مساسا بإيران ، ولكن بطبيعة الحال لا يمكن للنظام الايرانى إطلاق مثل هذا التهديد ووفدها يجالس الوفد الاسرائيلى على مائدة المفاوضات بالقاهرة ! ومن الذي فوض النظام الايرانى للتحدث باسم المسلمين وتحمل مسئولية قضاياهم وهى المتآمر في كثير من الأحيان حيث تدور معهم أو عليهم حسب مصالحها السياسية الإيرانية الخاصة . نتفهم كثيرا ونحى ونحترم حكمة الإدارة السعودية في التعاطي مع الاستفزازات الإيرانية المتكررة والغير مسئولة وآخرها محاولة نبش قبور الصحابة وأمهات المؤمنين في البقيع خلال الأشهر الماضية، ولو أعلنت السعودية ذلك ونشرت صور ما حدث في البقيع لعمت الاضطرابات وهاجت ثورة المسلمين الغيورين على أمهات المؤمنين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الشيعة ولاحترق الأخضر واليابس ولكنها حكمة الإدارة السعودية وسعة استيعابها للأمور وحسن ادرأتها للمواقف استراتيجيا باستيعاب أخطاء وهفوات البعض لصالح المصالح العليا للمسلمين وللمنطقة، كما ان موقف السعودية واضح وجلي في المحافظة على وحدة الصف الاسلامى تجلى ذلك في خطاب السعودية في منظمة المؤتمر الاسلامى وفى محاولات رأب الصدع الفلسطيني ، وتجاوز الخلافات السورية ، وفى مواقفها المستمرة بالترحيب بالنظام الايرانى والمحافظة على دفء العلاقات وتجلى ذلك في الاستقبال الخاص والمهيب والترحيب البالغ بالرئيس احمدي نجاد أثناء زيارته للسعودية، ثم يتأكد هذا التوجه في الرد السعودي الهادئ الحكيم على هذه التصريحات المستفزة. الحديث الآن للأنظمة العربية التى يجب ان تسأل نفسها كيف لإيران أن تتجرأ على الأقدام على إطلاق مثل هذا التصريح المبطن بتهديد لأرض الحرمين الشريفين وللحكومة السعودية ، لذا فإنها مطالبة وبسرعة بالغة لإصدار بيانات واضحة وصريحة وحاسمة برفض هذه التصريحات الإيرانية وتجديد الثقة بالإدارة السعودية للحج ، وياليتها تكن على لسان قمة الهرم السياسي في هذه الدول مجابهة للمستوى الذي صدرت منه التصريحات في إيران. كذلك جامعة الدول العربية لابد ان تتحرك وترد وبقوة على هذه الاهترءات الإيرانية ، كما ان لمنظمة المؤتمر الاسلامى والسيد أوغلوا دورا مهما وبالغا في وقف هذه الفتنة وقتلها في مهدها ، والنداء موجه إلى فضيلة شيخ الأزهر والعلامة الدكتور القرضاوى ببيان سريع وواضح وحاسم وإلا تحملتم جزءا غير قليل من مسئولية أية مشاكل أو دماء يمكن ان تسقط في الحج. ورسالة خاصة إلى الأستاذ فهمي هويدى الصديق المقرب ومسموع الكلمة من النظام الايرانى قد قرأت حوارك الأخير مع السيد احمد نجاد والمنشور بجريدة الشرق القطرية 28 اكتو بر وأتقهم واقدرماتقوم به من تقديم رسائل طيبة من النظام الايرانى إلى العالم العربي خاصة دول الخليج هي من قبيل العلاقات العامة للنظام الايرانى في المنطقة ولكنها محمودة ان كانت بهدف وتهيئة الأجواء لشراكات طبيعية في المنطقة والمحافظة على وحدتها ، وبصفة قرابتك ومنزلتك من النظام الايرانى يجب عليك تحمل جزء من المسئولية في توجيه رسالة واضحة بان هذه التصريحات غير مقبولة عربيا وإسلاميا رسميا وشعبيا ، خاصة وأننا نعلم جميعا حبك وإخلاصك وجهادك وانتماءك الشديد للعالم العربي الاسلامى . ملحوظة : تحيرت كثيرا في اختيار عنوان للمقال يكن أكثر جاذبية للفت نظر المتابعين خاصة من المسئولين الحكوميين للتعاطي السريع مع الحدث وقد اجتهدت في صياغة عدة عناوين وارى من المفيد تسجيلها جميعها في آخر المقال ففيها دلالات كثيرة لأولى الألباب هل سيتحول الحج إلى سرادقات عزاء شيعية ، الحج بالألوان الإيرانية السوداء الملطخة بالدماء ، إيران ومحاولات السيطرة على موسم الحج ، تهديد السعودية اول بشائر الإدارة الإيرانية للمنطقة ، إدارة الحج بشراكة إيرانية سعودية