يقصد بالتطوير الفكري والثقافي للجماعة :تغيير ثقافات الإخوان في التعامل مع الآخر والسعي للخروج من حالة الانغلاق الموروثة من عهد الملاحقة والاضطهاد كما صرح المهندس خيرت الشاطر في مؤتمرات التطوير وتحت بند السعي للخروج من حالة الانغلاق ومنها حالة الانغلاق الطبقي وأقصد بذلك تركيز الإخوان في تجنيد العناصر الجديدة علي طبقة اجتماعية بعينها وهي البرجوازية دون غيرها من الطبقات الأخري مثل البروليتاريا إلا في حدود ضيقة وكما يذكر الباحث حسام تمام أن الغالبية العظمى لقواعد الإخوان المسلمين تنحدر من الطبقة الوسطى (البرجوازية) ورغم وجود الإخوان وانتشارهم في شتى أنحاء البلاد يقل وجودهم التنظيمي في الطبقات الفقيرة، ويهتم المسئولون عن التجنيد بتجنب التوسع في ضم عناصر من الطبقات الفقيرة إلا لحساب ميزات استثنائية تتمتع بها هذه العناصر دون أن تكون هذه قاعدة معلنة (1) و الحجة في ذلك عند الإخوان هو التأسي بالرسول صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام حيث بدأ الرسول بدعوة صاحبه وصديق الصدوق أبي بكر الصديق يقول ابن إسحاق : " كان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بها، وبما كان فيها من خير وشر، وكان رجلا تاجرا، ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام، من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه ".ولما كان رصيده رضي الله عنه العلمي والاجتماعي في المجتمع المكي عظيماً، استجاب له في دعوته للإسلام صفوة من خيرة الخلق، من العشرة المبشرين بالجنة، منهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم أجمعين ..وكان هؤلاء الأبطال الخمسة أول ثمرة من ثمار الصديق - رضي الله عنه -، دعاهم إلى الإسلام فاستجابوا، وجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فُرادَى، فأسلموا بين يديه، فكانوا الدعامات الأولى التي قام عليها صرح الدعوة، وكانوا العدة الأولى في تقوية جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تتابع الناس يدخلون في دين الله أفواجا .(2) ومع ذلك فقد كان من بين الصحابة أهل الصفة والمستضعفين كبلال بن رباح وعمار بن ياسر رضي الله عنهم جميعا وقد دعاهم الرسول صلي الله عليه وسلم للإسلام علي قدم المساواة مع المسلمين من الطبقة الوسطي في مكة ويمكن أن نتفهم مسلكية الإخوان في التركيز علي الطبقة الوسطي لتحمل مشاق الدعوة ومقاومة الحكام لها واضهادهم لأصحابها فيكون أهل الطبقة الوسطي خير داعم وسند للجماعة وقت المحن وتكفي الجماعة مؤنة الإعانة والإعالة في سنوات الإعتقال والنفي التي ربما تطول لعشر سنوات أو أكثر والوقائع في هذا كثيرة خصوصا إذا عرفنا أن أعضاء الجماعة يدفعون 9 % من مجموع دخلهم شهرياً تخصص نسبة منها لفلسطين وأخرى للتكافل فيما بينهم وما يزيد يوجه لمصاريف الدعوة والإنفاق على أنشطتها كما يذكر عامر شماخ في كتابه دليلك إلي جماعة الإخوان المسلمين (3) وهذا مايؤكد عليه تمام عندما يشير إلي أن الانضمام للجماعة في حد ذاته أحد آليات الصعود الاجتماعي في الطبقات الدنيا، إذ تتيح الجماعة لأعضائها فرصة للتحقق والصعود الاجتماعي من خلال شبكة حماية اجتماعية كبرى، وتساعد هذه الشبكة على تأمين الحد الأدنى من الضمان الاجتماعي للأعضاء والمساعدة للمتعاطفين والمؤيدين والأنصار، وتعتمد الجماعة في ذلك على سيطرتها وإدارتها لعدد كبير من المساجد ومؤسسات البر والصدقات التي تمارس دورا مهما في غياب مظلة حماية من الدولة.(4) وأري أن تمام قد جانبه الصواب عندما يصرح أنه لم يعد مشروع جماعة الإخوان يمثل الطبقات الفقيرة حتى المتدينة منها والتي تعاني جراء التحولات الاقتصادية، وربما كانت الجماعة الإسلامية الأقرب إلى تمثيل هذه الطبقات لولا صدامها المسلح مع النظام ، ومن هنا يمكننا فهم أهمية المشروع الذي كان يطمح إليه الراحل عادل حسين المفكر والسياسي الإسلامي القادم من صفوف اليسار الواعي بالتناقضات الطبقية بحكم ماركسيته، وهو مشروع تسييس كوادر هذه الجماعة وإسلاميي الضواحي وأحزمة الفقر وضمهم لحزبه – حزب العمل – بديلا عن المواجهة المسلحة مع النظام التي يقدر ضحاياهم فيها بما بين 20 إلى 30 ألف معتقل، ولولا صدام الحزب نفسه مع التنظيم وتجميده إداريا لكان حزب العمل الإطار التمثيلي المناسب لهذه الطبقات التي سقطت من خطاب وحركة الإخوان البرجوازية في الأساس.(5) وفي الختام وبرغم اختلافي مع بعض آراء الباحث حسام تمام رحمه الله إلا أن ماقاله في كتابه عن تحولات الإخوان يستحق التوقف لدراسته وأخذ ما فيه علي محمل الجد إذا كانت جهة الإدارة بالجماعة تسعي لتطوير حقيقي يواكب المستجدات والمتغيرات حتي لاتقع الجماعة في مأزق نقص الكوادر ذات الكفاءة العالية لتجد أن كوادرها معظمهم مابين طبيب ومهندس وتاجر مع تشكيلة من المهن الأخري مع ندرة الكوادر الصحفية والإعلامية عالية الكفاءة وهذا يدعو القائمين علي الأمر إلي التمدد الرأسي في جميع الطبقات والتمدد النوعي لجميع المهن والحرف والله من وراء القصد يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر الهوامش (1) حسام تمام :تحولات الإخوان (2) خالد محمد خالد :خلفاء الرسول (3) عامر شماخ في كتاب دليلك إلي جماعة الإخوان المسلمين (4) حسام تمام :تحولات الإخوان (5) المصدر السابق أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]