خاطبت ثوار مصر وشعبها بطوائفه كافة منذ اليوم الأول لثورته المباركة ومازلت أفعل ذلك، كل ذلك كان عبر وسائل إعلام متعددة، وسأبقى أفعل ذلك حتى أرى أن ثورتكم المباركة قد اتجهت في الطريق السليم وهذا غاية ما أتمناه لأن هذه الثورة ليست لكم وحدكم بل للعرب جميعًا.. قناعتي أن كل فرد في مصر شارك في هذه الثورة المباركة سواء أكانت هذه المشاركة بشكل مباشر أم غير مباشر، الكل تحمل نتائج تباطؤ حركة الاقتصاد سواء أكانت بسبب المظاهرات غير السلمية أو إحجام السياح والمستثمرين عن القدوم إلى مصر بسبب الأخبار السيئة التي لا تشجعهم على القدوم.. وإذا أتمت هذه الثورة نجاحها فان الجميع -أيضًا- سيحصد ثمرة هذا النجاح وهذا هو الأمل الذي نتطلع إلى رؤيته قريبًا.. ثورة مصر -أيها الثوار- ليست وقفًا على المصريين، فهي ثورة العرب جميعًا، ونجاحها يمثل نجاحًا للعرب وفشلها كذلك!! ومن هنا كان اهتمامي -وغيري- بها.. صحيح أننا سررنا بالثورات العربية في تونس وليبيا واليمن وسوريا لكن فرحنا بثورتكم كان الأكبر والأهم لأن تأثيرها سيكون الأكبر والأهم على الواقع العربي كله!! ولهذا فان فشلكم يعني -بكل وضوح- نهاية الآمال العربية لعقود قادمة الله أعرف بمدتها وماذا سيجري فيها من آلام ومتاعب!! ولأن ثورتكم هي الأهم فقد جوبهت بحرب شرسة ومن مصادر متعددة كلها لا تريد لكم النجاح، لأن نجاحكم ليس في صالحها!! حرب من خارج مصر من عرب وعجم!! أموال طائلة أنفقت في سبيل ذلك، وإعلام مضلل يعمل ليل نهار من أجل إفشال هذه الثورة وبطرق متعددة!! وللأسف صدق بعضكم ما يقال ومشى في الاتجاه الخاطئ!! وحرب من داخل مصر، فالذين استفادوا من الأنظمة الفاسدة لعشرات السنين يصعب عليهم أن يفقدوا ما حصلوا عليه من مال وجاه ولهذا حاربوا من أجل القضاء على الثورة ليعودوا إلى فسادهم السابق وربما أكثر مما كانوا عليه.. وللأسف وقف إلى جانبهم آخرون بحثًا عن مصالح ذاتيه وسريعة غير عابئين بمصلحة وطنهم وثورة أبناء مصر جميعًا. أيها الثوار الكرام: أنتم من انتخبتم رئيسكم وبكامل حريتكم، وأنتم من قبلتم دستوركم وبكامل حريتكم -أيضًا- فلماذا تخرجون على من قبلتموهم؟! كنا نريدكم قدوة حسنة في المحافظة على الديمقراطية التي حصلتم عليها بشق الأنفس وبعد تضحيات هائلة ما زلتم تدفعون الغالي من أجلها!! لو قرأتم ما يقال عن ثورتكم في بعض البلاد العربية ربما لأعدتم النظر في بعض ما تفعلون!! أقل ما يقال: انظروا ماذا يحصل في مصر بعد الثورة: هل تريدون أن تعيشوا في فوضى ودمار وقتل وتخريب على غرار ما يجري في مصر؟! لا تتحدثوا عن ديمقراطية أثبتت فشلها!! وإسرائيل تحاربكم وبشراسة لأنها تريد حكومة خانعة تحقق لها مصالحها، وأنتم في ظل وضعكم الجديد لن تكونوا كذلك حاربتكم كما تحارب أخوانكم في سوريا، فهي لن تعيش إذا كان جيرانها المصريون والسوريون أحرارًا ولهذا عملت وستعمل كل شيء من أجل إفشال ثورتكم المباركة.. وللأسف وجدت من يساندها في أهدافها من ضعاف النفوس الذين لا تهمهم إلا مصالحهم، ودوركم أن تفضحوا هؤلاء لكي تبقى ثورتكم على نقائها وطهرها.. يا ثوار مصر: حرية المظاهرات لا نقاش فيها، ولكن هل من الحرية قتل الناس وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة وتعطيل المواصلات وغير ذلك من التصرفات التي لا تليق بكم وتسيء إليكم جميعًا؟!! هذه الخسائر أنتم من سيتحمل نتائجها، فلماذا تسيرون في الطريق الخاطئ وأمامكم طرق أخرى أكثر نفعًا؟! كل دول العالم تضع ضوابط للمظاهرات، أهدافها ومكانها، ومدتها ومن سيحافظ عليها.. وهذه الضوابط لمصلحة الناس جميعًا لأن المظاهرات من صور الديمقراطية ولكن الإساءة للناس ليس ديمقراطيًا بل يحاسب عليه القانون لكي لا تعم الفوضى بين الناس وأنتم قد بذلتم كثيرًا من أجل الديمقراطية والحرية وينبغي أن تأخذوا الصورة الحسنة منها لتكونوا قدوة لإخوانكم العرب ومن أهم صور الديمقراطية أن يقف الشعب كله مع رئيسه المنتخب وأن يعملوا معه بجد لأنهم لا يعملون له بل لبلدهم جميعًا، ثم على الأحزاب التي لا تتفق مع توجهات الرئيس أن تعمل لتقوية صفوفها وتخوض الانتخابات القادمة لكي تغير ما تراه إذا كتب لها الفوز في الانتخابات القادمة بغير ذلك سيغرق الرئيس وسيغرق الشعب معه لأنهم جميعًا في مركب واحد.. فهل تقبلون أن تصلوا إلى هذه النتيجة بعد كل ما قدمتموه لمصر؟! الأزهر الشريف -وفق الله شيخه لكل خير- قام بعمل رائع وحاول لم الشمل، وتوحيد الكلمة، وكان الأحرى أن يقف الجميع مع ما تم الاتفاق عليه وما كان ينبغي لجبهة الإنقاذ أن تدعو إلى مظاهرات في اليوم التالي مباشرة يمارس فيها البعض العنف وتبدأ الاتهامات المتبادلة ما بين الرئاسة وجبهة الإنقاذ، وما كان ينبغي -أيضًا- أن تضع المعارضة يدها في يد مجموعة من الفلول تحت حجج واهية فهذا لن يكون في صالح شعب مصر وثورته المباركة. لا يعني كلامي أنني أبرئ رئيسكم وحكومته من الأخطاء فقد ارتكبا أخطاءً ما كان يجب أن يفعلاها وقد سببت سلبيات متعددة لكني أرى أن الفوضى ليست هي الحل بل وحدتكم وتقويم الأخطاء والإصرار على الإصلاح هو الحل الذي ينقذ بلادكم ويعيد لثورتكم ألقها وتوهجها... أمامكم مهمات جسيمة بحاجة إلى صبر طويل ومتابعة مستمرة لكي توصلوا بلدكم إلى بر الأمان، ولعلكم لا تنسوا أن فشلكم سيشكل فشلًا ذريعًا لكل دعاة الحرية في عالمنا العربي، عندها ستكون مسئوليتكم مضاعفة، أفشلتم ثورتكم وأفشلتم طموحات العرب للحرية.. دعواتي لكم .. للتواصل عبر التويتر @m_alharfi1