ما نراه الآن من فوضي وبربرية أصبح يعيشها الإنسا ن المصري في هذه الأيام ، أنما بسبب غياب النخبة من ممارسة دورها في التوجيه والتثقيف بالاتصال المباشر بالإنسان المصري البسيط " رجل الشارع " كما نطلق عليه الآن ،نتيجة أكتفاء نخب المحتمع ببرامج " التوك شو " عبر الفضائيات ، والتي نسمع خلالها كلاماً جميلاً وخططاً مثالية للنهوض بالمجتمع والأرتقاء بالإنسان المصري ، وتوجيه سلوكياته نحو الأحسن والأفضل ،في حين أنه الذين من المفترض أن توجيه إليهم هذه الرؤيا والأطرحات غائبيين تاماً عن مسرح الأحداث ، يعيشون في مناطق نائية ، وأماكن بعيدة ، وحواري شعبية ،وفي الشوارع نفسها أصبحت لغة التفاهم لدي أكثرهم إراقة الدماء لسبب ، أو لغير سبب ، تحت غياب صوت العقل ، وغياب من ينير لهم الطريق ويترتقي بفكرهم بدلاً من أن يسخر منهم ،كما فعل بعض المثقفين والأعلامين الذين وصفوا من اختلفوا معهم من جموع الشعب المصري من بسطاء الناس في الأنتخابات بأنهم قطيع ، ويفتقدون إلي أبسط مقومات الآدمية ، بدلاً من أن يتفاعلوا تفاعلاً حقيقياً معهم ليوضحوا لهم وجهة نظرهم واعتراضهم عما يجري في المجتمع ، وأكتفوا بالبقاء في برجهم العاجي ينظرون لجموع الشعب المصري من البسطاء نظرة سخرية واستعلاء ، ومن هنا أتوجه لكل صاحب فكر مستنير ، وتوجه سياسي حقيقي ،ورأي حر ، إذا كنت حقاً تنشد نهضة هذا المجتمع ،ولديك رسالة حقيقية تريد أن تبلغها لأفراده ، فعليك بالأتصال المباشر و التفاعل الحقيقي مع الشارع المصري لا عبر برامج التوك شو أو الندوات التي لا يحضرها أحد من الذين تعقد الندوات وتقدم التوصيات من أجلهم ، وعليك أولاً أن تبدأ بالشارع الذي تقطن فيه ، أو البلدة التي تنتمي إليها ، لتكون بفكرك وثقافتك ورأيك صوتاً للعقل ، ومنبراً للفكر تنشر ثقافة الحوار الهادي والفكر المستنير بين البسطاء من أبناء هذا الشعب ، تغفر لهم زلاتهم إذا ما تطاولواعليك في البداية ، ويتسع صدرك لهم ، فهذه ضربية أصحاب الرسالات و العظاء والمصلحون علي مر الأزمنة والعصور ، الذين جعلوا من أنفسهم شموعاً تضئ الطريق أمام أبناء شعوبهم، وبذلك تقيم صرح جديد لهذا الوطن يقام علي أساس الحوار والأرتقاء بالبسطاء من أبناء هذا الشعب ، الذين تجعل منهم القوة الحاقدة علي أمن وأستقرار هذا الوطن وقوداً لنشر الفوضي وزعزعة أستقرار هذا الوطن ، كما رأينا في هذه الأحداث المؤسفة التي مرت بها بلادنا في الأيام الأخيرة ، والتي غاب فيها صوت العقل وأختفي تاماً دور النخبة التي كان يجب عليها أن تتفاعل مع عوام وبسطاء الناس قبل ذلك بفترة طويلة لتوجيه سلوكيات الإنسان المصري البسيط لما فيه خيرهذا البلد ، الذي عرف إنسانه منذ أقدم العصور ، بحبه لوطنه ، وسمو فكره ، ولا أجد ما أختم به هذه السطور ، سوي هذه الكلمات للأستاذ عباس محمود العقاد رحمه الله ، عندما كتب عن خصائص الشعب المصري وما يميزه عن الشعوب الأخري فقال " وحسبنا أن نذكر تاريخ الحضارة الطويل الذي سبقنا به كل أمة ، متحضرة من أقدم العصور ، فلا حاجة بنا إلي أسباب كثيرة غير هذه التربة الدمثة وغير هذه الحضارة العريقة ، ولا غرابة مع هذه وتلك أن نكون قوماً دمثين ، ومن دماثتنا أن المصري رضي الجانب لين العريكة ، حسن العشرة لجيرنه وصحبه وضيوفه ، لطيف الخلق والمعاملة ، محب لاسرته وذويه ، ومن دماثتنا أن المصري سهل الذكاء ، سهل العمل ، سهل السليقة ، وهذه كلها صفات تبدو في المحاسن كما تبدو في العيوب " تري ماذا لو أمتد العمر بالأستاذ العقاد إلي هذه الأيام التي أصبح فيها المصري أسهل شيئ إليه هو أراقة دم أخيه المصري ، ماذا كان سوف يقول عن مصري هذه الأيام؟ أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]