المناداة بقيام "الدولة المدنية" ونبذ الدولة الدنية لا تستهدف معارضة مفهوم الدولة الثيوقراطية فحسب، وإنما تستبطن عدم الإذعان لتعاليم الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية. . وقد عبر كثيرون عن تخوفاتهم من أن تأتي الشريعة الإسلامية خصماً على الحريات العامة وحجراً للفن والإبداع ولموارد السياحة والترفيه ومن ثم تقضي على مصادر الرزق . . والثقافة الشعبية المصرية حافلة بالأمثال التي تتناول مسألة الأرزاق وأكل العيش باعتبارها كسباً شخصياً لا دخل للغيب فيه على نحو (الرزق يحب الخفية) ومقولة : (عض قلبي ولا تعض رغيفي) الغافلة عن قوله سبحانه : (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) 22الذريات . لقد أقر الدستور المصري الجديد لسنة 2012م حقوق المواطنين كافة بمختلف مللهم دون تمييز حيث نصت المادة الثانية من الدستور على الآتي : (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع) وجاء في المادة الثالثة ما نصه : (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية) . وقد أثير غبار كثيف حول المادة الثانية وغيرها من المواد ذات الصلة التي تحدد مصادر التشريع وتبين مرجعياته واتخذها البعض ذريعة لرفض الدستور برمته ووصفه بالدستور "الكارثي" رغم ما اقره من حقوق المواطنة والحريات الأساسية التي يتمتع بها كافة المصريين بعد ثورتهم المجيدة . من الطبيعي أن تنهض حركات معادية او مخالفة للتيار الإسلامي في ظل التنافس الحزبي القائم بين القوى السياسية المصرية ولكن ما هو خارج عن الطبيعة والمألوف ذلك الخلط الذي يجري ما بين الدين الإسلامي وبين معتنقيه وحاملي دعوته من الإسلاميين لأنهم بشر يصيبون ويخطئون وتتباين رؤاهم في فهم وتطبيق تعاليم الدين الحق فتعمد الخلط بين المنهج الرباني وتطبيقات معتنقيه من المسلمين لا يخفى ما فيه من الهوى والغرض البيّن لهدم دعائم الدين والحيلولة دون تنزيل تعاليمه على المجتمع . ومن حق المصريين جمعياً أن ينتقدوا كافة الحركات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي تقوم على جهد بشري قابل للقدح المدح فالعصمة من الخطأ والزلل لم تكتب إلا للأنبياء والمرسلين دون سواهم من البشر أما أن يستغل ذلك النقد في رفض مبادئ الشريعة الإسلامية والتسويق لشعارات العلمانية "الدنيوية" الداعية لفصل الدين عن الدولة وعن الحياة العامة فذلك أمر آخر يحتاج منا لعدة وقفات لنكشف ماهية العلمانية وأدوارها ومدى توافقها مع عقيدة المسلمين . "العلمانية" . . انتهاك لحقوق المسلمين (2 7) وفقاً لدائرة المعارف البريطانية لمادة العلمانية "Secularism" تُعرفها بأنها حركة اجتماعية، تهدف إلى صرف الناس، وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة، إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها، وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا، والتأمل في الله واليوم الآخر، وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت ال "Secularism" تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية، وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة. وقد رفضت دوائر المعارف نسبة العلمانية للعلم وأثبتت بأن الترجمة الصحيحة للعلمانية بأنها هي "الدنيوية"، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص، وهو ما لا صلة له بالدِّين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد . ولظروف معاناة تاريخية مع الحكم الكهنوتي الثيوقراطي حيث يستمد الحاكم سلطته مباشرة من الإله جاءت ردة الفعل الأوروبي برفض تسلط الكهنة على الحكم وصعدت حركة فصل الدين عن الدولة ومن ثم عن الحياة برمتها وقبل الكهنة تحت ضغط الثورات التحررية الانزواء داخل الدير لممارسة الشعائر الكنسية هناك نزولاً على مقولة المسيح علية السلام : (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) . . ومع دخول المحتل الأجنبي لبلاد المسلمين تم استيراد المعضلة والحل الغربي بحسب محاضرة للأستاذ/ محمد قطب وفُرض على العقول بأن الدين مجرد صلة بين العبد وربه ولا شأن له بالحياة العامة وعلى هذه الفلسفة تمت صياغة النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعليها بنيت المناهج التعليمية والتوجهات الفكرية والثقافية في حقب الحكم الوطني المتعاقبة التي ورثت المحتل الأجنبي في قيادة بلاد المسلمين . ونتيجة للمد الإسلامي الشعبي الكاسح خاصة بعد ثورات الربيع العربي والتراجع الملحوظ للإيديولوجيات العلمانية "الدنيوية" من لبرالية وقومية واشتراكية أخذت هذه القوى تتحرج طرح مبادئها العلمانية في العلن فتلجأ لمصطلحات فضفاضة براقة كشعارات الدولة المدنية وحماية حقوق الأقليات والحرص على مبدأ المواطنة في محاولة لتمرير رفضها لتطبيق الشريعة الإسلامية تحت دعاوي احترام التعدد الديني والثقافي في الدول العربية والإسلامية . . ويلاحظ أن جميع القوى العلمانية شديدة العناية بإبراز تقديرها للأديان والحفاظ على قدسيتها الثابتة من التلوث في بحور السياسة المتحركة رغم استبطانها لجور الشريعة على حقوق الأقليات الدينية ووصم المسلمين بتهمة إلغاء الآخر !! . "العلمانية" . . انتهاك لحقوق المسلمين (3 7) تُعرف الديمقراطية بأنها "حكم الناس" أو "حكم الشعب بالشعب للشعب" وقد صادمت الحركات الإسلامية هذا التعريف بأبعاده الفلسفية التي تتعارض وتتناقض مع مبدأ الحاكمية التي ينبغي أن تكون لله وحده، بحيث لا يجعل رأي البشر حُجة ومقياساً في معرفة الحلال والحرام، وإن قبلت بعض الحركات الإسلامية بالآليات الديمقراطية ورأت أن تطبيقها لا يتعارض مع تعاليم الدين . . ومع المراجعات الفكرية والمنهجية التي أجرتها بعض الحركات الإسلامية ودخولها للمعترك السياسي السلمي إلا أن رافعي شعارات الديمقراطية وقبول الآخر يرفضون دخول الإسلاميين لساحات العمل العام إلا بالانتحار السياسي بالقبول بالعلمانية كاملة الدسم، والتخلي عن مبادئهم في الاحتكام للشريعة الإسلامية . ورغم فشل النظم العسكرية الغاشمة في فرض العلمانية على الشعوب المسلمة يريد الغرب والقوى الحليفة له بالمنطقة ديمقراطية على مقاس "حذاء ساندريلا" بحسب الأستاذ/ أسامة حمدان مسئول العلاقات الخارجية لحركة حماس بحيث لا يُعترف بالديمقراطية التي تأتي بالإسلاميين إلى سدة الحكم كما حدث مع جبهة الإنقاذ بالجزائر وحزب الرفاه بتركيا وحركة حماس بفلسطين قبل أن يفرض الربيع العربي التعاطي مع الأمر الواقع الذي فرضته صناديق الاقتراع في مناخ الحريات الأساسية والديمقراطية وذلك رغم ما تمارسه وسائل الإعلام الممولة من تشويه لصورة الإسلاميين وما تبثه الغرف السوداء من فبركات وحملات إعلامية مسعورة . وفي تقديري أنه لم يعد بالوسع الحيلولة دون أشواق الأغلبية في تحكيم الشرع الرباني مهما أوتي العلمانيون من قوة دفع مادي ومعنوي ولن ينطلي على غالبية المسلمين ذلك التدليس الرامي لطمس الهوية بحصر الدين في نطاق الشعائر التعبدية من صلاة وزكاة وصوم وحج وترك بقية الشرائع، فالإسلام عقيدة وشريعة وعبادات ومعاملات وأخلاق، والمسلم يأكل ويشرب وينام ويقضي حاجته ويغتسل ويتزوج ويطلق ويجامع أهله وينجب ويرث ويُورث وفق أحكام الشريعة الإسلامية وقد نزلت أطول آية في القرآن وهي الآية (282) من سورة البقرة "آية الدين" في شأن المعاملات اليومية بين الناس، فشريعة الإسلام حددت علاقة الإنسان بربه ونفسه وأسرته ومجتمعه كله، وحدثته عن جملة العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات والأحكام التي يلتزمها والشعائر التي يؤديها . . وقد نزل القرآن الكريم على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام قرآنا يمشي على الأرض ليطبق في الحياة لا لمجرد الحفظ والتلاوة وجلب البركة . "العلمانية" . .انتهاك لحقوق المسلمين (4 7) ترى العلمانية المتطرفة أن المعتقدات الدينية تسود لدى الشعوب المتخلفة لتخديرها الدين أفيون الشعوب حيث تعتني الشعوب البدائية بالأمور الغيبية "ميتافيزيقيا" (الإيمان بالله وملائكته والقدر واليوم الآخر . . وما فيه من البعث والجزاء) غير المرتبطة بعالم الشهادة المادي . . ولذا تتصور أن التدين إذعان للخرافة والدجل والشعوذة . . ولا علاقة للدين بتنظيم الحياة العامة ولا دخل له بحاجات ومتطلبات الدول المعاصرة، بينما ترى العلمانية المعتدلة بأن الدين مجرد صلة بين العبد وربه لذا ينبغي حصره في دور العبادة داخل الكنائس والمساجد "فالدين لله والوطن للجميع" ولا ينبغي أن يتدخل الدين في صياغة حياة المجتمع وتطالب العلمانية بحرية الاعتقاد وتحرير المعتقدات الدينية من تدخل الحكومات والأنظمة، وذلك بفصل الدولة عن أية معتقدات دينية أو غيبية، فالعلمانية تنادي بالمدنية والمواطنة وترفض الدين كمرجع رئيسي للحياة السياسية، التي يجب أن تكون مرتكزة على ما هو مادي ملموس وليس على ما هو غيبي، وقفاً للأيديولوجية العلمانية . والعلمانية المعتدلة التي ترى أن الدين صلة بين العبد وربه لا تمانع في صيام المسلمين لشهر رمضان المبارك امتثالاً لقول الحق سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) 183 البقرة ولكنها ترفض تطبيق القصاص امتثالاً لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى...) 178 البقرة باعتبار أن القصاص شأن من شؤون الحكم والدولة ولكونه من الأمور الحياتية التي يجب أن تتحرر من نفوذ الدين مع أن النص القرآني الهادي للصيام والقصاص جاء بصيغة أمر رباني واحدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ...) أما العلمانية المتطرفة فتعتقد أن صيام رمضان يُعطل حركة الإنتاج ويُضعف بنية الأجسام وبالتالي ينبغي إجبار المسلمين على عدم صيام شهرهم كما فعل الرئيس بورقيبة في تونس من قبل . . والشاهد أن كلا الموقفين المعتدل والمتطرف ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة ولا يستقيم مع إيمان المسلمين بالكتاب والسنة . فهل يجوز أن يأخذ المسلم من كتاب الله ويترك وفق هواه ؟ أيصح أن تبنى حياة المسلمين على الترقيع بين الأنظمة الوضعية اشتراكية ورأسمالية وقومية في ظل وجود الشريعة الربانية الإجابة جاءت حاسمة من كتاب الله في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا) 36 الأحزاب . "العلمانية" . . انتهاك لحقوق المسلمين (5 7) الادعاء بأن تطبيق الشريعة الإسلامية يُميز بن المواطنين ويُنافي المساواة في الحقوق والواجبات ويُعضد من التفرقة بين الملل مما يُصنف تعدياً على حقوق غير المسلمين وإجحافاً وظلماً لهم نابع من ضعف المعرفة بحقائق الدين الحنيف وقلة الصلة بفقهه وأدبياته، فقد سادت عند النخب الفكرية والثقافية الحاصلة على أرفع الشهادات العلمية من الجامعات الوطنية والأجنبية شبهات وتلبيسات المغرضين والمشككين في عدل الإسلام وسماحته، كما ران على القلوب كثير من الازدراء بالتراث المعرفي الإسلامي وصُنفت مجلدات الفقه والحديث والسيرة والتفسير القرآني ضمن الكتب الصفراء التي يتهكم على من يستظهرها بأنهم فقهاء الحيض والنفاس !! . وبالرجوع لأصول هذا الدين في الكتاب والسنة نجد أن الإسلام ضرب أروع الأمثلة في العدل والتسامح وقبول الآخر ما دام مسلماً وقد نزلت من القرآن الكريم تسع آيات لتبرئة يهودي من السرقة في قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) 112 النساء وما قبلها من الآيات . لقد أحلت الشريعة الإسلامية أكل طعام أهل الكتاب وأكلهم لطعامنا وأباحت للمسلم الزواج من الكتابية بدليل قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) 5 المائدة وبزواج المسلم من الكتابية يتعايش دينان في حجرة واحدة تحت سقف واحد في أعظم رباط إنساني وامتزاج اجتماعي وأسري يقوم على الحب والمودة والرحمة قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً. .) 21 الروم. . وبزاج المسلم من الكتابية يكون لأبناء المسلم أماً وخئولة وأجداداً من ملة أخرى غير ملة أبيهم، لقد أباحت الشريعة ذلك للزوج المسلم القيّم على الأسرة لأنه يؤمن بموسى وعيسى عليهما السلام والتوراة والإنجيل ولم تبح للمسلمة الزواج من الكتابي لأنه لا يؤمن بالقرآن الكريم ولا بالرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ولو آمن لأسلم . وفي رباط الأخوة الإسلامية والمصاهرة تعايش المسلمون مع ملل اليهود والنصارى من القبط والأرمن والمارونيين وغيرهم تظلهم المواطنة تحت قاعدة لهم ما لنا وعليهم ما علينا طيلة أربعة عشر قرناً من الزمان ما سمعنا أن زوجة كتابية لمسلم عُوملت كمواطنة من الدرجة الثانية !! . "العلمانية" . . انتهاك لحقوق المسلمين (6 7) أوردت كتب السير أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر القبطي أن يضرب ابن الأكرمين ووالده عمرو بن العاص الصحابي الجليل قصاصاً مردداً مقولته المشهورة : (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) . . ولله در ابن الخطاب رفض الصلاة في دير النصارى المقدسي حتى لا يتخذها المسلمون مصلى وهو أمير المؤمنين الذي فتح الله على يديه مصر والشام والعراق لقد أمر عمر بن الخطاب بالقصاص من والي مصر وفاتحها عمرو بن العاص وابنه إتباعاً لشريعة السماء التي تريد العلمانية إلغاء دستورها واستبداله بشرعة الهوى والمحسوبيات التي تقمع التدين وتمقت التمسك بتعاليم الإسلام . . وهاهي دول الغرب العلماني تتجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسوم والأفلام الهابطة تحت دعاوي حرية التعبير المكفولة للعاهرات والمتعريات على الشواطئ والممنوعة عن المحجبات في زيهن بالمدارس والجامعات لزعمهم بأنه حجاب عن الفكر المتحرر وردة عن التنوير والحداثة !! . لقد سبق الإسلام الأممالمتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية بما ينيف عن الأربعة عشر قرناً في إقرار مبدأ حرية الاعتقاد قال تعالي : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ . . ) 256 البقرة والإسلام هو الدين السماوي الذي يتجلى فيه الاعتراف بالآخر قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) 64 آل عمران كما تم وضع أسس التعامل مع الآخر في قوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) 8 الممتحنة وذهب بعض الفقهاء على تعويض النصراني عن خمره المراق من قبل المسلم تأكيداً لمبدأ القسط واحترام خصوصيات الغير وليت العلمانية تحترم خصوصيات المسلمين وتراعي حقوقهم في الاحتكام للشريعة الإسلامية . والحدود الشرعية جاءت لحفظ الكليات الخمس "الدين والنفس والعقل والمال والعرض" والرفض المطلق لتطبيقها يظهر النصارى وكأنهم طلاب لهو ومتع حرام . . فمتى كانت المسحية نصيرة للزنا والسرقة ؟ وأي دين سماوي يحرم القصاص في القتلى ؟ وبأي منطق جعل الصيام معطلاً للإنتاج بينما معاقرة الخمر قمة في الرقي والحداثة ؟!!، ثم ما الذي يضير النصارى إن طبقت عليهم قوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية لكونها المصدر الرئيسي للتشريع في الدستور على أن يعتبرها المسلم أمراً تعبدياً يتقرب به إلى الله ويعتبرها غير المسلم قانوناً كسائر القوانين الفرنسية والانجليزية التي سادت ردحاً من الزمان في بلاد المسلمين . . أحرام على بلابله الدوح *** حلال للطير من كل جنس ؟ . "العلمانية" . . انتهاك لحقوق المسلمين (7 7) يرجع نفور البعض من الحركات الإسلامية في كثير منه لعقود من التخويف وشهر الفزاعة السلفية المتماهية مع حملات "الإسلاموفوبيا" المنظمة التي تديرها غرف الدعاية الصهيونية السوداء في جميع بقاع العالم والتي تصور المسلمين بأنهم عدة الإرهاب الدولي الساعين لإرغام البشرية على الخضوع للدين الإسلامي بحد السيف، وترميهم بوصمات الهوس الديني وتظهرهم كمعاول لهدم وتحطيم الحضارة الإنسانية في الوقت الذي كانت فيه أجهزة القمع الأمني تنشط في استئصال أصحاب التوجه الإسلامي من الخدمة المدنية والعسكرية ومحاربة الإسلاميين في أرزاقهم حتى صارت الصلاة في المساجد وإطلاق اللحية شبهة وتهمة ترمي بصاحبها وراء الشمس . واليوم اختارت مصر أول رئيس مدني منتخب تمحور برنامجه الإصلاحي على مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية . . فمن شروط الولاية على المسلمين الموجبة لطاعة ولي الأمر هي تطبيقه لشرع الله فإن عطلها أو أبطلها فلا طاعة له على الناس قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) 59 النساء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (لا طاعة في معصية) وعلى هذا الفهم قال سيدنا أبوبكر الصديق حين تولى الخلافة : (أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم) . . وبهذه المعاني نذكر القيادة المصرية والأحزاب الإسلامية لبناء تحالفاتها الانتخابية وائتلافها الوطني في طريقها للبرلمان والعمل على تخطي هذه المرحلة الحرجة من عمر الدولة المصرية . وعلى شركاء الوطن المطالبين بفصل الدين عن الدولة كما قبلت به النصرانية في دول الغرب وفق مقولة : (دع ما لقيصر لقيصر ما لله لله) أن يعلموا أنه من التعسف قياس الإسلام على المسيحية لأنه من المستحيل فصل دين المسلمين عن دولتهم لأن الحياة كلها في التصوّر الإسلامي لله بدليل قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) 162 163 الأنعام وقد نظمت تعاليم الإسلام الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشمولية اختص بها الإسلام تجعل الفصل بين الدين والدولة فصلاً بين الروح والجسد . . فالعلمانية تتعارض مع نصوص الدين قطعية الثبوت والدلالة مهما أدعت العلمانية بأنها تحرص على قدسية الأديان وتنزيهها وفصل الدين عن الحياة يُعد انتهاكاً لحقوق المسلمين وأداة لمنعهم من تطبيق شرائعهم، في حين أن من أهم مبادئ "الدولة المدنية" ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طائفة أخرى !! . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]